أثارت موافقة مجلس الوزراء على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وإحالتها للبرلمان، العديد من التساؤلات، خاصة وأن الخطوة تأتي قبل أسبوعين على نظر المحكمة الإدارية للطعن المقدم من الحكومة على إلغاء الاتفاقية المثيرة للجدل. يأتي ذلك، بينما لا تزال قضية الجزيرتين، متداولة داخل أروقة المحاكم المصرية، لحين الفصل في صحتها قضائيًا، بعد أن أحدثت جدلاً واسعًا خلال الشهور الماضية. وطرح تصديق الحكومة على الاتفاقية وإحالتها إلى مجلس النواب تساؤلاً حول مَن يحق له حسم الجدل حول تلك الاتفاقية: البرلمان أم القضاء؟، وهل يحق للحكومة إحالة الاتفاقية للبرلمان، خاصة أن القضية ما زالت منظورة في أروقة محكمة القضاء الإداري ولم يتم البت فيها نهائيًا. وقال قانونيون إن "خطوة الحكومة مخالفة للدستور والقانون، إذ أن القضاء هو مَن له الكلمة الأخيرة في تلك الاتفاقية"، فيما رأى آخرون أن "البرلمان هو مَن له الكلمة في تلك الاتفاقية ووفقًا للقانون والدستور". وقال نبيه الوحش، الخبير القانوني، إن "ما قام به مجلس الوزراء بشأن إحالة قضية "تيران وصنافير" للبرلمان، يعد مخالفة واضحة للدستور والقانون"، مضيفًا: "الحكومة بذلك خالفت المادة الخاصة بالفصل بين السلطات". وأوضح الوحش ل "المصريون" أن "القانون والدستور، ينصان على أن الاتفاقيات والقضايا الخاصة بالحدود، يتم عرضها على مجلس النواب أولاً ليبدي رأيه، ثم بعد ذلك يوافق أو لا يوافق عليها الرئيس". وأضاف: "الحكومة كان عليها انتظار حكم القضاء، وبعد ذلك تحدد موقفها من القضية"، مشيرًا إلى أن "ما حدث ليس إلا تجاوزًا من الحكومة وتعديًا على القانون". واستطرد: "الرئيس عبدالفتاح السيسي كان عليه منذ البداية عرض الموضوع على البرلمان وترك الأمر له، لكنه لم يفعل ذلك، لذا لا يحق للبرلمان الآن أن يتدخل أو يبدي رأيه بشأن تلك القضية"، كما أكد أن الكرة الآن في ملعب القضاء، وهو من له الكلمة الأخيرة في تحديد مصرية الجزيرتين أو سعوديتهما". من جهته، قال المستشار حسني السيد، المحامي بالنقض والإدارية العليا، إن "القانون والدستور ينصان على ضرورة عرض الاتفاقيات الخاصة بترسيم الحدود بين مصر وأي دولة أخرى، على البرلمان حتى يقرر رفضه أو موافقته على الاتفاقية". وأوضح السيد ل "المصريون" أن "البرلمان عليه أن يوضح أسباب الرفض أو الموافقة على الاتفاقية"، مؤكدًا أن موافقة البرلمان أو رفضه هام جدًا خاصة في مثل هذه الاتفاقيات، وهذا وفقًا للقانون والدستور. وأضاف السيد ل"المصريون": "الكلمة الأخيرة التي تحسم قضية تيران وصنافير وهل هما مصريتان أم سعوديتان ستكون لمجلس النواب. وتساءل: "لماذا لم تقم الحكومة بتقديم المستندات والأوراق التي تؤيد صحة موقفها أمام المحكمة الإدارية".؟، معتبرًا أن: "هذا يعد سقطة من الحكومة، وكان عليها أن تعرض تلك المستندات". وتابع: "مجلس الوزراء لم يقم بعرض الاتفاقية على البرلمان، رغم مرور ما يقرب من ثمانية أشهر على توقيعها؛ وهذا استكمالاً باقي الأوراق المتعلقة بتلك الاتفاقية". واستنكر المحامي مالك عدلي، عضو هيئة الدفاع في قضية "تيران وصنافير"، إعلان الحكومة موافقتها على اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية وإحالتها للبرلمان، مؤكدًا أن هذا القرار يوجب المحاكمة والعزل. وأوضح "عدلي"، في تدوينة له على موقع "تويتر" أن مجلس الوزراء لا يملك من الأساس سلطة التوقيع على اتفاقيات دولية بحكم الدستور، ولا أحد يملك التنازل عن أرض مصرية بحكم الدستور، ولا يملك المضي في إقرار اتفاقية باطلة بحكم القضاء. وأكد أن الحكومة بإقرار تلك الاتفاقية تضع نفسها على أقل تقدير تحت طائلة المادة 123 من قانون العقوبات التي تعاقب بالحبس والعزل كل موظف عام امتنع عن تنفيذ حكم قضائي، لافتًا إلى أنه لا يوجد برلمان أو سلطة في العالم تملك انتهاك أحكام الدستور الذي أقسمت على احترامه. وأشار إلى أن هذه الخطوة التى أقدمت عليها الحكومة "ما هى إلا دليل على انتصارنا في معركتنا القانونية ودحض كل حجج وروايات الحكومة حول عدم مصرية الجزيرتين، لذا يتم اللجوء إلى سياسة "هو كده.. وإن كان عاجبك"، ولا عزاء لدولة القانون والمؤسسات. وناشد "عدلى" السلطة القضائية قائلًا: "الكرة الآن في ملعب السلطة القضائية التي تنتهك أحكامها على الملأ.. وتحركنا القانوني القادم سنعلن عنه في حينه". وأحال مجلس الوزراء، الاتفاقية إلى لمجلس النواب، وذلك طبقًا للإجراءات الدستورية المعمول بها فى هذا الشأن. وأضاف أنه تم العرض على مجلس الوزراء بعد استكمال كل الترتيبات والإجراءات مع كل الأطراف اللازمة للعرض، وكان مجلس الوزراء قد تلقى عددًا من طلبات الإحاطة بشأن عدم إرسال اتفاقية تعيين الحدود البحرية إلى مجلس النواب وفقاً لنصوص الدستور. وكانت مصر قد وقعت اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود البحرية، مع المملكة العربية السعودية في شهر أبريل الماضي، والتي تنص على أن تتنازل القاهرة عن جزيرتي تيران وصنافير للرياض. وقالت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا، قبل أسبوع، إنها "رفضت حيثيات طعنين مقدمين من الجهات الرسمية بينها الرئاسة على حكم صادر في يونيو الماضي يقر بمصرية الجزيرتين". وأوضحت الهيئة في تقريرها الاستشاري المقدم للمحكمة، أن "هيئة قضايا الدولة، لم تقدم أية أسانيد جديدة أو أدلة توحي للمحكمة بوقف تنفيذ الحكم الصادر".