قررت اللجنة الوزارية الاقتصادية في اجتماعها منذ أيام برئاسة المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء، خفض التمثيل الخارجي في البعثات الدبلوماسية التابعة للوزارات بنسبة 50% والاعتماد على كوادر وزارة الخارجية في تنفيذ ومتابعة الأعمال , كما قررت اللجنة الوزارية الاقتصادية أيضاً ترشيد وضغط الإنفاق في الوزارات والهيئات والجهاز الإداري للدولة بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20% دون المساس بالأجور والرواتب والاستثمارات. ومن المؤكد أنه لا يمكن أن تمر هذه القرارات المتعلقة بترشيد الإنفاق الحكومى, بدون أن نناقشها ونحللها بشكل مستفيض من واقع المستندات والوثائق والأرقام الرسمية لنعرف مدى جدية الحكومة فى هذا الأمر , ولنكشف حقائق مثيرة تتعلق بالموازنة العامة للدولة لهذا العام . فى البداية يجب التأكيد على أن قرارات ترشيد الإنفاق الحكومى خطوة جيدة تستحق الإشادة والتقدير , إلا أنها على أرض الواقع لن يكون لها تأثيرات كبيرة كما يتصور البعض ,حيث أن الجزء الأكبر من الموازنات فى كل الجهات الحكومية يكون للأجور والمرتبات والحوافز والإستثمارات وغيرها وهى الجوانب المستثاة من قرارات الحكومة الأخيرة . ولذلك سوف نكشف فى السطور القادمة مجموعة من الأرقام الرسمية التى تكشف بما لا يدع مجالاً للشك ( السفه ) الحكومى فى الإنفاق والذى يؤدى إلى إهدار المئات من المليارات سنوياً من المال العام دون حسيب ولا رقيب . وفى السطور القادمة سوف نكشف عن بعض أوجه هذا السفه الحكومى فى عدد من الوزارات والهيئات , ونتمنى أن تكون هناك جهات رسمية تتابع وتقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذا الإهدار العمدى للمال العام فى الوقت الذى تحولت فيه حياة الغالبية العظمى من المواطنين إلى جحيم لا يطاق بسبب موجات الغلاء التى لا تتوقف . تشير الأوراق والمستندات الرسمية – لدينا صورة منها – أن موازنة ديوان عام وزارة الخارجية للسنة المالية 2016 – 2017 تصل إلى 3 مليارات و480 مليون و190 ألف جنيه مقابل الإعتمادات فى موازنة العام الماضى 2015 – 2016 والتى تبلغ 3 مليارات و219مليون و673 ألف جنيه بزيادة قدرها 260 مليوناً و517 ألف جنيه . وقد بلغت الزيادة الجديدة المخصصة لباب ( الأجور وتعويضات العاملين ) 2 مليار و437 مليون جنيه بزيادة قدرها 216 مليون و307 ألف جنيه مقابل 470 مليون جنيه للباب الثانى فى موزانة الوزارة ( شراء السلع والخدمات ) بزيادة قدرها 37 مليون و60 ألف جنيه . بينما بلغت تقديرات الباب الرابع ( الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية ) 266 مليون و532 ألف جنيه , فى حين بلغت تقديرات الباب الخامس ( المصروفات الآخرى ) – لم يتم تحديد أوجه صرف المصروفات الآخرى – 216 مليون جنيه !!! . أما الهيئة العامة لصندوق تمويل مبانى وزارة الخارجية بالخارج فتبلغ موازنتها فى العام الحالى 2 مليار و331 مليون و505 ألف جنيه , بزيادة قدرها 450 مليون جنيه عن العام الماضى . ولا يختلف الوضع كثيراً فى وزارة الخارجية عن وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج , والتى بلغت موزانتها فى العام الحالى 28 مليوناً و931 ألف جنيه بزيادة قيمتها 25 مليونا و8 آلاف جنيه ونسبتها 770 % عن موازنة العام السابق . وهنا نشير إلى أن عدد العاملين بالوزارة 74 موظفاً منهم 15 باحثاً و59 من فئة العمال والخدمات المعاونة . والغريب أنه رغم قلة أعداد العاملين إلا أنه تم تخصيص مبلغ 3 ملايين و114 ألف جنيه للباب الأول ( الأجور وتعويضات العاملين ) و520 ألف جنيه للباب الرابع (الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية ) بزيادة قدرها 240 ألف جنيه ونسبتها 85.7 % من الإعتمادات التى كانت مخصصة لهذا الغرض فى العام الماضى . الجدير بالذكر أنه تم تخصيص مبلغ 12 مليونا و600 ألف جنيه لتطوير وتجهيز مبنى جديد للوزارة بدلاً من المبنى الحالى , بالإضافة إلى مبلغ 12 مليون جنيه للتأهيل والتوعية من مخاطر الهجرة غير الشرعية منها مبلغ 5 ملايين جنيه لإجراء أبحاث ودراسات خاصة بالتأهيل والتوعية للحد من الهجرة غير الشرعية . وهنا نتساءل : لمن ستخصص هذه الملايين الخاصة بالابحاث ؟ هل للباحثين الموجودين بالوزارة بالفعل ويتقاضون مرتباتهم وحوافزهم منها ؟ أم أنه ستتم الإستعانة بباحثين من خارج الوزارة ؟ واذا حث ذلك فهل ستكون هناك ضوابط وشروط محددة للإستعانة بهؤلاء الباحثين ؟ واذا حدث ذلك أيضاً فماذا يكون دور الباحثين الموجودين بالفعل فى الوزارة ؟!! . وفى وزارة التجارة والصناعة وتحديداً فى الأمانة العامة للتجارة الخارجية بلغ إجمالى الأجر الوظيفى للعاملين فى الأمانة العامة مبلغ 23 مليون جنيه ومكافآت تقدر ب 47 مليون جنيه ومزايا تأمينية ب 6 ملايين و835 ألف جنيه إلى جانب مبلغ مليار و10 ملايين و90 ألف جنيه تحت مسمى ( مصروفات آخرى ) – لم يتم تحديدها - . الغريب أنه فى صندوق تنمية الصادرات التابع لوزارة الصناعة والتجارة بلغ الإعتماد المدرج للبند 1 الخاص بدعم تنشيط الصادرات مبلغ 2.6 مليار جنيه , والغريب أن الصندوق الذى أثار الجدل طوال السنوات الماية بسبب تخصيص هذه المليارات لصالح كبار رجال الأعمال بدون وجه حق لم يقتنع بمبلغ ال 2.6 مليار جنيه المخصصة له , وطلب زيادته إلى 6 مليارات جنيه . ولم تتوقف عجائب وغرائب وزارة الصناعة عند هذا الحد حيث تم تخصيص مبلغ 266 مليون جنيه تحت بند الأبحاث والإستشارات , والغريب أنه لم يتم الكشف عن أية تفاصيل محددة وواضحة لهذا البند , كما لم تكشف الوزارة عن حجم مرتبات المستشارين فى الوزارة وأعدادهم ومدة الإحتياج لهم .