أبرزت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية, المجازر التي ترتكبها الميليشيات الشيعية العراقية المعروفة باسم الحشد الشعبي, والمدعومة من قبل إيران, ضد السنة في الفلوجة غربي العراق. وقالت الصحيفة في مقال لها في 8 يونيو, إن سكان الفلوجة يجدون أنفسهم بين نارين، إما المجازفة بالإعدام بأيدي مقاتلي تنظيم الدولة "داعش" إذا حاولوا الفرار، أو المخاطرة بالإعدام بأيدي رجال الميليشيات الشيعية إذا استسلموا. وأشارت الصحيفة إلى تقارير تفيد بأن أكثر من ثلاثمائة مدني سني أعدمتهم الميليشيات الشيعية بعد فرض سيطرتها على ضاحية سنية بالطرف الشمالي من الفلوجة. وتابعت " الحملة التي شنتها القوات الحكومية العراقية لاستعادة الفلوجة كان من المفترض أن تكون لتخليص سكان المدينة من القمع الوحشي الذي تعرضوا له على يد تنظيم الدولة، إلا أن ما حدث كان العكس". واستطردت الصحيفة, قائلة :" بمجرد أن بدأت هذه الحملة, وجد العراقيون السنة في الفلوجة أنفسهم فجأة في مواجهة تهديد آخر لا يقل رعبا, تثمل في الميليشيات الشيعية الحاقدة التابعة لإيران". وكانت الأممالمتحدة أكدت في 7 يونيو تعرض مدنيين عراقيين لانتهاكات تشمل القتل على أيدي ميليشيات عراقية في محيط مدينة الفلوجة غربي العراق، في حين قال شيوخ عشائر من المنطقة إن الميليشيات دفنت مدنيين أحياء، وإن مئات المعتقلين لا تزال مصائرهم مجهولة. ونقلت "الجزيرة" عن مفوض الأممالمتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين قوله في بيان له إن "لدى المنظمة تقارير محزنة للغاية وذات مصداقية عن تعرض رجال وصبية عراقيين لانتهاكات على أيدي جماعات تعمل مع قوات الأمن العراقية بعد الفرار من الفلوجة". وأضاف أن التقارير تشير إلى حالات إعدام محتملة لمدنيين اعتقلوا على إثر فرارهم من مدينة الفلوجة التي تخضع لتنظيم الدولة الإسلامية. وتابع المفوض الأممي أن شهودا وصفوا كيف تعتقل الجماعات المسلحة التي تدعم قوات الأمن العراقية -في إشارة إلى ميليشيات الحشد الشعبي- الذكور لإخضاعهم لفحص أمني، وأوضح أن ذلك الفحص يتحول في بعض الحالات إلى انتهاكات جسدية وأشكال أخرى من الانتهاكات لانتزاع اعترافات قسرا على ما يبدو. وفي 7 يونيو, قالت الخارجية الأمريكية أيضا إنها اطلعت على تقارير أممية بشأن تعرض عراقيين يفرون من الفلوجة لانتهاكات، واصفة ذلك بالمقلق. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر إن الحكومة العراقية تعهدت بتشكيل لجنة حقوقية للنظر في ما وصفتها بالحالات المنعزلة لسوء التصرف. وكانت القوات العراقية مدعومة بميليشيا الحشد الشعبي وبمستشارين عسكريين إيرانيين -بينهم اللواء قاسم سليماني بالإضافة إلى طيران التحالف الدولي- قد بدأت قبل أسبوعين هجوما واسعا يستهدف استعادة الفلوجة (50 كلم غرب بغداد) من تنظيم الدولة الذي يسيطر على المدينة منذ مطلع 2014. بيد أن الهجوم تحول -وفقا لشهادات سكان وساسة عراقيين سنة- إلى انتقام طائفي يستهدف سكان الفلوجة والبلدات القريبة التي يعيش أكثر من خمسين ألفا من سكانها في ظل حصار خانق. وأكد عدد من شيوخ عشائر المحامدة في مؤتمر صحفي عقدوه بمدينة أربيل في 7 يونيو أن ميليشيا الحشد الشعبي دفنت مدنيين أحياء في خنادق، وقتلت آخرين بالرصاص أو تحت التعذيب. وألقى أحد الشيوخ بيانا أكد فيه أن عددا من المدنيين -الذين اعتقلوا أثناء فرارهم من مناطق تخضع لتنظيم الدولة- تم دفنهم أحياء في مدرسة ذي النورين ببلدة الكرمة التي تقع شمال شرق الفلوجة، والتي استعادتها القوات العراقية نهاية الشهر الماضي. وأضاف أن مدنيين آخرين جرى اعتقالهم أثناء فرارهم من مناطق الاشتباكات حول الفلوجة قد تم قتلهم بالرصاص ودفنهم قرب معمل الدبس في حي الشهداء ببلدة الصقلاوية التي قالت القوات العراقية إنها استعادتها أيضا قبل أيام. وتابع أن "المليشيات الطائفية المجرمة" قتلت العشرات في محيط الفلوجة، وعذبت خمسمئة منهم "بأبشع الوسائل"، مؤكدا أن خمسة من هؤلاء توفوا بسبب التعذيب، كما أكد أن 1500 ممن جرى اعتقالهم في محيط الفلوجة لا تزال مصائرهم مجهولة. وفقا للرواية ذاتها، فقد جرى استهداف مدنيين فارين من القتال رغم أنهم كانوا يرفعون رايات بيضاء بعدما سمعوا بوجود ممرات آمنة أقامتها القوات العراقية باتجاه بلدة عامرية الفلوجة. وفي وقت سابق، أفاد مدنيون تعرضوا للاعتقال أثناء فرارهم من مسارح الاشتباكات في أطراف الفلوجة بتعرض معتقلين لانتهاكات جسيمة من قبل ميليشيا الحشد الشعبي تشمل القتل ذبحا أو بالرصاص والتعذيب والإهانة. وأكد برلمانيون عراقيون أن "ميليشيات طائفية" قتلت مدنيين ذبحا في منطقة الصقلاوية، كما أدانت هيئة علماء المسلمين في العراق ومنظمات أخرى مجازر ضد المدنيين خلال الهجوم المتواصل على الفلوجة. وفي السياق ذاته, أكدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الدولية أن هناك قرائن على حدوث انتهاكات ضد المدنيين الفارين من الفلوجة.