هل يتصور عقل سليم أن تبلغ الخيانة والخسة بمسئول أو حاكم أن يستأجر قتلة محترفين لقنص شعبه، حتى يستقر كرسيّه العفن فوق جماجم أهله وأبناء جلدته؟ هل يصدق عاقل أن يلجأ مبارك المخلوع إلى «قتلة» أمريكيين لحماية نظامه الهش من السقوط المدوى؟ ..الاتهام الخطير – إن صح – والذى صاغه رئيس اتحاد الثورة المصرية محمد علام فى بلاغ إلى النائب العام يؤكد ذلك وأكثر.. ويتهم الرئيس المخلوع ونظامه بالتعاقد مع منظمة «بلاك ووتر» بهدف التصدى للمتظاهرين، ويقول إن لديه العديد من الأدلة والشهود الذين يدينون مبارك. ..فى ظل المناخ الضبابى، الذى نعيش فيه منذ الثورة وغياب المعلومات، وعدم وضوح أى شىء، يصبح من غير المستبعد حدوث كارثة كهذه. «بلاك ووتر»؟!.. تلك المنظمة سيئة السمعة التى زعمت وسائل الإعلام أن أفرادها ارتكبوا المجازر فى العراق الشقيق،.. وهى نفسها، التى كشفت صحف أمريكا ذاتها عن تعاقدها فى عدد من الدول العربية لتقوم بأعمال عسكرية، تصل إلى حد جرائم الحرب، منها تدريب متمردى جنوب السودان، إضافة إلى أفغانستان وكوسوفو، وتضم نخبة من العاملين السابقين برتب عالية فى الاستخبارات الأمريكية الخارجية، والبنتاجون، ومشاة البحرية. هل ممكن أن يأتى حاكم عربى مسلم بمثل هؤلاء ليقتلوا شعبه؟ ما يشاع عن طبيعة هذه الشركة، وما ينسب إلى مقاتليها من جرائم يجعلها من أكثر شركات الأمن الخاصة، والحراسات الشخصية، وتدريب المقاتلين.. شراسة وعنفاً وسفكاً للدماء، وأذكر هنا برنامجًا وثائقياً بثته قناة «الجزيرة» بعنوان «كشف المستور»، اعتمد على كثير من الوثائق السرية لحرب العراق، وما تم تسريبه من «ويكيليكس» أكد خلاله تورط عناصر «بلاك ووتر» فى قتل العراقيين دون عقاب، وتحدث البرنامج عن 14 حادثاً موثقاً تورطت فيه «بلاك ووتر» وأتت نيران أفرادها على حياة عشرات العراقيين المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال، وحتى سائقو عربات الإسعاف! ورغم مطالبة الحكومة العراقية برحيل الشركة عام 2007 إلا أن الحكومة الأمريكية رفضت الطلب وجددت تعاقدها مع الشركة. الاتهام الذى وجهه محمد علام إلى الرئيس السابق وحاشيته – لو صح – سيشكل تغييراً محورياً فى محاكمة مبارك، ويجب ألا يمر دون تدقيق كافٍ، حتى لا يفلت المجرم الحقيقى من العقاب، وحتى لا تضيع دماء الشهداء التى روت شجرة حرية مصر. وحمى الله مصر وشعبها من كل سوء. حسام فتحى [email protected]