التقت "المصريون" بالمصابين فى أحداث "موقعة بورسعيد" الذين عاشوا ساعات من الرعب والخوف الرهيب فى مذبحة "الأربعاء الدامى"، وذلك جراء أحداث الشغب التى أربكت قلوب الملايين من المصريين المشاهدين للأحداث. كانت صدمة عصيبة أودت بحياة أكثر من 70 قتيلا أضافت شحنًا جديدًا لما يراه المصريون من أحداث تقع وتودى بحياة الكثيرين من خيرة شباب مصر يضافون إلى قوائم الشهداء والمصابين الذين تجاوزا ال 250 مصابًا، وذلك حتى مثول الجريدة للطبع يعانون من آلام شديدة وجروح بالغة من الأثر النفسى لهم. إنها لم تكن مباراة كرة قدم عادية يحدث من خلالها أعمال شغب، ولكن هناك علامات استفهام حيرت الجميع فلأول مرة فى التاريخ تهاجم جماهير الفريق الفائز جماهير الفريق المهزوم، وهو ما يثير الريبة واللغط ويؤكد حتمية المؤامرة البشعة التى تتعرض لها مصر هكذا يتساءل المصابون. "المصريون" عاشت مع العائدين من "الجحيم" يروون على صفحاتها مأساتهم. وقال الناجون من الموت والهاربون من عذاب الجحيم الذين شاهدوه فى بورسعيد إنهم يعجزون عن التعبير عن هول ما شاهدوه من مأساة مفجعة وأحداث دامية على أرض استاد بورسعيد، ومناظر الأسلحة المستخدمة من بينها "سواطير وسنج ومطاوى وشماريخ"، موجهة إليهم خارج وداخل أسوار الاستاد وتم بها قتل وترويع جماهير النادى الأهلى الذين لا يعرفون بأى ذنب قتلوا وروعوا، متسائلين هل تفعل لافتة أو عشرون لافتة فى تأجيج وقتل وترويع العشرات منهم ومئات المصابين؟!. وأضافوا أنهم لم يشاهدوا فى حياتهم خارج أو داخل مصر أحداثا كروية دامية كالتى شاهدوها فى تلك الليلة التى وصفوها ب"السوداء"، لافتين أنهم قضوها بصعوبة بالغة حيث يروون التفاصيل الدقيقة فى رحلة الهروب فمنهم من ارتدى زى النادى المصرى ليفلت من الموت المحقق ومنهم من تسلل داخل العمارات والمنازل لينجو بحياته ومنهم من اختبأ تحت مقاعد الاستاد حتى انطفاء الأنوار وإلى تفاصيل الحوار.. هانى أحمد محمد 38 سنة، أحد المصابين بكسر فى الجمجمة وشرخ فى القدم اليمنى وأحد العائدين من بورسعيد، قال إنه كان ذاهبًا مثله مثل أى عاشق لكرة القدم ولا ينتمى لأى جماعة تشجيع ك"الألتراس" أو غيرها لكنه ذهب لتشجيع ناديه المفضل. وأضاف أنه منذ وصوله بورسعيد فوجئ بجماهير النادى المصرى الغاضبة التى تكيل السباب والشتم وتتوعد جماهير الأهلى بإشارات وإيحاءات بالذبح والقتل داخل الملعب وتم تكسير الأتوبيسات ورشقها بالطوب والحجارة. وأشار إلى أن كل ذلك حدث أمام مرأى ومسمع من أجهزة الأمن المتواجدة أمام الاستاد وفى الطرقات المؤدية إليه، وهو ما أوحى لهم بحدوث كارثة قادمة عقب المباراة فمنذ أن أطلق حكم المباراة "المهزوز" صافرة نهاية المباراة فوجئنا بسيل من جماهير النادى المصرى البورسعيدى من مختلف الأعمار تنهال على جماهير الأهلى من كل حدب وصوب بوابل من الحجارة والطوب والزجاجات والقطع الحديدية فوق رءوسهم من داخل وخارج أسوار الاستاد مما أدى بهم للجوء إلى رجال الأمن المتواجدين لتأمين المباراة الذين لم يستطيعوا أن يفعلوا لهم شيئًا بل تخلوا عنا. وأكد أنه رأى أمام عينيه شابًا فى العشرين من عمره يحمل ملعقة مدببة كان يطعن بها كل من يقابله، مضيفا أن الشماريخ والباراشوتات النارية انهالت عليهم ولم يعرف إلى أين يهرب فاختبأ تحت أحد المقاعد ونجا