ما أن ظهر الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، على قناة "التلفزيون العربي"، في حديث له يُذاع في خمس حلقات؛ حتى قامت الدنيا ولم تعقد، وأثيرت عاصفة كبيرة ضده في الأوساط السياسية والإعلامية، أُذيعت على أثرها عدد من التسريبات له، ووصلت إلى اتهامه بالخيانة العظمى، وضرورة سحب الجنسية المصرية منه. إعلان البرادعي، بأنه توصل إلى "قناعة بأنه على الجميع في الوقت الحالي أن يتحدثوا كل بما لديه من رؤية وخبرات"، في إشارة إلى عودته للعمل العام بعد ما أسماه "انقطاعًا دام لثلاث سنوات"، لم يمر مرور الكرام على معسكر 30 يونيو الذي جيش نفسه وأدواته للهجوم عليه لمجرد أنه ظهر على إحدى الوسائل الإعلامية. وغادر البرادعي، مصر عقب استقالته من منصبه كنائب للرئيس، اعتراضًا على ما أسماه "العنف المفرط" من قبل الأمن؛ خلال عملية فض اعتصامي مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013. الإعلامي أحمد موسى، تصدر قائمة المهاجمين للبرادعي، وأذاع تسريبات صوتية له يتحدث فيها مع عدد من السياسيين والمسئولين، من بينهم رئيس أركان الجيش المصري السابق الفريق سامي عنان، إبان ثورة يناير 2011. وأشار "موسى"، في برنامجه "على مسئوليتي" على قناة "صدى البلد"، إلى أن هذه التسجيلات تكشف حقيقة البرادعي التي لم يكن يتصورها، واصفًا إياه بأنه كاذب وعميل يعمل ضد الدولة المصرية. وزعم بأن البرادعي، حصل على نصف مليون دولار، للخروج في برنامج يتبع قنوات إخوانية التابعة لدولة قطر، للحديث عن مصر وتشويه القوات المسلحة المصرية أمام العالم أجمع. وتضمنت التسريبات وجهات نظر نُسبت إلى نائب الرئيس السابق، في شباب الثورة، ورموز المعارضة، وعدد من الرموز السياسية والشخصيات العامة التي تصدرت المشهد أثناء ثورة يناير. ورد البرادعي على هذه التسريبات بقوله: "تسجيل وتحريف وبث المكالمات الشخصية "إنجاز" فاشي مبهر للعالم.. أشفق عليك يا وطني". وأضاف البرادعي، في تغريدة باللغة الإنجليزية، من خلال حسابه على "تويتر": "التنصت على المحادثات الهاتفية الخاصة من المعارضين السياسيين، وبثه على شاشة التلفزيون، يعتبر فاشية تطل بوجهها القبيح مرة أخرى". الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، وصف أحاديث البرادعي، بأنها سلسلة من الافتراءات والأكاذيب والتحريض على السلطة الحاكمة في مصر، مشيرًا إلى أن الأحاديث التي طرحها لا تهدف للتعبير عن الرأي. وأضاف أن البرادعي جاء من قبل في 2010 بأجندة أجنبية لتنفيذها في مصر، وأن الشارع المصري يعرف جيدًا أنه محرض ضد الدولة ويرفض وجوده. المذيعة المثيرة للجدل أماني الخيّاط، كان لها دور أيضًا في هذا الهجوم فقد ظهرت في برنامجها المذاع على قناة "أون لايف"، المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، لتسرد قصة حول مؤامرة دولية على مصر يقودها الإخوان بالتعاون مع البرادعي وبدعم من المخابرات البريطانية. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل طالب عدد كبير من مجلس النواب، بإسقاط الجنسية من نائب رئيس الجمهورية السابق، وسحب قلادة النيل منه، من بينهم خالد مجاهد، والنائبة الدكتورة لميس جابر، النائب فايز بركات، وعدد من أعضاء ائتلاف دعم مصر. وحذر رئيس البرلمان علي عبد العال، نوّاب مجلسه، في مستهل إحدى جلسات الأسبوع الماضي، من الظهور أو الإدلاء بمداخلات إلى القناة، التي تبثّ من لندن، معللًا ذلك بأنها "تتخذ موقفًا ضد الدولة المصرية لصالح دول وجهات معينة". وأعلن محمد البرادعي نائب الرئيس السابق، السبت الماضي، في مقابلة مع فضائية "العربي"، تبثها على 5 حلقات عن عودته للعمل العام بعد ابتعاده لمدة 3 سنوات. وأذاعت الحلقة الأولى منها، في أول ظهور إعلامي للبرادعي على شاشة عربية منذ حوالي 3 سنوات، وتأتي قبل أيام من الذكرى السادسة لثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في العام 2011. وقال البرادعي: "ابتعدت عن العمل العام 3 سنوات، بعد 16 سنة عمل عام، منها 12 في الوكالة الدولية للطاقة الذرية و4 سنوات في مصر، حاولت خلال الفترة الأخيرة نقل مصر من حكم سلطوي لحكم حر". وبشأن عودته للظهور إعلاميًا والعمل العام، قال: "لابد الآن، أن يتحدث كل شخص وبخبرته يساعد.. لن ينصلح الحال في مصر ولا العالم العربي إلا بالتوافق على العيش معًا، دون ذبح وشيطنة الآخر". وسيتحدث البرادعي في الحلقات القادمة عبر برنامج أسبوعي تبثه قناة العربي بعنوان "وفي رواية أخرى"، عن عدة قضايا أهمها: "رؤيته لمستقبل مصر، والحل الذي يتمناه لأزمتيها السياسية والاقتصادية، ورؤيته لأزمات الدول العربية، وعلى رأسها سوريا وفلسطين". وتولى البرادعي منصب نائب رئيس الجمهورية المؤقت لعدلي منصور، عقب عزل الرئيس محمد مرسي من سدة الحكم ليستقيل منه في منتصف أغسطس 2013، احتجاجًا على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقوة، مما خلف مئات القتلى والمصابين.