اعتبرت قيادات السنة في العراق أن بلدهم محتل ومنزوع السيادة من قبل احتلالين مباشرين : أمريكي عسكري ، وإيراني صفوي أمني ثقافي اقتصادي ، وهو يفت في عضد المجتمع العراقي ، ولا يقل خطورة عن العسكري .. وقالت إن المقاومة ، وليس شيئاً سواها ، هي التي ستحرر العراق .. جاء ذلك في ملتقى لمثقفي السنة انعقد في بريطانيا الأسبوع الماضي .. وتضمن البيان الختامي للملتقى بعض النقاط الأساسية حرصت قيادات سنة العراق على تأكيدها وإبرازها .. وفيما خص الاحتلال قالت انه أصبح ثابتاً عند العراقيين والعالم أجمع ، أن الجيش الأمريكي لم يأتِ لتحرير العراق ، وإنما لنقله من جحيم كان لهم ضلع فيه إلى جحيم طائفي أشد سوء . ويتحمل المحتل مسؤولية تدمير العراق وبناه التحتية والبشرية تدميراً كاملاً ، وتشجيع الإرهاب ، وتلويث البيئة وانتشار الأمراض الغريبة الناجمة عن استخدامه أسلحة الدمار الشامل ، ومطالبته بالتعويضات . وفيما خص المقاومة قالت إنها حق طبيعي للشعوب ، ضمنته الشرائع السماوية والأرضية والأعراف الدولية والأمم المتحدة . واعتبرت أن المقاومة وليس شيئاً سواها ، هي التي وضعت العصي في الدولاب الأمريكي ، وأنقذت شعوب المنطقة من جحيم احتلالات مماثلة ، لا بل هي أراحت العالم أجمع من سيناريو قرن ينفرد فيه اليمين المسيحي المتصهين بمفاهيمه المجنونة . وقالت إن المقاومة هي التي خفضت سقف الاحتلال ، وأدخلته في مسلسل التنازلات وقبوله بالانتخابات ، بعد أن كان ينوي حكماً مباشراً للعراق إلى أجل غير مسمى ، والحذر كل الحذر من أن يسرقها سماسرة الانتخابات . وحذرت من تشويه صورة المقاومة والإيقاع بينها وبين الشعب ، وقالت إن الأعمال العشوائية التي تقع في العراق ويذهب ضحيتها آلاف الأرواح البريئة ليست غريبة على أساليب المحتل وأعوانه . وركز البيان على أن العراق بلد عربي مسلم ، ضم على مر العصور العرب والأعاجم ، المسلمين وغير المسلمين، وهو من بين البلدان الفسيفسائية القليلة الناجحة في الزمن المعاصر ، الذي أثبت شعبه المتعدد الأعراق والأديان ، القدرة على التعايش والبناء والتنافس مع الشعوب الأخرى، وتحقيق مقومات الدولة المدنية وفي مجتمع متعدد الأعراق والمذاهب كالعراق ، لا يمكن نفي وجود ملفات معلقة بين مكوناته المحتفلة ، لكنها ملفات تناقش ضمن حدود البيت العراقي ، وهي ملفات ترجئها وتحد من انعكاساتها الدولة المدنية ، وتنتعش في غيابها على نحو لا يخدم الصالح العام . وقال البيان أن حقبة ذبح الوطن ومؤسسات الدولة المدنية والسياسية ، وواقع الاستقطاب المذهبي الذي أحدثه الاحتلال الصفوي ، واستفحال السمسرة السياسية ، هذه الحقبة تضع نخب المكونات الأساسية للمجتمع ممن يرفع الشعارات الوطنية، يضعها أمام مسؤولية ملء فراغ سياسي خطير ، وتحتم عليها مخاطبة شارعها بخطاب واضح لا لبس فيه، ينأى بنفسه عن الشعوبية القادمة من الشرق والمستترة ببرقع الدين، التي تفت في عضد العراق اليوم ، ويخدم هويته العربية الإسلامية التي هي الضامن الوحيد لتماسك مجتمعه ووحدته الوطنية . وحول الهوية ودور الأغلبية .. قال البيان أن أهل السنّة بحاجة ماسة إلى إعادة اكتشاف الذات ، وتصويب مفاهيم معاصرة أقصتهم عن أدوارهم التاريخية في إدارة شؤون مجتمعاتهم ، وضمان حقوق الأقليات التي عاشت تحت خيمتهم ، ومطالبون بالارتقاء إلى دور المسؤولية الملقاة على عواتقهم كأغلبية سياسية تاريخية ، سواءً في العراق وغيره . وهاجم البيان إيران بشدة وقال أن الاحتلال اثبت بشكل قاطع أدوار إيران التاريخية المتكررة في المنطقة ، ومصالحها المشتركة على مدى التاريخ مع القوى الخارجية ، وضد جيرانها ، وفي مقدمتهم العراق ، وهي تفاخر وتجاهر بأنها من أعان على إسقاط عاصمتين جارتين مسلمتين بيد قوات أجنبية غازية وفي ظرف أقل من عامين ، هما بغداد وكابل . وقال إن استغلال إيران لملف العلاقات بين سنة العراق والشيعة العرب ، واستغلالها للظرف العراقي بنوازع وطرق لا يمكن وصفها إلا بالصفوية، ودخول عشرات الألوف من الإيرانيين إلى الأراضي العراقية، والتحالف مع طوابير داخلية أمر خطير لا يمكن السكوت عنه . واختتم البيان محذرا من الدور الإيراني ذي البعد القومي الفارسي السافر ، الذي لن يقف عند حدود العراق ، وهو يستفيد في تمدده من الأوضاع الاقتصادية والمعاشية المتراجعة في المجتمع العربي ، ومن قبول الدول الإقليمية الرئيسية بدور المتفرج ، وإحجامها عن أدوارها التاريخية في الموازنة السياسية في المنطقة ، وصدها للتدخلات الخارجية .