أستاذ العلوم السياسية ووزير الشباب الأسبق فى حوار مع «المصريون»: - طول مدة حكم مبارك وراء سقوطه فكما تشيخ الأفراد تشيخ النظم السياسية - الدستور لم ينفذ ولم يطبق بالشكل الصحيح - قواعد اللعبة السياسية لم تستقر.. والرئيس غير مضطر للظهور الإعلامي - الوضع الاقتصادى حرج جدًا وناتج عن مجتمع يتظاهر منذ 5 سنوات - بيان البرادعى غير موفق وصدر فى توقيت خاطئ خلق لبسًا كبيرًا حول هدفه - لا ألاحظ سعيًا حقيقيًا لتحقيق أهداف مؤتمر الشباب.. وهناك قضايا هامة لم تناقش بجدية فيه - سياسات الحكومة غير متناسقة مع البنك المركزي.. وهناك انعدام مصداقية مع الشعب - ثورة يناير أنهت وجود الحزب الوطني.. لكن بعض أفراده نجحوا الظهور مجددًا - الحديث عن الثأر من ثورة يناير هو عدم احترام لشعب مصر.. والزمن لا يعود للوراء
قال الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وعضو أمانة السياسات فى الحزب الوطنى المنحل، إن الدعوة للخروج فى يوم 11 نوفمبر هى دعوة مشبوهة وناتجة عن حالة سيولة سياسية تعيشها مصر منذ ثورة 25 يناير، معتبرًا أن الهدف من وراء الدعوة هو "لفت الأنظار" وهو ما قد يترتب عليه حدوث أعمال إرهابية بهدف تخريب مؤسسات الدولة. وخلال حديث هلال فى حواره مع "المصريون"، دعا إلى عدم الحديث عن الماضي، قاصدًا عصر الرئيس الأسبق مبارك وما يتردد عن سيطرة البعض على القرار السياسى وقتها فى أمانة سياسات الحزب الوطنى المنحل، مؤكدًا أنه لم يعد موجودًا بعد قيام ثورة يناير وأن الحديث عن خطة لثأر بعض الشخصيات المحسوبة عليه منها ومن المشاركين فيها هو ضرب من الخيال، مشددًا على أن الزمن لا يعود للوراء. رؤيتك للوضع الحالى لمصر؟ المشهد السياسى لا زال يتسم بالسيولة وسرعة التغيير ولم يستقر العمل السياسى رغم وجود حكومة ورئيس، إنما الدستور لم ينفذ, وما ينص عليه لم يطبق بالشكل الصحيح, ولذلك الجميع يحاسب الرئيس السيسى على أنه المسئول الوحيد عما يحدث، فهناك ملفات كثيرة مفتوحة لم تغلق وأثيرت أكثر من مرة, وأكبر دليل على ذلك التوصيات الثمانية التى صرح بها الرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب بشرم الشيخ, هناك حالة من السيولة أعنى بها الموضوعات والمشاكل التى لم تحسم وإثارة المجتمع وملفات التى لم يتخذ قرارات حاسمة بشأنها, فقواعد اللعبة السياسة لم تستقر, جزء من السيولة أيضا أن يضطر رئيس الجمهورية للظهور بشكل مستمر لشرح الأوضاع للناس وهذا ليس دوره, هناك قبل رئيس الجمهورية 20 حائط سد, فالوضع الصحيح لظهور الرئيس عندما تعجز الناس عن تفسير الأمور. - وماذا عن الوضع الاقتصادي؟ الوضع الاقتصادى حرج جدًا, فى السابق كانت هناك مشاكل اقتصادية بالفعل لن ننكرها لكنها لم تصل إلى هذا الحد التى نحن نتعرض له الآن, لكن هذه النتيجة طبيعية جدًا نتيجة لمجتمع يتظاهر منذ 5 سنوات, والاستثمار فى مصر خلال ثلاث سنوات كان بالسالب, وذلك لعدم وجود دخل مثل السياحة، ومعظم أصحاب المصانع كانوا يغلقون أبوابها ويرحلون, بجانب الحد الأعلى للأجور الذى ساهم فى تفاقم الأزمة وزيادة الأعباء على الحكومة, وعدم أو قلة مساعدات الخليج, وانخفاض دخل قناة السويس, ويرافق ذلك زيادة عدد السكان لأكثر من 2 مليون كل عام. - كيف فسرت بيان البرادعى الذي أصدره مؤخرًا؟ لدى وقفة كبيرة وهامة هنا بخصوص توقيت إعلان هذا البيان, هو يقول أنا هناك ما أسماه الإفك والكذب, فأنا لا أذكر أن هناك أى انتقادات وجهت إليه خلال آخر أسبوعين, إذا كان هدفه الحقيقى كما قال إنه يصحح الصورة الحقيقة عن نفسه, فتوقيت صدور البيان فى ذلك الوقت وقبل أيام من يوم 11 نوفمبر يزيد الموضوع غموضًا حول أهداف هذا البيان الحقيقية، وما وجه العجلة, أنا لا أتهم أحدًا ولكن إذا كان من المحتمل أن يكون هذا البيان هو جزء من شيء, فهو بيان غير موفق فى توقيت خاطئ، وخلق لبسا كبيرا حول هدفه. هل تتعرض مصر لمؤامرة فى رأيك؟ أنا ممن يستخدمون كلمة المؤامرة فى أضيق الحدود, فكلمة مؤامرة كلمة يتجه إليها البعض لكى يعفوا أنفسهم من التحليل العلمي، فمصر على مر التاريخ تعرضت للعديد والعديد من المؤامرات لإسقاطها, والمؤامرة تظهر غير ما تبطن, فهناك الكثير من الأشخاص والبلاد يريدون إسقاط مصر, والجدير بالذكر ما دمنا نتحدث عن المؤامرة.. فإن هناك حدثا مر الأسبوع الماضى من أعظم الأحداث فى تاريخ مصر وهو ذكرى العدوان الثلاثى على مصر يوم 29 أكتوبر, أليس من الغريب أن يمر هذا الحدث مرور الكرام؟ لم يذكره الإعلام والصحف المصرية إلا القليل جدا وكأنهم "صم بكم". تقييمك لتجربة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مؤتمر الشباب من واقع خبرتك كوزير للشباب والرياضة سابقا؟ هو نقطة مهمة جدًا إذا قمنا بالتعامل معها بجدية, فخلال الثلاثة أيام السابقة كانت كل القنوات تعلن أحداث المؤتمر وتقوم بتغطيته بشكل كامل, ثم مر الحدث مرور الكرام وهذا هو الخطأ, كان يجب أن يسعى الجميع وراء تحقيق أهداف المؤتمر والمشاركة ويجب أن تفعل ذلك وسائل الإعلام، إلى جانب أن هناك قضايا هامشية بالمؤتمر لم تأخذ حظها وأنا أعتقد أن البطالة من أهمها لأنها أهم أزمة تواجه الشباب والمجتمع وتعرضهم للاكتئاب, الجهاز المركزى أعلن أن نسبة البطالة تتخطى ال 27 % وهذا يجب التوقف عنده, لأنها تنتج بعد ذلك شبابًا مجرمين عندما يتواجد شاب تخطى ال 30 من العمر ولازال يعتمد على أسرته, هذا هو الخطر الحقيقي, ويمكن أن يتحول للأفكار المتطرفة, فإيجاد فرص عمل للشباب هو إصلاح للبلاد. ما رأيك فى حكومة شريف إسماعيل وتقييمك لتعامل بعض المسئولين مع الأزمات التى أثارت غضب الشعب المصري؟ سياسات هذه الحكومة غير متناسقة مع البنك المركزي, فأنا لم أستمع لمسئول حتى الآن يعلن عن السبب الحقيقى لأزمة السكر, كوزير التموين أو وزير التجارة والصناعة, لكن كل التصريحات تدور حول أن إنتاج مصر من السكر والاحتياطى يغطيها, هناك أسلوب أنا لا أفهمه وله نتائج مدمرة, مثل الحجز على مصنع السكر, فهو كمصنع الأحذية لديه مخزون من الجلود تكفيه عدة أشهر, كذلك الهجوم على محلات الصرافة لم يحل الأزمة, الأسلوب الأمنى فى الاعتقال أو المصادرة غير