قلل الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، من أهمية التوضيح الذي تفضل المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة به عن أزمة ألبان الأطفال في مصر، مؤكدًا أن هذا التوضيح قد زاد الطين بلة، وكشف عن فساد أقبح بكثير من الفساد الذي ظن أنه يكشفه في البيان. وقال حسني، في تدوينة له علي شبكة التواصل الاجتماعي، "حتى لو صدقنا كل ما جاء بالبيان، ومع افتراض أقصى درجات حسن النية، فإن ما فعلته القوات المسلحة بتدخلها الشاذ على خط هذه الأزمة لم يقدم حلولًا لها، إنما هو عمق من أزمة أخرى أكثر خطرًا، وكشف عوارًا لا تستقيم معه شعارات الحفاظ على الدولة التي يرددها الحكم في كل مناسبة يخاطب خلالها الشعب المصري. وتابع: أزمة ألبان الأطفال المدعمة - أو حتى غير المدعمة - هى أزمة مدنية بامتياز، ولا شأن لها بالقوات المسلحة.. وحتى إذا كانت الأزمة من أزمات الأمن القومي المصري - كما تقول أبواق الدعاية الرخيصة - فليس كل ما يمس الأمن القومي تختص به القوات المسلحة". وأضاف: التعليم أمن قومي، والصحة في عمومها أمن قومي، وقدرة الاقتصاد على النمو والمنافسة أمن قومي، إلى آخر القائمة التي تطول، اللهم إلا إذا قبلنا الرؤية الفاسدة لنظام السيسي التي يسعى من خلالها حثيثًا ليكون الجيش بديلًا عن الدولة. وأشار إلي الأمن القومي لأي دولة له وجهان: وجه عسكري، وهذا أقل الوجوه خطرًا، ووجه مدني هو الأكثر خطرًا لمن يفهمون المعنى الحقيقي للأمن القومي.. وتدخل الجيش لحل أزمة مدنية لا يثبت قدرة الجيش ولا يؤكد أهميته، وإنما يؤثر سلبًا على الصورة الذهنية للجيش داخليًا وخارجيًا "وهذا هو الأخطر".
ولفت إلي أن هذا التدخل يثبت - بما لا يدع مجالًا لشك - فشل نظام الحكم والنظام السياسي كليهما في إدارة القطاع المدني للدولة على ما ينتج عن هذا الفشل من خطورة على الأمن القومي المصري. وشدد علي أن أزمة ألبان الأطفال كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، فالأمر تعدى مجرد أثر هذا الفشل على استمرار مسلسل إفشال القطاع المدني إلى ما هو أخطر من ذلك وهو إفشال الدولة نفسها.. هي تكشف بجلاء فساد الرؤية وفساد الاتجاه. ورأي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن مصر بسبب هذه الرؤى العقيمة والعوراء إنما تدخل نفقًا مظلمًا ما زلنا في بداياته التي لا يدركها الكثيرون داخل الجيش وخارجه، وما لم يعترف الجيش بأنه يساق بدعوى الخدمة الوطنية إلى إفشال الدولة بالكامل - بما فيها القطاع العسكري – . وخلص في نهاية تدوينته قائلًا: وإذا لم يدرك الشعب خطورة التداخل غير الصحي للجيش في عمل المؤسسات المدنية التي لا ننكر أنها بحاجة لإصلاحات جذرية تظهر - إن هى تمت - مدى كفاءة القائم على أمور الحكم، فإننا سنساق جميعًا إلى مستقبل حالك الظلام لا نملك رفاهية التجربة والخطأ فيه.