انخفاض زراعة القطن بنسبة 95% خلال 4 عقود.. وخبراء: "السنة الجاية مفيش" الوزارة تعترف بانهيار المحصول.. والأرز هو البديل نقيب الفلاحين ساخرًا من تدمير الدولة للزراعة: "هو إحنا عندنا قطن؟!" النواب: "الفلاحون بيهربوا من الزراعة.. والدولة خالعة إيدها" جمال صيام: "الذهب الأبيض ضاع بتعليمات أمريكية"
"القطن المصري ينقرض" بات هذا هو العنوان الوصفي لحال المنتج الذي لطالما انفردت به مصر الزراعية عن جميع دول العالم واحتلت عرشه لعقود طويلة قبل أن تتقهقر خلال السنوات الثلاثين الماضية ويصبح حجم زراعة القطن طويل التيلة 89 ألف فدان بعد أن كانت 2 مليون فدان في حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، فبعد أن كان ينتظر الفلاح موسم حصاد القطن لتجهيز العرائس وبناء الدور وفرحة الفتيات والأطفال بجني القطن غاب هذا المشهد وتصدرت مشاهد زراعة الأرز والقمح والزراعات الأخرى المشهد. وأكد قطاع شئون المديريات الزراعية بوزارة الزراعة، في تقرير له مؤخرًا، أنه تمت زراعة 127 ألف فدان من القطن خلال الموسم الصيفي هذا العام مقابل 248 ألف فدان، تمت زراعتها العام الماضي، بتراجع بلغ 121 ألف فدان وبنسبة تصل إلى 50 % عن 2015. وذكرت الوزارة، أن السبب في انخفاض الزراعات هذا العام يعود إلى المشاكل التي لحقت بالمزارعين خلال الأعوام السابقة وعدم وجود آلية لتسويق المحصول، وبيعه بأقل الأسعار لتجار السوق السوداء، إلى جانب اعتماد مصانع القطاع الخاص على القطن قصير التيلة المستورد من الخارج، إلى جانب لجوء الفلاحين لزراعة الأرز بديلًا للقطن في ظل أزمة ارتفاع أسعاره الأخيرة. وبدوره عقد الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، اجتماعًا مع أعضاء جمعية شباب رجال الأعمال، وخبراء مجلس بحوث القطن لوضع خطة لإعادة القطن المصري إلى مكانته العالمية ووضع رؤية مستقبلية لزيادة المساحات المنزرعة خلال الأعوام المقبلة، حيث قرر تعيين اثنين من أعضاء مجلس إدارة الجمعية، بمجلس بحوث القطن المصري، للاستفادة من مقترحاتهم، ومناقشة المشكلات وحلها على الفور. وأعلنت الوزارة وضع سياسة صنفية للقطن، وتوفير نصف مليون فدان بذرة إكثار، إلى جانب خطة لتسويق محصول القطن في الموسم الجديد، للتيسير على المزارعين، وضمان حصولهم على السعر الذي أعلنته الحكومة هذا العام. وتتولى الإدارة المركزية للتعاون الزراعي بالتنسيق مع الجمعية العامة لمنتجي القطن، استلام الأقطان من المزارعين، وتوريدها للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والجهات الأخرى. واستطلعت "المصريون" آراء نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، وخبراء الزراعة والاقتصاد للكشف عما آلت إليه زراعة القطن في مصر وطرق النهوض بهذه الزراعة الهامة وأسباب انهيار القطن طويل التيلة في هذا التقرير. وقال فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، في تصريح خاص، ساخرًا مما وصلت إليه زراعة القطن: "هو إحنا بقي عندنا قطن؟!! السنة دي في 89 ألف فدان قطن فقط وزراعته انهارت منذ الثمانينيات ولكن السياسات الزراعية الحالية ستؤدي إلى انقراضه وأستطيع أن أقول بالفم المليان "السنة الجاية مفيش قطن". وأضاف نقيب الفلاحين: "أطالب بعودة السياسة والدورة الزراعية من جديد وأن تعيد الدولة العمل بمصانع النسيج الحكومية والتي تعمل بالقطن طويل التيلة؛ لأن مصانع القطاع