لأن صحافة الرياضة فى مصر نادرا ما تتحدث عن وزراء الرياضة فى أوروبا.. فقد أصبح كثيرون جداً فى بلادنا يظنون أن بلدان أوروبا لا تملك أصلاً وزراء للرياضة.. ولا أعرف هل ذلك مجرد مصادفة أم سعى بالعمد لتغييب هذه الحقيقة حتى لا تكون لنا مرجعية وفرصة للمقارنة والحق والقدرة على تقييم وزراء الرياضة ومسؤوليها فى بلادنا.. وعلى أى حال أتوقف اليوم أمام السمراء الجميلة.. راما ياد.. وزيرة الرياضة الفرنسية.. والمناسبة هى تصريحاتها الغاضبة بشأن الفندق الذى اختاره منتخب فرنسا للإقامة فى جنوب أفريقيا.. فقد قالت الوزيرة إن الاتحاد الفرنسى اختار فندقاً صاخباً وراقياً يصلح للاسترخاء والمتعة.. مكاناً لإقامة منتخب يستعد للمشاركة فى بطولة كبرى.. وليس من المناسب أن يقيم الإسبان فى مدينة جامعية وهم مرشحون للفوز بالمونديال، بينما يقيم الفرنسيون فى فندق فاخر وهم الذين تأهلوا بهدف مشكوك فى صحته أصلاً ل«تييرى هنرى» فى مرمى أيرلندا.. وقالت الوزيرة أيضا أنها لا تريد التدخل فى عمل الاتحاد واختياراته.. وإنما أرادت فقط تحذير رئيس الاتحاد بأنه فى حالة إخفاق فرنسا فسيكون الغضب السياسى والإعلامى والجماهيرى هائلا بسبب هذا الفندق وكل هذه الرفاهية.. وقالت إن واجبها بالمقام الأول هو التحذير والتنبيه وليس التزام الصمت حتى تقع الكارثة فتبدأ حربها كوزيرة أرادت فجأة أن تصبح بطلة فى نظر الناس.. منتهى الاحترام والإحساس بالمسؤولية من وزيرة للرياضة فى دولة بحجم فرنسا.. وليس لهذا الموقف فقط تستحق «راما» الانتباه.. فهذه المرأة السمراء السنغالية الأصل المسلمة الديانة.. اسمها الحقيقى رحمة الله ياد.. وتعيش فى فرنسا منذ 26 سنة وأصبحت سياسية ووزيرة مع الرئيس ساركوزى.. فى البداية وزيرة دولة للشؤون الخارجية ثم وزيرة للرياضة.. وليس من أجل قصة حب قديمة ربطتها بالنجم الفرنسى الشهير ليليان تورام وإنما دفاعا عن حياتها ووجودها باتت الوزيرة من أشد المدافعين عن السود والمهاجرين سواء فى الشوارع أو ملاعب كرة القدم.. أما أهم معاركها كوزيرة للرياضة فكانت يوم بدأ رئيس رابطة الأندية الفرنسية ونائب رئيس الاتحاد هجومه الحاد بسبب نقص الملاعب الصالحة واللائقة.. فلم تخض الوزيرة حرباً ضد الرجل، وإنما خاضت حروباً ضد البرلمان حتى نجحت فى استصدار قانون جديد يجعل أى ملعب يتسع لأكثر من 30 ألف متفرج مرفقاً عاماً تملكه الحكومة وتصونه كما تم تغيير القانون للسماح للقطاع الخاص بالاستثمار فى بناء الملاعب.. ونجحت راما ياد فى قيادة فرنسا لاستضافة أمم أوروبا 2016.. وفاجأت الوزيرة الفرنسيين باختيارها لخمس مدن.. من بين 12 مدينة ستستضيف هذه البطولة، يتم فيها بناء ملاعب جديدة تنتفع بها فرنسا فيما بعد ويملكها أهل هذه المدن.. وقالت إنها لا تؤمن باستضافة هذه البطولات لمجرد الكبرياء الزائف.. وإنما لابد من مصلحة المواطن الفرنسى أولاً.. وأكدت أن هذا المواطن لابد أن يحاسبها على ما أنفقته فرنسا لاستضافة هذه البطولة، وما هى المكاسب الحقيقية لفرنسا من كل ذلك؟!.. ولهذا حرصت على اختيار هذه المدن الجديدة.. والأهم من ذلك كله.. أن رام تبقى وزيرة تبنى وتغير القوانين لمصلحة الرياضة.. لكنها لا تزاحم اتحاد الكرة ولا اللجنة الأوروبية الفرنسية عند أى بطولة أو انتصار. [email protected]