توقعت مجلة "بزنس إنسايدر" الأمريكية أن تكون خطوة تعويم الجنيه في مصر مفيدة على المدى الطويل، لكنها في الوقت الحالي غير قادرة على أن تقدم ترياق سريع المفعول للاقتصاد المصري العليل، علاوة على أن معدلات التضخم المرتفعة تمثل مخاطرة قصوى من شأنها التغلب على الآثار الإيجابية المحدودة للقرار. وأشارت المجلة في تقرير لها إلى قرار البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه يوم الخميس الماضي في محاولة لإعادة الاستقرار إلى الجنيه المصري الذي يكيل له الدولار الضربة تلو الأخرى، ففي البداية، خفض البنك المركزي قيمة الجنيه بنسبة 32,3% حوالي 13 جنيه للدولار الواحد، بتراجع عن قيمة الجنيه السابقة 8,8 للدولار في شهر مارس الماضي، ليهبط منذ ذلك الحين بشكل أكبر محققًا أقل قيمة له بنسبة 50%، في الوقت ذاته، رفع البنك المركزي قيمة الفائدة بحوالي 300 نقطة في محاولة لكبح جماح معدلات التضخم التي ستلحق قرار خفض سعر الصرف. وقال الخبير الاقتصادي في شئون الشرق الأوسط بمؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، "ياسون توفي" إن تنفيذ قرار تعويم الجنيه كان من شروط صندوق النقد الدولي لمصر للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، مضيفًا أن الوضع الاقتصادي في مصر سيزداد سوءًا على المدى القريب، ولا شك أن معدلات التضخم المرتفعة حاليًا في طريقها للتزايد أكثر مسببة كثير من الآلام لمحدودي الدخل، ولكن إذا ما غضضنا البصر عن آلام المدى القريب، فإن قرار التعويم سيساعد اقتصاد الدولة على المدى البعيد مشكلًا عامل جذب لا بأس به للمستثمرين الأجانب. من جانبه، وضع الرئيس "عبد الفتاح السيسي" خطة طموحة للتطوير في مجالات الزراعة، الإسكان، التعليم، والمناطق العشوائية، واعدًا شعبه برؤية تحسن واضح في ظروفهم المعيشية خلال عامين من توليه الرئاسة، إلا أن الدولة تواجه على مدار سنوات مشاكل اقتصادية عظيمة، علاوة على تدهور قطاع السياحة بسبب ثورات الربيع العربي ليصل لأدنى نقطة له بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء، إضافة إلى تراجع سعر البترول عالميًا وتأثيره على تسريح كثير من شركات الخليج العربي للعاملين وفي مقدمتهم المغتربين، وكون مصر في مقدمة الدول المصدرة للعمالة للخليج العربي مما نتج عنه تراجع تحويلات النقد الأجنبي بنسبة 15% بشكل سنوي. وأكد التقرير على أن تنفيذ قرار تعويم العملة لن يصلح كل المشاكل الاقتصادية بشكل فوري بل سيواجه كثير من العقبات، حتى لو كان تأثيره إيجابي على المدى البعيد، مضيفًا أنه على الرغم من تخفيض سعر العملة ما زالت مصر بعيدة جدًا عن التنافس في سوق العمل الاستثماري مقارنةً بالمغرب وشمال أوروبا، وعلى الرغم من الإعلان عن تطبيق قانون استثماري جديد في 2017 من شأنه تحسين الوضع الاقتصادي، إلا أنه حتى الآن تسود حالة من غياب الشفافية فيما سيكون عليه هذا القانون.