يلجأ الناشطون في مدينة حمص إلى وسائل عفا عليها الزمان للتواصل، في ظل انقطاع وسائل الاتصال الحديثة عن مدينتهم، مستخدمين الحمام الزاجل بين مختلف أحياء هذه المدينة التي قطع أوصالها القصف. وتظهر مقاطع بثها ناشطون على الإنترنت أخيرًا شابًا يعتلي سطح منزل، ويطلق حمامة قائلا: "الله معك، إن شاء الله (تصلين) إلى حي بابا عمرو". وقد ربط هذا الناشط المقيم في حي باب السباع في حمص القديمة، ورقة في ساق الحمامة كتب عليها "نرجو إعلامنا بما تحتاجون من إغاثات وأدوية وطعام"، آملا في أن تصل إلى بابا عمرو. وتضيف الرسالة: "إن شاء الله سوف نوصلها (المساعدات) إليكم في بابا عمرو". وتتعرض حمص (وسط) ثالث أكبر مدن سوريا والتي يُطلق عليها اسم "عاصمة الثورة" لقصف متواصل منذ الرابع من فبراير لإخضاع مناطق الاحتجاج فيها. وأسفر القصف العنيف على حمص عن مقتل أكثر من 300 شخص، بحسب الأممالمتحدة، كما قطعت عن أغلب أحيائها الاتصالات والكهرباء، ويقول ناشطون: إنهم لجأوا إلى الحمام الزاجل؛ نظرًا للقصف العنيف الذي حد من تحركهم لنقل رسائلهم عبر الأحياء، ويضيف الناشط متهكمًا "شكرًا بشار لأنك أرجعتنا إلى العصر القديم"، بالإشارة إلى الرئيس السوري. ويعود استخدام الحمام الزاجل إلى العصور القديمة، وقد شاعت هذه الطريقة بين العرب إبان الحروب الصليبية، ويؤكد ناشطون أن حمص تحولت إلى "سجن كبير"، ولم يعودوا قادرين على التنقل فيها بسهولة؛ لأنهم "محاصرون من قبل الحواجز" التي تقيمها السلطات حول الاحياء. ويستخدم الناشطون مواقع التواصل الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر للتواصل فيما بينهم، ولتنظيم الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة ضد نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، منذ اندلاعها منتصف مارس، ويقول الناشطون في الشريط المصور: إنهم باتوا يستخدون الحمام الزاجل من أجل التواصل فيما بينهم في بعض أحياء حمص، عندما لا تعمل الأجهزة اللاسلكية التي يصل مداها إلى نحو مئة متر فقط في ظل انقطاع الاتصالات الارضية والخلوية. وفي ظل هذا الحصار تردهم أنباء عن الوضع الإنساني المزري الذي يسود في عدد من أحياء حمص؛ حيث يضطر الأهالي إلى ترطيب الخبز اليابس بالماء لإطعام أولادهم في ظل فقدان المواد الغذائية، كما يقوم الناشطون بإرسال أسماء "الشهداء" الذين قُتلوا خلال العمليات الامنية والعسكرية ليصار إلى نشرها عبر الإعلام، بالإضافة إلى طلب الإغاثة من إمدادات غذائية وطبية عبر ربطها بساق الحمام قبل إطلاقه في الفضاء. وعند إطلاقها يقول الناشط: "اذهبي بعون الله"، اذهبي الى بابا عمرو" منتظرًا الحصول على رد قريب، وبحسب شريط فيديو منفصل بُث على موقع يوتيوب، تقول إحدى الرسائل: "لقد وصلت الأخبار التي أُرسلت لنا"، "تحيا سوريا، يسقط بشار الأسد".