"مصر كانت هضيع، مصر شبه دولة، مصر وطن ضايع"، عبارات استخدمها الرئيس عبدالفتاح السيسي ليصف حال مصر في فترة حكمه، لتفجر موجة من السخرية والانتقادات، خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي مايو من العام الماضي خلال إطلاق شارة البدء لموسم حصاد القمح بالفرافرة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر حاليا ليست دولة حقيقية، وإنما هي شبه دولة. وأضاف: "إحنا مش في دولة حقيقية.. طلوا على بلدكم صحيح ..دي أشباه دولة مش دولة حقيقية" وتابع: "إحنا بنتكلم على دولة قانون ..دولة مؤسسات تحترم نفسها والعالم تحترمها.. وأوعوا تفتكروا إن ده هيحصل والعالم هيسيبنا.. وكل ما تنجحوا اكتر أهل الشر هيدوروا هعلى مكايد اكتر". وخلال كلمته في احتفال مصر بذكرى المولد النبوي الشريف في الأسبوع الماضي، قال: "كنت أعلم جيدا أن الدولة لو تركت على حالتها كانت هضيع"، مضيفًا: "والله ما كان فى خير تانى غير اللى احنا بنعمله دلوقتى". وخلال حديثه في جلسة "قضايا التعليم"، من الحوار الشهري الأول للشباب اليوم، قال السيسي، إن العديد من الدول المحيطة بمصر، كانت في مراتب أكثر تقدمًا في التعليم، لكن مع الثورات والفوضى واشتعال النزاعات، ظهر أنهم لم يكونوا ناجحين في التعليم، لأنهم لم ينتجوا عقولاً قادرة على التعامل مع هذه الأوضاع. وتابع: "ممقدروش يصيغوا شخصية ضد القتل والدمار، يبقى فشلوا في التعليم". واستدرك قائلاً: "ينفع التعليم في إيه مع وطن ضائع، لا.. ده إحنا عندنا تحديات كبيرة جدا". ورأى الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن "حديث السيسى اليوم يحمل معنى واحدًا هو أن التعليم الوحيد الذى يستحق صفة التعليم هو التعليم العسكري الذي ينتج لنا عقولاً تسمع وتطيع، باعتبار أن السمع والطاعة هي علامة انضباط العقل الذي يتحرر من آفة النقد وآفة طرح الأسئلة، وآفة الفهم والعياذ بالله"! وأضاف عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "فأصحاب مثل هذه العقول المتحررة من كل هذه الآفات يكونون مواطنين صالحين بلا لا إرادة يمكن أن تثور على أوضاع فاسدة ضيعت الوطن الذي وصفه رئيس الدولة المسئول عنه بأنه "وطن ضائع" بعد أن كان قد وصف الدولة بأنها "شبه دولة"! وتابع حسني :"هكذا يستكمل السيسى مسار إضاعة مصر بثقافته الضحلة التي لا ترى استقرار الأوطان إلا فى رفض نماذج التعليم التي تدرب العقل على التفكير النقدي، كما تستنهض غيره من أنماط التفكير التى يمكن أن تقود إلى ثورة على فساد نظام سياسي فاحت رائحته، أو إلى مساءلة "المسئولين" عن هذا الفساد، ناهينا عن محاكمتهم على جريمتهم !". وأوضح: "يتصور سيادته - بحكمته التي يختال بها علينا في كل مناسبة - أن التعليم يكون فاسداً إن هو لم يمنع الثورة على النظم القائمة، لكنه لم يتصور أن النظام هو الذي يكون فاسداً إن هو لم يترك للمواطنين سبيلاً لإصلاح حياتهم إلا بالثورة عليه !". ومضى قائلاً: "علها تكون المرة الأولى في تاريخ الإنسانية التي ينتحر فيها رئيس دولة بكل هذا الإصرار على تجاهل دروس التاريخ بهذا الطرح لرؤيته لقضية التعليم، وعلى معاندة قوانين التقدم والتطور الإنساني بهذا المستوى من التفكير الذي لا يعرف أن إصلاح نظام الحكم والنظام السياسي هو شرط استقرار الدول،". مستدركا:"إحدى علامات صلاح نظم الحكم هي التعليم الجيد الذي يحرر عقول المواطنين وإراداتهم، فلا يعودون يقبلون بنظم فاسدة ترى أن الدول المسئولة عن مصيرها هذه النظم هي مجرد أشباه دول، وأن الأوطان المؤتمنة عليها هذه النظم هو مجرد أوطان ضائعة، تحكمها عقول وضمائر لا عمل لها إلا إفساد كل شئ، وإلا إضاعة كل أمل في المستقبل !!".