الخاص تعمل بالقطن قصير التيلة المستورد". وتابع: "سياسة الخصخصة وتدمير الزراعة أطاحت بالقطن المصري طويل التيلة ولا نستطيع المنافسة في مواجهة القطن المستورد طويل التيلة ولابد أن تدعم الدولة شراء القطن وتسويقه، العالم كله طور زراعة القطن وأمريكا خدت البذور المصرية وعملت "البيما" واحنا واقفين محلك سر وفي ظل الوضع الاقتصادي الحالي المؤسف أتوقع عدم دعم الدولة لزراعة القطن وانقراضه العام المقبل لصالح زراعة الحبوب مثل القمح والأرز". بدوره أكد الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، في تصريح خاص، أن القطن المصري في طريقه للاندثار، قائلًا: "لدينا أقل من 100 ألف فدان منزرعة بالقطن هذا العام مقارنة ب 2 مليون فدان في الستينيات، بإنتاجية تصل إلى أقل من 700 ألف قنطار مقارنةً ب10 ملايين قنطار في الفترة ذاتها قبل 50 عامًا". وأضاف صيام: "سبب انهيار زراعة القطن هو خطأ السياسات الزراعية والسياسات المتعلقة بالقطن بدايةً من تأميم تجارة القطن عام 1964 نقطة تحول ضد المحصول لتحويله إلى محصول الحكومة بأن تعطي الدولة المزارع نصف السعر الحقيقي وكان يضطر المزارع لزراعته وفق الدورة الزراعية وحتى عام 1990 تم تحرير المحصول في إطار الخصخصة والإصلاح الاقتصادي وأصبح المزارع حرًا واستغنى معظم المزارعين عن القطن وخصوصًا أن أسعاره لم تكن جيدة والدولة دعمت القمح والحبوب على حساب القطن". وأردف الخبير الزراعي: "تم تهريب بذور القطن المصري طويل التيلة لأمريكا وأنتجت القطن المصري الأمريكي "البيما" واكتسحت السوق العالمي الذي كان يسيطر عليه القطن المصري لعشرات العقود الماضية". وانتقد صيام، تصريحات وزير الزراعة حول اتجاه الدولة لإعادة القطن إلى سابق عهده، قائلًا: "هذه التصريحات للاستهلاك المحلي لحين وضع برنامج لإنقاذ القطن المصري والسنة الجاية القطن مش هيتزرع خالص ويتعين على الدولة دعم سعر المزارع للقطن لا يقل عن 1300 جنيه للقنطار دعم مباشر وتلتزم الدولة بشراء القطن من المزارعين وتوفير السماد والبذور والتقاوي المعتمدة وعدم خلط الأقطان مع بعضها كما يحدث الآن والارتقاء بإنتاجية القطن وتحسين أصنافه من 7 قناطير للفدان إلى 10 قناطير وتوفير مستلزمات الإنتاج والإرشاد الرزاعي والرقابية". وتابع: "يتعين رفع ميزانية معهد بحوث القطن إلى 30 مليون جنيه لتطوير المحاصيل، بعد أن تم تدمير الزراعة المصرية بأوامر أمريكية كما أنه من صالح الدولة الحفاظ على صناعة القطن لعدم إفساح المجال لزراعة الأرز والحفاظ على المياه في ظل الأزمة الوشيكة جراء بناء سد النهضة الإثيوبي". ومن جهته، أكد النائب محمود محمد زايد، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، أن محصول القطن أصبح لا يأتي بتكلفة إنتاجه ولذلك هجره الفلاح دون تدخل من الحكومة للحفاظ عليه، قائلًا: "الحكومة خالعة إيدها، ولابد من استغلال الأراضي الزراعية التعاقدية وتحديد أسعار القطن وتوفير مستلزمات الإنتاج ودعم الفلاحين ولكن للأسف محدش عاوز القطن دلوقتي والكل بيشتري المستورد". وقال النائب محمود شعلان: "سبب انهيار القطن المصري طويل التيلة هو فشل البذور، عندنا الفلاحين زرعوا القطن السنة اللى فاتت والبذور لم تنتج محصولاً وخسر الفلاحون خسائر فادحة حتى باتوا يهربون من زراعة القطن مع اختفاء الإرشاد الزراعي الحكومي وعدم توفير الأسمدة الجيدة وضمان شراء المحصول".