من الموت بأعجوبة عندما انطفأت أنوار مما مكنه من التسلل إلى خارج أسوار الاستاد ومنه إلى محطة القطار التى فر منها هاربًا من موت محقق. أما محمد مؤمن 42 سنة مقيم بمدينة نصر بالقاهرة وينتمى إلى "ألتراس أهلاوى"، فقال إنه وصل إلى مدينة بورسعيد مع باقى الجماهير قبل بداية المباراة بساعات وشاهد محاولات العديد من مشجعى النادى المصرى لاستفزازهم والاعتداء عليهم إلا أنهم ظنوا أنها مجرد مضايقات عادية كالتى تحدث قبل بداية أى مباراة وهو ما تغير أثناء سير المباراة بإلقاء العديد من الحجارة وإلقاء الشماريخ على لاعبى النادى الأهلى تلك الأسباب التى دعت اللاعبين لطلب توقف المباراة وعدم إكمالها وسط ذلك الرعب والخوف. وأضاف أنهم لم يتعدوا على جماهير المصرى بألفاظ خارجة أو عبارات خادشة لكنهم هم الذين بدأوا بالسباب وإلقاء عبارات خارجة وخادشة منها ما قالوه عن زوجة عماد متعب لاعب النادى الأهلى مرددين "عايزين يارا.. عايزين يارا" وبمجرد أن انتهت المباراة بدأت الأحداث الدامية والأهوال والمخاطر التى شاهدها بعينيه والتى لم ير مثلها فى حياته ولم تحدث فى معركة حربية من قبل، مشيرا إلى أن أصعب موقف مر به فى تلك الليلة هو إلقاء الأحياء من أعلى المدرجات إلى خارج وداخل الاستاد وسقوطهم على أسفلت "التراك" المحيط بالملعب. وتابع أنه عاد إلى القاهرة بواسطة سيارته، وذلك بعد خروجه من استاد المباراة مرتديًا زى النادى المصرى كى لا يتعرف عليه أحد وهو ما سهل له عملية الهروب. من جهته، قال إسلام طارق محمد 22 سنة، مقيم بالزاوية الحمراء، إن جماهير المصرى استخدمت كل أنواع الأسلحة البيضاء بمختلف أنواعها فى الاعتداء على جماهير الأهلى حتى أن الضرب بالشماريخ كان يوجه للعين والوجه، بالإضافة إلى أنهم كانوا يطعنوننا بملاعق صنعت خصيصًا لاستخدامها لذلك الغرض مثلما يفعل رواد السجون، مشيرا إلى أن عملية الاعتداء كانت داخل وخارج الاستاد حيث كانوا يستوقفون جميع سيارات التاكسى كى لا يستقلها أحد للهروب. وتابع لقد سمعت أحد الضباط الواقفين يقول لهم اطفئوا الأنوار ظنا منه أن هذا الأمر هو ما عطل عملية هروبهم وزيادة أعداد المصابين، مضيفا أن المياه كانت مقطوعة بالاستاد مما أدى لتعطل إسعاف المصابين حتى أنى رأيت الدكتور إيهاب على طبيب الفريق الأول بالنادى الأهلى لا يجد نقطة مياه لإسعاف أحد المصابين الذى كان فى حالة خطرة. وأضاف أننى هربت عن طريق أحد الشوارع الجانبية وقضيت الليلة هائمًا على وجهى فى شوارع بورسعيد إلى أن وصلت إلى إحدى محطات الأتوبيس وعدت إلى القاهرة. وأكد أن ما حدث هو عملية مدبرة ورأيت أحمد فتحى يطارده أحد الأشخاص بمطواة، كما أنى رأيت أيضا بعض الأشخاص يقومون بلف أحزمة حديدية حول أيديهم ويقومون بضربنا بها بكل قوة. فى حين قال محمد السيد أحمد، طالب بكلية التجارة جامعة القاهرة، إنه لن يذهب لمشاهدة أية مباريات أخرى بأى استاد بعدما شاهده بأم عينيه ما حدث على أرض استاد بورسعيد. وتابع والدموع تملأ عينيه إنها أكبر عملية ترويع وقتل واعتداء شاهدها فى حياته، مضيفا أن منظر إلقاء المشجعين الأحياء من فوق أسوار الاستاد لن يفارق مخيلته طوال حياته، حيث كان المصابون بالعشرات منهم من تهتكت رأسه بفعل الاصطدام بالأرض ومنهم من طعن بآلة حادة ثم ألقى بعد ذلك من فوق الأسوار.