أبرز موقع "المونيتور" الأمريكي، الجدل الواسع في مصر حول مشروع القانون, الذي يتضمن إدخال تعديلات على قانون الجنسية, للمساعدة في حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالبلاد. وقال الموقع في تقرير له في 16 أغسطس, إن أحد النواب المصريين كان اقترح منح الجنسية المصرية لأجانب مقابل الحصول على مبالغ مالية لإنعاش الاقتصاد, وسرعان ما أعلن متحدث حكومي عن إعداد مشروع قانون لمنح الإقامة للأجانب لمدة خمس سنوات مقابل وديعة بالعملة الصعبة. وأضاف أن الخطوة السابقة أثارت مخاوف واسعة لدى المصريين, خشية أن يستغلها أعداء الوطن لتهديد الأمن القومي, بالإضافة إلى وجود رفض شعبي واسع لبيع الجنسية لأي شخص مقابل المال. ونقل الموقع عن عضو مجلس النواب المصري علاء عبد المنعم رفضه الشديد منح الجنسية مقابل المال، ووجه تساؤلا يبدو محرجا للحكومة, قائلا :"لماذا يسعى أي أجنبي للحصول على الجنسية المصرية، رغم أن دولا في الاتحاد الأوروبي مثلا توفر له الجنسية وبمزايا أفضل بكثير؟". وحذر عبد المنعم من عواقب إقرار مشروع القانون, الذي اقترحته الحكومة, لأنه سيجلب إلى مصر أشخاص مشكوك في نواياهم, فيما قال المدافعون عن مشروع القانون إنه ضروري لتوفير العملة الصعبة في البلاد، وإن هذه الخطوة لن تتم, إلا بعد إجراء تحريات أمنية واسعة عن الشخص الذي يريد الحصول على الجنسية. وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية, قالت أيضا في وقت سابق إن هناك مخاوف واسعة بين المصريين, من حصول يهود على جنسية بلادهم, على إثر الاقتراح, الذي يطالب بمنح الجنسية المصرية لأجانب مقابل الحصول على مبالغ مالية. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 3 أغسطس, أن هذا الاقتراح كان بمثابة صدمة كبيرة للمصريين, الذين يرفضون بشدة عرض مواطنتهم للبيع مقابل الحصول على أموال. وتابعت " بعض أعضاء البرلمان المصري اعتبروا أيضا هذا الاقتراح إهانة للشعب, وأنه لا يمكن للبرلمان الموافقة على بيع الجنسية المصرية من أجل مبالغ من المال". واستطردت الصحيفة " في الوقت الذي يشعر فيه المصريون بالاستياء الشديد من هذا الحل الغريب لإنقاذ الاقتصاد, يبدو أن حكومتهم ماضية قدما في سن قانون جديد يمنح الأجانب الحصول على الجنسية المصرية, مقابل وديعة بالعملة الصعبة". وكان متحدث باسم مجلس الوزراء المصري قال في 2 أغسطس إن الحكومة أعدت مشروع قانون لمنح الإقامة للأجانب لمدة خمس سنوات مقابل وديعة بالعملة الصعبة، والسماح لهم بطلب الجنسية المصرية بعد انتهاء هذه المدة، وأضاف أن مشروع القانون قيد المراجعة حاليا في مجلس الدولة. ونقلت "رويترز" عن المتحدث قوله, إن هذا القانون، الذي يشكل تعديلا لقوانين الإقامة، يستحدث فئة الإقامة لخمس سنوات "بهدف التسهيل على المستثمرين". وتابع " مشروع القانون يسمح للمستثمر بالتقدم للحصول على الجنسية المصرية بعد خمس سنوات"، وأشار إلى أنه لم يتم تحديد قيمة الوديعة بعد, فيما تداولت بعض وسائل الإعلام المصرية أن قيمة الوديعة المقترحة مليون دولار. ويأتي هذا القانون في وقت تعاني فيه مصر من تراجع كبير في موارد النقد الأجنبي، مع انكماش السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي، وأدى هذا التراجع إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية الأسبوع الماضي إلى أكثر من 13 جنيها للمرة الأولى في تاريخ البلاد، بينما يبلغ سعره الرسمي لدى البنوك 8.88 جنيهات. وكانت وكالة "رويترز" الإخبارية العالمية, قالت في وقت سابق إن الإجراءات القاسية التي شرعت الحكومة المصرية في اتخاذها لإنقاذ الأوضاع الاقتصادية المتردية, لن تمر على الأرجح دون رد فعل شعبي غاضب, قد لا يحمد عقباه. وأضافت الوكالة في تقرير لها في مطلع أغسطس, أن الحكومة المصرية تحاول إظهار أن الإصلاحات داخلية لا مفروضة من الخارج بسبب مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي, إلا أن هذا التبرير يبدو أنه لن يقنع معظم المصريين. وتابعت أن الحكومة المصرية تجهز لسلسلة من الإجراءات الاقتصادية القاسية, التي تشمل تقليص الدعم، وإصلاحات ضريبية، وخصخصة شركات مملوكة للدولة, كما أعلنت قبل أسبوع أنها تسعى للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي, للمساعدة على سد فجوة التمويل. واستطردت الوكالة " ما يزيد من وطأة الأزمة الاقتصادية في مصر أنه بجانب الفجوة التمويلية الكبيرة, تواجه البلاد أيضا أزمة شديدة في توفير العملة الصعبة، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية إلى نحو 13 جنيها, بينما يبلغ سعره الرسمي في البنوك 8.88 جنيهات, أي أن الفجوة بين السعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار في السوق السوداء اتسعت إلى أكثر من 40 % ". وأشارت الوكالة إلى أن مصر التي تعتمد على الاستيراد تواجه نقصا في الدولار منذ ثورة يناير 2011 , وجاء التراجع الحاد في قطاع السياحة ليفاقم الأزمة, حيث أثر سلبا على مصادر أساسية للعملة الأجنبية. وكان وزير المالية المصري عمرو الجارحي قال في 26 يوليو الماضي إن مصر تتفاوض مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، في حين أرسل صندوق النقد الدولي بعثة إلى القاهرة في 30 يوليو لمناقشة السياسات الاقتصادية المصرية. ونقلت "الجزيرة" عن صندوق النقد الدولي القول في بيان له في 26 يوليو :"إن السلطات المصرية طلبت من الصندوق أن يقدم لها دعما ماليا لبرنامجها الاقتصادي, وإن الصندوق يرحب بهذا الطلب ويتطلع إلى مناقشة السياسات التي يمكن أن تساعد مصر على مواجهة التحديات الاقتصادية". وحسب "رويترز", جاءت استعانة مصر بصندوق النقد الدولي بعد اتساع الفجوة التمويلية وتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، حيث بلغ سعر الدولار في السوق الموازية 13 جنيها مصريا مقارنة ب8.88 جنيهات لدى البنوك, كما بلغ الدين الخارجي لمصر 53.4 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، وهو ما يعادل 16.5% من الناتج المحلي الإجمالي.