يعد قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة «حماس» منذ حوالى ثلاث سنوات، إحدى الجبهات التى يجرى الجيش الإسرائيلى تدريبات ومناورات ميدانية للتعامل معه عسكرياً، إذ كشفت مصادر إسرائيلية أن جيش الاحتلال يعد خططاً لإعادة احتلال القطاع، فى ظل التقديرات باحتمال اندلاع حرب على جبهات قطاع غزة ولبنان وسوريا. وتأتى هذه التدريبات فى الوقت الذى تشهد فيه إسرائيل أكبر مناورة فى تاريخها، لقياس مدى قدرتها على التعامل مع هجمات صاروخية عبر حدودها الشمالية أو الجنوبية، والتى أطلقت عليها اسم «نقطة تحول 4». ويبدى الفلسطينيون تخوفاً حقيقياً من أن تكون هذه التدريبات والمناورات مقدمة لحرب شاملة تستهدف قطاع غزة، خصوصاً أن صحيفة «معاريف» الإسرائيلية كشفت أن قادة فى الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية اجتمعوا للبحث فى اختيار محافظ عسكرى للقطاع حال إعادة احتلاله والبقاء فيه لوقت طويل. وأكد القيادى البارز فى حركة حماس الدكتور محمود الزهار، أن الأزمة الحالية التى تعيشها إسرائيل جراء الانتكاسة التى لحقت بمنظومتها الأمنية والعسكرية، دفعتها إلى إجراء هذه المناورات الواسعة التى لا تعدو كونها تدريبات دفاعية تهدف إلى ترميم هذه المنظومة المهزومة فى حربى غزة ولبنان. وعزا التوجه الإسرائيلى إلى شن حرب جديدة فى أكثر من جبهة خصوصاً ضد حركة حماس، إلى ما وصفها ب«الأزمة» الحقيقية التى تعانى منها عقيدتها العسكرية القائمة على الانتصار فى حرب خاطفة دون تهديد عمقها الاستراتيجى. وبين الزهار أن قوات الاحتلال تعد العدة بشكل جدى لشن عدوان جديد على القطاع لاستهداف حركة «حماس» وإسقاط حكومتها، باعتبارها مصدر خطر حقيقى يهدد أمنها. وقال: «رغم كل هذه التدريبات، فإن المؤكد أن إسرائيل ومنظومتها العسكرية لن تستطيع تحمل مزيد من الانتكاسات، خصوصاً أن كل تفوقها وقدراتها العسكرية لم تمكنها من حسم المعركة لصالحها خلال الفترة السابقة». من جانبه كشف أبو أحمد الناطق باسم «سرايا القدس» الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامى أن الصواريخ ستشكل سلاح الردع الأقوى فى مواجهة أى عدوان إسرائيلى محتمل لقطاع غزة، مؤكداً أن صواريخ المقاومة الفلسطينية باتت أكثر تطوراً وقدرة على استهداف مناطق إستراتيجية فى العمق الإسرائيلى. وبين أبو أحمد أن المقاومة الفلسطينية لديها قدراتها العسكرية التى يمكن من خلالها إلحاق الأذى بجيش الاحتلال وتكبيده خسائر فى الأرواح ستزيد من انتكاسته وتفقده مزيدا من هيبته، مؤكداً أن المقاومة تتحفظ على الإعلان عن وسائلها لمواجهة أى اعتداء. وتشير تقديرات استخباراتية إسرائيلية إلى أن فصائل المقاومة الفلسطينية التى تقف حركة «حماس» على رأسها، تمتلك بضعة آلاف من الصواريخ سواء المصنعة محلياً أو التى تم تهريبها إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، وهى الصواريخ التى يعتمد عليها فى تهديد العمق الإسرائيلى، نظراً لأن مداها قد يصل إلى 60 كيلو مترا، علاوة على عشرات الآلاف المقاتلين من مختلف التنظيمات الفلسطينية المسلحة. ورغم أن الأجواء السياسية والعسكرية تبدو أكثر سخونة فى المنطقة، إلا أن ذلك لم ينعكس على الشارع الغزى الذى أنهكه الحصار، وبات الغزيون منشغلين بتوفير لقمة العيش لأبنائهم. واستبعد محلل الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر نشوب حرب على جبهة قطاع غزة فى المدى المنظور، خصوصاً أن البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع تعيش حالة من الهدوء الأمنى بعد عدوان «الرصاص المصبوب». واعتبر أن أى حرب قادمة ستكون رهن التداخلات الإقليمية والدولية، لكنها لن تكون كبيرة إن اندلعت كما يتوقع البعض خلال النصف الثانى من العام الجارى، مؤكداً أن جبهة غزة يمكن أن تشتعل فى ساعات إن كانت إسرائيل تريد ذلك، خصوصاً أنها الحلقة الأضعف فى الجبهات كافة.