أبو قرقاص وكوم أمبو وأرمنت مصانع خاوية.. والأهالي: "الحكومة متوهانا" عندما يذكر السكر يذكر معه مركز كوم أمبو وأبو قرقاص أقدم وأشهر المصانع؛ لإنتاج السكر في مصر بل والشرق الأوسط، المصانع تقع وسط آلاف من الأفدنة التي تزرع بقصب السكر، بالإضافة إلى توريد محافظات ومدن أخرى إلى هذه المصانع. العجيب أن هذه المدن المنتجة أشد معاناة من غيرها في الأزمة التي تمر بها البلاد من نقص السكر، حيث وصل سعر الكيلو إلى 10 جنيهات. "المصريون" رصدت أسباب الأزمة داخل هذه المحافظات، حيث أكد الأهالي أننا إلى الآن لا نعرف سبب الأزمة الحقيقي، وأننا نعيش في كابوس من أزمات السلع الأساسية. المنيا.. 3 آلاف فدان قصب.. والمحافظة بدون سكر تعتبر المنيا ضمن محافظات الصعيد التي تشتهر بزراعة قصب السكر والبنجر، حيث تمتلك مساحات كبيرة من الأراضي المزروعة بمحصولي قصب السكر والبنجر، تصل إلى 3 آلاف طن من هذين المحصولين داخل مصنع سكر أبو قرقاص الذي يعد من أكبر مصانع إنتاج وتعبئة السكر سواء من القصب أو البنجر على مستوى صعيد مصر. المواطنون في مركز أبو قرقاص اشتكوا من عدم وجود كميات كافية من السلعة المهمة للفقراء والغلابة، وأكدوا أن مديرية التموين لم تطرح تلك السلعة، وتركز على بعض الأماكن البعيدة عن مركز أبو قرقاص؛ ما دفع التجار إلى بيع السكر بأسعار أعلى من السعر الحكومي، الذي وصل إلى 6 جنيهات، أما في السوق السوداء فقد وصل السعر إلى 10 جنيهات. وأضافوا أن إنتاج المصنع يتم توريده إلى محافظات الوجه البحري رغم وجود مصنع الحوامدية والفيوم، وأن المصنع به كميات كبيرة مخزنة منذ سنوات، وغير معبأة. وتساءلوا لصالح من يكون مركز أبو قرقاص بلد السكر بدون سكر والأزمة تشتد بين الحين والآخر. مصادر داخل الشركة قالت إن المصنع الذي احترقت به غرفتان الشهر الماضي؛ أدى إلى تقليل كمية الإنتاج بعد توقف الماكينات والمعدات التي تقوم بفصل السكر عن المواد الأخرى التي تدخل في صناعة السكر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أن مجلس إدارة المصنع يتعمد عدم صرف مستحقات المزارعين لمحصول القصب والبنجر، والتي وصلت المساحة المزروعة منهما إلى أكثر من 3 آلاف فدان بسبب أن المستحقات وصلت إلى 3 مليارات جنيه تحتاج إلى تدخل المسئولين. واتهم المزارعون، الحكومة أنها تتعمد أن تقضي على أحلام الفلاحين، والمزارعين، في الاستفادة من هذا المحصول الإستراتيجي. من جانبه أكد أمين الفلاحين محمد حسين، أننا أرسلنا مذكرة إلى وزير الزراعة ومجلس الوزراء والشركة المصرية للصناعات التكاملية، فلم نجد ردًا من أحد المسئولين بسرعة صرف مستحقات فلاحي القصب وبنجر السكر حتى اليوم. أهالي الأقصر: الكيلو ب10 جنيهات.. ومصنع أرمنت محتكره رجل أعمال وفي أرمنت التي تقع غرب الأقصر، وتزرع معظم أراضيها بقصب السكر، وتحوي واحدًا من أهم وأقدم مصانع السكر في مصر، لا يجد أهلها السكر. "المصريون" التقت الأهالي لتعرف عن قرب حقيقة اختفاء السكر في بلد السكر "أرمنت". "معندناش سكر" كان رد حمود سعد، صاحب سوبر ماركت خاص بمدينة أرمنت الوابورات، حيث قال، إنه لا يصل إليه سكر منذ ما يزيد على الأسبوع، مشيرًا إلى أنه لا يعرف السبب. وأكد عبد العاطي يوسف، صاحب سوبر ماركت، أنه لا يوجد سكر، وأنه عندما ذهب إلى تاجر الجملة قال له إن سعر الكيلو 8.20 جنيه، وهو لا يستطيع أن يشتريه؛ لأن المستهلك لن يشتريه منه، وعندما ادعى أحد التجار بجواره أنه لا توجد أزمة في السكر قام بإعطائه 10 جنيهات، وقال له "هاتلي سكر من اللي عندك".
