بعد مجزرة بورسعيد كتبت أن القادم أسوأ.. وأخطر نقطة فى الفوضى الممنهجة أن تبدأ موجة من الاغتيالات السياسية للرموز والسياسيين والمعارضين.. هذه النقطة لو وصلت إليها مصر – لا قدر الله – ستدخل دورة عنف تزيد فى دوامتها على تلك التى شهدتها الجزائر طوال عقد التسعينيات. لقد مر الانفلات الأمنى المقصود بالكثير من المد والجزر خلال ما يزيد على العام، فقدت فيه البلاد جزءا معتبرا من مقدرات الاقتصاد والاستقرار نتيجة غياب "الدولة"، الذى ظهر جليًا للجميع. محاولتا اغتيال الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، المرشح المستقل للرئاسة، والدكتور حسن البرنس، وكيل لجنة الصحة بمجلس الشعب، تمثل بداية أحرج نقطة فى المرحلة الانتقالية. ولو ظلت الحكومة ممثلة فى وزارة الداخلية وقبلها المجلس العسكرى، تنظر لهما بالاستخفاف الذى ظهر فى اليومين الماضيين، فإن القاهرة ستكون على أعتاب اغتيالات سياسية ممنهجة تستهدف السياسيين سواء معارضة أو موالاة، ومرشحى الرئاسة بلا تمييز بينهم، ونواب مجلس الشعب، دون تمييز أيضًا بين إسلامى وليبرالى ويسارى ومستقل. لن يكون الإعلاميون من صحفيين ومذيعى التوك شو بمأمن عن الاغتيالات، فقد تطحنهم تروسها أيضًا، وقد حدث هذا فى دورة العنف الجزائرية الدموية، التى لابد من استحضار دروسها، وأيضًا دروس الاغتيالات السياسية فى التاريخ المصري، لنتفادى خسائر جسيمة وحتى نخرج سريعًا من عنق الزجاجة. ألف باء الإحساس بالمسئولية لم نلحظهما فى رد فعل الحكومة ووزير داخليتها.. فمسئولية الاعتداء على أبو الفتوح ألقيت على "البلطجية" والسطو المسلح، مع أن تحليل الوضع التى ظهر به المهاجمون توحى بأن العملية لم ينفذها بلطجية عاديون وليس الهدف منها سرقة السيارة والأموال والهواتف المحمولة. المهاجمون الثلاثة كانوا ملثمين فى ظلمة الليل (الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا) واستخدموا الضرب بمؤخرة البناق على رأسى أبو الفتوح وسائقه، مع أن سرقة سيارة نجحوا فى إيقافها والسيطرة عليها لا تحتاج إلى ذلك العنف.. وكان التهديد وحده كفيلا بهروبهم بغنيمتهم، كما حدث من قبل مع الدكتور عمرو حمزاوى وزوجته الممثلة بسمة. لأن الهدف هو إبلاغ رسالة سياسية وليس سرقة سيارة أو إنهاء حياة أبو الفتوح اللذين كانا فى متناولهما، اكتفيا بالضرب المؤثر غير المميت، وفرا بالسيارة التى يمكن أن يتركوها فيما بعد فى مكان ما. رسالة سياسية مشابهة تم إبلاغها بعد ذلك بساعات قليلة فى الطريق الزراعى بين القاهرة والإسكندرية، باصطدام مقطورة بسيارة الدكتور حسن البرنس، وكان معه سائقه أيضًا. سائق المقطورة هرب بها، ومن المعتاد أن يقف السائق فى حالات الاصطدام العادية ليساعد فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه وحتى لا يضع نفسه تحت طائلة المسئولية القانونية، ثم تبين أن لوحة المقطورة وجد أنها لسيارة عادية، أى أنها قد تكون مسروقة، لأن المخططين وضعوا فى اعتبارهم أنه سيتم التقاطها من أى أحد موجود فى المكان لحظة الاصطدام. يقينا لم يكن الهدف التخلص من حياة "أبو الفتوح" والبرنس.. إنها مجرد رسالة لبث الخوف والرعب.. الرسالة وصلت بما لمسناه خلال الساعات الماضية، فيما اكتفت وزارة الداخلية بالأسهل وهو تحميل المسئولية للصوص وحوادث الطرق. سأكرر ما كتبته قبل نحو شهر.. القادم أسوأ. وعلى السادة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات إدراك هذه الحقيقة بسرعة وضع جدول الانتخابات الرئاسية، لأن مبررات تأجيله هزلية ومضحكة، فما هو عائق تصويت المصريين فى الخارج بعد أن رأيناه ينجح فى الانتخابات البرلمانية؟! أتمنى ألا يكون تنظيم سرى شيطانى مختبئاً فى التفاصيل. [email protected]