صحيح, أنا لا أسمع تصريحات من المسئولين تعلن عن السبب الحقيقى لهذه الأزمات، وهذا ما يزيد الفجوة وأقصد عدم تصديق الشعب للحكومة, وهذا من الأشياء السلبية أن يكون هناك حكومة لا تتمتع بالمصداقية, فالمصارحة هى خير طريق, فإذا كان السبب عدم وجود سيولة كافية فالإعلان عن حقيقة الوضع الحالى مهما كانت الأسباب سواء التزامات دولية أو قروض أو غيره أمر مهم جدًا. إلى أى مدى يتحمل الإعلام مسئولية ذلك؟ سأضرب مثالاً على ذلك.. فعلى قناة النهار بدأ الأخ خالد صلاح منذ أسبوعين إعلان بعض خطابات الرئيس جمال عبد الناصر, عندما تعرضت مصر فى عهده لأزمات مشابهة وأعلن فيها أن أمريكا هى المسئولة والمتسببة فى ذلك, فخلال البرنامج أعلن أن أمريكا تصدر لنا سكر وزيت وفراخ والعديد من السلع وأنا أقول له إذا كان السكر أداة الضغط على بلدى فليذهب السكر إلى الجحيم, وإذا كان الشعب المصرى يأكل لحمة ثلاثة أيام فى الأسبوع سيأكل يومين فقط, أهم شيء بالنسبة للفقراء العيش, من غير السكر مش هنموت، أما تصريح وزير التموين "أن يستبدل المصريون السكر بالعسل" فكان من الأفضل أن يقول من يتناول ثلاث ملاعق سكر فى الكوب الواحد تكفيه ملعقة وإذا كان لا يوجد بالفعل فهو أكبر دليل أن الشعب قادر أن يعيش بدونه, فتعامل الحكومة مع الأزمات يحتاج إلى المراجعة, أعلم أنه ليس كل ما يعرف يقال, لكن أكيد هناك ما يقال من أسباب حقيقية, فلا نستهزئ بذكاء الشعب, الذى استطاع أن يسقط رئيسين ونظامين خلال ثلاث سنوات, لقد خرج الشعب من القمقم. وما رأيك فى تناول الإعلام المصرى حاليا للقضايا فى مختلف المجالات؟ هناك إعلام لديه مبالغات لا يصدقها العقل ونراه للأسف من بعض الناس الذين يتحدثون عن الحكومة, الذى يؤكد أن هناك مؤامرة دولية علينا ثم لا يشير إلى من هم أطراف هذه المؤامرة وكيف يقومون بها ومن يساعد على إنجازها, فأنا أعلم أن هناك دولا لا تحب النظام القائم وهناك قوى بالعالم لا تريد لقيادة السيسى أن تنجح, وأنا أعلم ذلك جيدا, وهذه هى المؤامرة الحقيقية، كما أن هناك إعلامًا شديد المبالغة ويتهم أى رأى مخالف بالضلال, وإعلام الإثارة فأصحاب هذه القنوات أو المواقع لم يكن هدفهم الأعمال الخيرية, هم يريدون الربح فقط, ومن ثم تم رفع أجور الإعلاميين العاملين بها لأرقام غير معروفة, لكن رغم ذلك هناك إعلام جاد يعلن الحقيقة كما هى دون تحريف. هل عادت أمانة سياسات الحزب الوطنى إلى المشهد السياسى الحالى كما يردد البعض الآن؟ كما قلت سابقا فى حديثى مع الإعلامى "وائل الإبراشي"، فإن الحزب الوطنى لم يكن تيارًا واحدًا ولا فكرة واحدة, كان يجمع مجموعات من الناس منهم من يتكلم عن الإخوان المسلمين ومنهم الأقرب للجماعة، وبقيام ثورة يناير تفكك الحزب الوطنى ولم يعد, التاريخ لا يعود للوراء, لكن بعض أفراد أمانة الحزب نجحوا فى أشياء كثيرة كوضعهم على قوائم الأحرار وحب مصر والمستقبل والوفد. ما رأيك فى محاولات أحمد عز للمشاركة فى الحياة السياسية مجددًا؟ مجرد تصور إحياء الوضع القديم بكل تفصيلاته هو ضرب من الخيال، لكن يمكن وفى حالة واحدة فقط, وهى الدفاع عن الأمن القومى المصرى بجانب الجيش، فالجميع سيكون لهم وقفة هم وغيرهم, ولا ننكر أنه بعد يناير ويونيو الإطار السياسى أصبح مختلفا وكل الأمور تغيرت. وكيف رأيت محاكمة مبارك وغياب رجاله عن المشهد وكل ما يخص أمانة الحزب الوطني؟ وتقييمك لتجربة الحزب بشكل عام؟ دعينا نتحدث عن الحاضر وليس الماضي.. أنا أفضل ذلك. بعد تأكد نواب الحزب الوطنى من عدم عودتهم للمشهد مرة أخرى.. فهل ترى أنهم قد يحشدون للانتقام من ثورة 25 يناير ومحاولة محوها؟ هذا التفكير قاصر ومحكوم عليه بالفشل, ثورتا يناير ويونيو قام بهما الشعب وهناك رموز لو وجدت فى 25 يناير ليس لها وجود فى 30 يونيو, المثير للجدل أن هناك أشخاصًا تأثرت وتثير هذا الكلام للدفاع عن مصالحهم, لكن الجماهير العريضة للمصريين لم يكن هذا فى ذهنها، فأى حديث عن الثأر من ثورة يناير هو عدم احترام لشعب مصر. من خلال وجودك بالحزب الوطني.. هل شعرت بمقدمات لثورة؟ وما تفاصيل ما دار داخل الحزب؟ نعم شعرت قبل قيام الثورة خلال العام الأخير كله وأعلنت ذلك لكنى لا أدعى البطولة وأشرت إلى ذلك خلال اجتماعات داخل الحزب بالقوى السياسية الموجودة بالبرلمان، وأعلنت بالحرف الواحد لن يصدق أحد لا بالخارج ولا الداخل أن حزبنا ال 88 مقعدا يتخذها الحزب, بالأخص مقاعد الإخوان سيترتب على ذلك "مصيبة", وقلت نصًا أنا أكثر حرصا على الاستقرار السياسى من استقرار الحزب. وكيف كانت مظاهر ذلك؟ مظاهر هذه الأزمة خلال العام كانت عديدة كالمظاهرات والاعتصامات, أشكال مختلفة, المؤشرات كانت كثيرة, وأن هناك غضبًا يزداد خطورة. ما أسباب سقوط الرئيس محمد حسنى مبارك من وجهة نظرك؟ طول مدة الحكم السبب الرئيس لأن طول مدة حكم رئيس الدولة هى طول مدة الرؤساء المحيطين به، فكما تشيخ الأفراد تشيخ النظم السياسية كما أن عدم نفى موضوع التوريث بشكل حاسم وقاطع, من أهم أسباب السقوط, ففى نهاية حكم الرئيس مبارك لم يكن حاسمًا فى هذا الأمر كما كان من قبل, ومن أهم التصريحات التى تركت آثارًا سلبية لدى كثير من المصريين, لقاء الرئيس مبارك فى حديث مع صحفى أمريكى شهير يدعى "تشالى روز" سأله ما حقيقة الشائعات والأقاويل فى مصر على اتساع سلطته، وكانت إجابته أنه لم يتحدث معه فى ذلك من قبل, وسأله عن اعتقاده من سيكون رئيس مصر القادم أجاب الله أعلم, أنا لا أعرف.. كذلك فكرة اختلاط السلطة بالثروة, لأنه يعطى الانطباع بأن التشريع يتم لصالح فئة معينة. - ما مدى صحة ما أشيع عن أن هناك "شلة" حول الرئيس الأسبق مبارك أثرت عليه ودفعته باتجاه الأخطاء.. وما كواليس العلاقة بين مَن يطلق عليهم "الحرس القديم والحرس الجديد" داخل الحزب والأمانة؟ لم أشترك ولم أستمع إلى أى حديث، ولكن كان هناك جو من الغموض والالتباس حتى فى الاجتماعات, وكنا لا نعرف من يقوم بتوجيه هذا الكلام أو القرارات التى كان يتحدث عنها جمال وبعض القيادات, وهذا الالتباس سمم علاقات الكثير بين القيادات وبعضهم وكان يتهكم علينا بعض قيادات الحزب صغار السن, أو ما يسمى الحرس الجديد.