وأضاف محمد أحمد عمرو، صاحب سوبر ماركت بشارع القناة الملغاة بمدينة أرمنت: "ذهبت إلى أحد تجار الجملة، وقالي لي إن لفة السكر ب92 جنيهًا، وهو ما يعني أنني سأبيعه بعشرة جنيهات". وأوضح أنه لا يعلم السبب الرئيسي في الأزمة، فهناك من يقول السوق السوداء، وهناك من يقول إن السكر يأتي إلينا من القاهرة، رغم أن مصنع السكر عندنا، ولا أعرف كيف يكون البلد مصنع السكر ولا يوجد بها، وقالوا لنا سيكون هناك سكر بخمس جنيهات وانتظرنا ولكنه لم يأتِ. وأشار محمد النوبي، أحد المواطنين الذين وجدناه بإحدى المحلات بأرمنت، إلى أنه قام بشراء كيلو السكر بعشرة جنيهات. كما توجهت "المصريون"، إلى كبار تجار الجملة في أرمنت، حيث كانت البداية مع أحمد عبد النبي، والذي قال "معندناش سكر من بعد عيد الأضحى، فلم يأتِ أي سكر جديد من بعد العيد، وعند قرب انتهاء مخزون السكر طلبت شحنة جديدة، فبلغوني بأن سعر الطن الواحد ثمانية آلاف و800 جنيه، مما جعلني أرفض؛ لأني لن أستطيع بيعه للتجار، فإني بعد حساب التكاليف الخاصة بالنقل والعمالة سيصل للمستهلك بعشرة جنيهات، وهو الأمر المستحيل". وأضاف رفلة زخاري، أحد تجار الجملة، أن السكر عرض وطلب، فعندما تزيد الكمية بيقل السعر، مثله كغيره من السلع، ولك أن تتخيل أن من شهرين فقط في أغسطس الماضي، كانت المؤسسة المصرية تعرض علينا تجار الجملة 10 أطنان من السكر مع سهولة السداد، ونحن الآن نعاني من عدم وجوده، حتى أن المؤسسة لا تعطي سوى تجار التموين، وتعطيهم فقط ربع الكمية. وأوضح أننا بلد السكر، و"المصنع يغرقنا سكر، حتى لو الكيلو ب6 جنيهات بس يبقى متوفر للناس، لكن المصنع مليان سكر ويقولك متباع لرجال أعمال احتكروا السكر، والمفروض يبقى فيه رقابة على المصانع ونشوف السكر ده المخزن في المصانع لمين". من جانبه نفى مصدر داخل مصنع سكر أرمنت، كلام رفلة، مؤكداً أن جميع السكر المنتج من المصنع، يقدم إلى وزارة التموين، التي تقوم بشراء معظم الإنتاج، وما يزيد على احتياجهم يقوم المصنع ببيعه إلى التجار بمزايدة علنية. كوم أمبو بلد السكر الأولى.. محال ومقاهٍ بدون سكر وفي مدينة كوم أمبو الصناعية الشهيرة وسط محافظة أسوان، والتي يتواجد بها واحد من أشهر مصانع السكر في مصر والشرق الأوسط؛ تعاني من الأزمة ذاتها. يقول حسين الشامي، من أهالي مدينة كوم أمبو، إن الأزمة ضربت كل شبر في مدينة كوم أمبو الشهيرة بصناعة السكر، حتى إن أسعاره ارتفعت لتسجل 10 جنيهات للكيلو داخل السوق السوداء؛ نظرًا لقلة الوارد منه. وأضاف أنه من المفارقات الغريبة، أن مصانع السكر سواء داخل مدينة كوم أمبو أو مدينة إدفو شمال المحافظة كانت تعاني على مدار العامين الماضيين من أزمة حقيقية تتمثل في تكدس كميات السكر المنتجة من المصنعين داخل المخازن؛ في ظل إصرار وزارة التموين على رفض الاستعانة بالسكر المنتج محليًا لربطه على البطاقات التموينية في الوقت الذي لجأت فيه الوزارة ذاتها إلى استيراد السكر من الخارج؛ لتقديمه للمواطن ضمن المقررات التموينية الشهرية. وأكد أنه على سبيل المثال كانت مخازن المصنعين تتكدس بنحو أكثر من 75 ألف طن من السكر, ما تسبب وقتها في ارتباك حالة المصنعين في ظل أنهما كانا مطالبين باستقبال محصول قصب السكر من المزارعين عن العام الجديد. كما أوضح أحمد عبد الحميد، من أهالي منطقة البيارة بكوم أمبو، أنه أمام أزمة السكر قام عدد من محال بيع العصير القصب والمقاهي إلى رفع الأسعار؛ لأكثر من جنيهين للكوب الواحد من القصب أو المشروبات التي يدخل فيها السكر؛ في ظل رفع أسعار السكر واختفائه من الأسواق. من جانبه حمّل حمدي البرسي، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية، ومسئول شعبة المواد الغذائية بالغرفة، الحكومة مسئولية ما يحدث من أزمة فيما يتعلق بالسكر، في ظل السياسات الغريبة التي تقودها لوضع إجراءات لا تتفق مع السوق بالنسبة؛ لتحديد بيع أسعار السكر المحلي. وأضاف أن الحكومة ألزمت المستوردين من التجار بإجراءات وسياسات تحدد من خلالها أسعار معينة لبيع وتداول السكر تحت مسمى محاربة الغلاء، في الوقت الذي يعانى فيه التجار من ارتفاع تكلفة استيراد السكر من الخارج نظرًا لأزمة الدولار؛ ما دفع كثيرًا منهم إلى ترك عملية استيراد السكر. وأشار إلى أن معظم تجار السكر خسروا ما يقرب من 1300 جنيه عن كل طن من السكر؛ وهو ما دفعهم إلى رفض استيرادهم للسكر؛ نظرًا لإجراءات الحكومة التي لا تتفق مع الواقع.