يقال أنه فى حالة ما اذا كانت الدولة أو الوزارة أو حتى الشركة فى حالة صعود ، فإن أصحاب الامكانيات المتوسطة يبدون للرائى وكأنهم اصحاب مواهب عظيمة ... وأما اذا كانت الدولة فى حالة انحدار (كما هو الحال) ... فإن أصحاب الكفاءات يبدون في أقل درجة ولا يستحقون مكانتهم أو حتى وظائفهم ... فما بالك وإن كان الشخص المعنى غير كفء والدولة في حالة انحدار! ما دعاني إلى هذه المقدمة ، هى تصريحات فقهاء السلطة التي تأخذ على الناس بجريرة سابق علاقتهم بالحكومة وفى المقابل يتنصل الخلق من هذه العلاقة . أثناء الحملة الانتخابية لمنصب نقيب المحامين توجهت رانيا غانم بالسؤال التالي للأستاذ رجائي عطية: يتهمك البعض بأنك مرشح الحكومة لأنك معين في مجلس الشوري وتكتب في 4 صحف قومية وتلميعها لك بالإضافة إلي علاقتك بأبناء الرئيس. جاء رد الأستاذ رجائي : أولا لا توجد لي علاقة بأبناء السيد الرئيس، وهذا كلام صغير يردده صغار.. لم يزد الأمر سوي أني وكلت في قضية أديت فيها دوري عام 97 وانتهي الأمر ولم أقابل أحدا منهما وانتهي الأمر (جريدة الأسبوع عدد رقم 415 بتاريخ 7 مارس 2005م). واضح من السؤال ومن الإجابة أن هناك استنكارا لهذه العلاقة ... بتاريخ 26/5/2006م بجريدة المصري اليوم تفضل مصطفى الفقى بحديث يشير فيه إلي اجتماعه مع الدكتور عصام العريان وأحمد سيف الإسلام واستمع اليهما وقالا له : يودان أن يصل ذلك إلي علم الرئيس ومسامعه. كما تفضل قبل ذلك عماد الدين اديب بتذكير الأستاذ محمد حسنين هيكل وبلغة لا تخلو من تحدي .. بأنه (أى هيكل) كان يسعى للتقرب من الرئيس مبارك. والغريب أن اللغة تبدو وكأنها لغة تهديد بكشف هذه العلاقة والطعن الاعتباطي في مصداقية الخصوم ، مما جعلني أغرق في نوبة طويلة من الضحك وأسأل نفسى ... ماذا أصاب هؤلاء الناس ، هل العلاقة مع الحكومة أو الاقتراب منها مدعاة للتهديد بكشفها ليعرف الناس حقيقة هذه العلاقة ... الناس لا تهدد بعضها إلا إذا كان هناك شئ معيب فى علاقة يسعى الطرف الأعلى مكانة لسترها ، كالزواج فى السر ، أو أي علاقة غير سوية ... وهنا تنشأ لغة التهديد ... وغالبا ما تأتي من الطرف الأقل أو الذى أفلس ولم يعد لديه ما يعينه على حوائجه ... متناسيا أنه كان طرفا بل لعله الطرف الأكثر فجرا فى هذه العلاقة. والذي يمكن أن نلمحه فى هذا الحديث ، أن صاحبه يقر ضمنا بضعف الطرف الذي يمثله قد يقال أن النظام حين يكشف عن علاقة سابقة مع أي طرف من المعارضة إنما يفعل ذلك ليكشف للناس كذب ادعاءات هذا الطرف وزيف برنامجه المعارض للحكومة ... أى أن المعارض يعارض بوجه ويتحالف ويتبادل المصالح مع الحكومة من خلف ظهر الرأي العام . وحتى إذا سلمنا بهذا المنطق ... فيبقى أن الحكومة أيضا شريكة فى هذه العلاقة الغير سوية .... غير أن ذلك كله غير صحيح ، فليس معني أن العريان اجتمع بالفقي ، يصبح ذلك وصمة وسابقة يؤاخذ بها العريان في كل مناسبة وإلا كان ذلك اعترافا من الحكومة بفسادها وأنها طرف لا يصح لأي معارض أن يتصل بها ... وسوف تفضحه وتقول بأنه يوما ما كان على علاقة معها.... لا أريد الهزل في موضع الجد ولكنها للأسف الحقيقة وهو الأمر الحادث أمامنا . أما إذا أخذنا بمنطق المؤامرة (وهو احتمال غير مستبعد) فالمراد هو دق إسفين داخل جماعة الإخوان الغرض منه كشف التيار المعارض للتوريث (ومنه عصام العريان) بأنه على علاقة وطيدة بالنظام ويتبادل المصالح معه – من الباب الخلفي - وبذلك يسوء الموقف داخل الجماعة .. وهو الآن الهدف الاستراتيجي الذي يسعي النظام إلي تحقيقه (أدعو الله ألا يتحقق أبدا) وهو تفتيت هذه الجماعة المتماسكة والتي يتحدث كل أعدائها بغيظ من دقة تنظيمها الذي يشعره المرء أنه بات أمرا مسلما به لدى كل جماعات المعارضة والحكومة ... أن الاتصال بالحكومة بأي طريقة ... يضع الناس في موضع شبهة .. وذلك مردة إلي كم الفساد الفاجر (عيني عينك) الذي يمارس حتى في أبسط الأشياء ... (في بداية موضوع العبارة ، كان لدي قناعة تامة أن الموضوع سوف يصل إلي ما وصل إليه ، وذلك نتيجة التصريحات الاولي – وأظن أن هناك كثيرين أنتابهم نفس الشعور) [email protected]