خلق الله الناس مختلفين فى مواهبهم، فمنهم المفكرون، ومنهم المقاتلون، ومنهم الحرفيون، ومنهم الكسالى القاعدون. والله يقلب الليل والنهار، فيومُ شدةٍ يحتاج الناس فيه أولى العزم والبأس الشديد، ويوم شك وحيرة يحتاج الناس فيه ذوى البصيرة والرأى من أهل العلم والفكر، و.... والناس بطبعهم متخصصون، فبعضهم يصلح للمجاهدة، وبالتالى يبرز فى حال الغلبة والضعف للمقاومة، ويعلو نجمه فى مراحل التأسيس والعمل السرى، وبعضهم يصلح للإدارة وسياسة حال الناس، ولذا يبرز فى مراحل الاستقرار، وبعضهم طالب علم إن خرج من مجالس العلم لا يحسن شيئاً. وفى كل تخصص متخصصون. فبين أهل العلم تجد فقيهاً، ومؤرخاً، وشاعراً، و.....، وبين أهل الاقتصاد تجد إدارياً، ومن يبرز فى قطاع الخدمات، ومن يبرز فى قطاع السلع الاستهلاكية (الصناعات التحويلية)، ومن يعمل بيده، ومن يعمل بعقله.. أشكال مختلفة من التخصصات داخل التخصص الواحد. الخلل يأتى من أن يبرز فى الناس لعامل وقتٍ أو لعاملٍ خارجى نموذج ما، ثم يتغير الظرف الذى برز فيه هذا النموذج.. ويأتى المقلدون ولا يحترمون تخصصهم، ولا يلتفتون لتغير الزمان، ويصرون على تقليد النموذج الناجح... أو يصر النموذج الناجح أن يبقى فى المقدمة أبداً مع تغير الأحوال واقتضاء المرحلة غيره.. وتكون النتيجة هى إضاعة الوقت وإضاعة الجهد.. وقد تتطور لإيجاد دومات فكرية وحركية تذهب بجهد المخلصين الجادين. ينبغى علينا كأمة أن ننظر فى التحديات التى تواجهنا ثم نقدم لها مَن يناسبها، ثم حين يتغير المناخ نقدم آخر وآخر وهكذا. وإن التحديات التى تواجه الأمة المصرية خاصة والإسلامية عامة الآن هى كسر الاستبداد ... الحصول على حريات حقيقية... تفكيك النظام المستبد ... تفكيك دوائر الاستبداد داخل المجتمع المصرى، هذا هو الأهم الآن. وهى مرحلة تحتاج ذو عزمٍ شديد، وتحتاج إلى حشد جماهيرى. ذو العزم لا يعرف المواربة مع بقايا الاستبداد، ليقتلع "الاستبداد"، والحشد الجماهيرى كيما تتم بالتى هى أحسن، كما حصل مع المخلوع. فإن حضور الجماهير ضمانة لبقاء المواجهة سليمة، فإن التفرق سيغرى حَمَلَةُ السلاح (الجيش والداخلية)، باستعماله للحفاظ على ما بأيديهم، ولن نصل ونحن متفرقين إلى نتيجة فى وقت قريب وبقليل من الثمن. وقد جاءنا واضح الرؤية، ومن يظهر لنا من حاله أنه ذو عزم شديد، وقد وضع الله له قبولاً فالتفت الجماهير حوله، فإن علينا أن ندعم هذا الخيار، وأن نسير معه وبه، للحصول على حريات حقيقية... للقضاء على الاستبداد .... أن نسير لواجب المرحلة الآن، وهو الحصول على حريات حقيقية لا ادعاء.. وبعدها ستأتى مرحلة البناء. وهنا نحتاج أهل البناء من أمثال المهندس خيرت الشاطر، فإن له مرحلة لم تأت بعد. وأعرف أنه يعد الرجال لها من الآن. فى أى مرحلة، وفى أى مكان لكل منا دور يؤديه، وإن لم يكن المشاركة فالإعداد.. فلا توجد مرحلة لا يكون لك فيها دور، وإنما يوم فى المقدمة، ويوم بين الناس.. ويوم تعد فيه نفسك. أما أولئك الذين يصرون على التواجد فى المشهد مع تقلب الأحوال فإنهم عابثون.. لا يعرفون حجم أنفسهم، ولا يعرفون سنة الله فى كونه، ولذا ستجرفهم الأيام، وتفكه بأخبارهم الصبيان.