كيف سيتعامل مجلس النواب مع قضية جزيرتى تيران وصنافير ؟ وهل من الممكن أن يرفض البرلمان الإتفاقية الموقعة بين مصر والمملكة السعودية فى هذا الشأن وهو الامر الذى قد يؤدى – فى حال حدوثه – إلى أزمة طاحنة بين البلدين لا يستطيع أحد التكهن بالنتائج المترتبة عليها ؟ أم أن دور البرلمان فى تلك القضية سيكون دوراً روتينيا فقط وهو تمرير الإتفاقية لتجميل وجه الحكومة وعدم إحراج القيادة السياسية ؟ وما هى الجهة التى تملك سلطة تحديد المصير النهائى لهذه القضية التى شغلت الجميع فى مصر منذ عدة أشهر وحتى الآن ؟ . وهل هناك حاجة لإجراء استفتاء شعبى سواء فى حال موافقة أو رفض مجلس النواب لهذه الإتفاقية ؟ هذه أهم التساؤلات التى تشغل أذهان الغالبية العظمى من المصريين حاليا والتى نحاول الإجابة عليها فى السطور القادمة . فى البداية نؤكد على أنه بحكم الدستور، أصبح مجلس النواب مسئولا عن مناقشة الاتفاقية المتعلقة بوضع جزيرتي تيران وصنافير، والمتعلقة بترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتي أحدثت جدلا كبيرا في الشارع المصري، انعكس بدوره على التفاعلات داخل البرلمان. ولذلك تقع على البرلمان مسئولية مناقشة الاتفاقية، وإقرارها أو رفضها، وأيضا إقناع الرأي العام المصري بحيثيات هذا القرار. وهنا نشير إلى أن المادة 151 من الدستور تنص على أنه "يُمثِّل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات، ويُصدِّق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف، وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة". فى هذا السياق كشفت دراسة مهمة صدرت مؤخراً عن المركز الإقليمى للدراسات السياسية والإستراتيجية بعنوان ( المسئولية الدستورية: كيف يتعامل البرلمان المصري مع اتفاقية "تيران وصنافير"؟ ) أن مجلس النواب هو صاحب الحق الأصيل في الموافقة أو الرفض على اتفاقية ترسيم الحدود وغيرها من الاتفاقيات التي أُبرمت بين المهندس شريف إسماعيل رئيس وزراء مصر وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أي أن اتفاقية نقل تبعية الجزيرتين إلى المملكة العربية السعودية ليست نافذة حتى الآن إلا بعد تصديق مجلس النواب عليها. وهو ما يُلقي المسئولية النهائية على المجلس في تحسين الأجواء المرتبطة بالاتفاقية في الداخل وبين الدولتين، سواء بامتصاص حالة عدم الرضى التي سيطرت على بعض أفراد الشعب المصري في حالة موافقته على الاتفاقية، أو بإقناع الطرف السعودي في حالة رفضه الاتفاقية حتى لا تتجمد باقي الاتفاقيات الموقعة بين البلدين. وتحت عنوان ( محاذير واضحة ) كشفت أن الدراسة أن أيٌّ من الموقفين اللذين قد يتخذ أحدهما مجلس النواب، سواء القبول أو الرفض للاتفاقية، يتطلب تدقيقًا وتعميقًا بصورة علنية، وذلك لأن التعجل والمفاجأة في اتخاذ القرار وعدم عرض كل ما يتطرق إليه المجلس من وثائق وخرائط على الرأي العام قبل جلسة التصويت العامة على الاتفاقية، قد يزيد من حالة عدم الرضى لدى بعض المصريين عن أداء البرلمان، والتي ارتبطت ببعض المؤشرات المتعلقة بكيفية إدارته لهذه القضية، ومنها: 1. المواقف المسبقة التي أعلن عنها عدد كبير من النواب قبل الاطلاع على بنود الاتفاق، حيث أعلن عدد من النواب عن تأييدهم لقرار الحكومة بشأن الاتفاقية، بل وصل الأمر إلى قولهم بمقاضاة عدد من الرافضين. وهو ما أعطى صورة سلبية لدى البعض عن مدى جدية تعامل البرلمان مع الأزمة قبل قراره بشأن الاتفاق. 2. المواقف المعلنة التي تناقلتها وسائل الإعلام عن بعض نواب ائتلاف "دعم مصر" بعدم تكرار سيناريو التصديق على قانون الخدمة المدنية؛ وعقد الائتلاف سلسلة من الندوات حول الموقف الرسمي للائتلاف، والتي شكلت رسائل سلبية لدى الرافضين للاتفاق.
فى مقال الغد ان شاء الله نكشف عن المسارات التي من الممكن أن يأخذها التصويت على اتفاقية ترسيم الحدود تحت قبة مجلس النواب