فى الولاياتالمتحدةالأمريكية هناك فارق بين رئيس الحزب، وزعيمه السياسى، والرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى ينتمى للحزب الديمقراطى، ونجح فى إعادته إلى البيت الأبيض بعد غياب 8 سنوات، ليس رئيس الحزب، وإنما كان مرشحه للرئاسة. وفى كلا الحزبين الكبيرين فى أمريكا: الجمهورى والديمقراطى، هناك رئيس إدارى، مهمته إدارة شؤون الحزب اليومية، وتنظيم شؤونه، وتجهيزه للمعارك الانتخابية سواء فى الانتخابات المحلية أو حكام الولايات، أو انتخاب أعضاء الكونجرس، وحتى انتخابات الرئاسة، إلى جانب توليه إدارة الشؤون المالية والتنظيمية للحزب. والرئيس الإدارى هناك يسمى رئيس اللجنة الوطنية للحزب، وفى الحزب الديمقراطى يشغل هذا الموقع حاكم ولاية فيرجينيا تيم كين، وقبل أن يصادق أعضاء اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطى على تعيينه، وصفه باراك أوباما فى خطاب ترويجى لكين بأنه «الشخص المناسب لإعادة تشكيل الحزب الديمقراطى لمواجهة تحديات القرن ال 21بشكل أفضل». وفى الحزب الجمهورى، يشغل رئاسة اللجنة الوطنية للحزب - وهى أعلى مستوى إدارى وتنظيمى داخله - ستيفن مايكل ستيل، وهو أول أمريكى من أصل أفريقى يتولى هذا الموقع الكبير فى الحزب، وانتخبه الجمهوريون للمرة الأولى بعد عشرة أيام فقط على تنصيب باراك أوباما أول رئيس أسود فى تاريخ الولاياتالمتحدة. وقال ستيل أمام أعضاء الحزب بعد التصويت: «هذا أمر رائع، فبتواضع كبير والشعور بمعنى الواجب، أوافق على هذا الاختيار». وأضاف: «شكرا لكم جميعا لأنكم أتحتم لى هذه الفرصة لأكون الرئيس الوطنى الجديد للحزب»، وتعهد أمام الجمهوريين بالسعى إلى «تكبير وتقوية الحزب». ليس شرطاً على الإطلاق أن ترى مايكل ستيل مرشحاً للحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولا تيم كين رهاناً للحزب الديمقراطى فى سباق البيت الأبيض، فالمؤتمر العام للحزب هو الوحيد الذى يحدد مرشحه القُطرى، ومؤتمرات الولايات هى التى تختار المرشحين لمواقع حكام الولايات، إلى جانب مرشحى الكونجرس، وعند هذا تتجلى أهمية الرئاسة الإدارية للحزب، التى تتولى التنظيم والإشراف على عدد كبير من الانتخابات الداخلية فى جميع المستويات، لذلك لابد أن تديرها بكفاءة وهيمنة، واستقلال، دون أن يكون الرئيس الإدارى نفسه أو ممثلوه فى الولايات أطرافاً فى هذه المنافسات الانتخابية الداخلية. لا أنقل لك كل ذلك بمناسبة إصرار الحزب الوطنى على بقاء الرئيس مبارك رئيساً له، وليس مجرد زعيم سياسى ومرشح رئاسى، وإنما بمناسبة تجربة الانتخابات التى جرت فى «الوفد»، وأهمها تعليق المرشح الفائز د.السيد البدوى، على إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية، بتأكيده أن «رئاستى للحزب لا تعنى بالضرورة أننى مرشحه للرئاسة»، وإحالته الأمر للجمعية العمومية للوفد لتنتخب من تراه مناسباً لخوض انتخابات الرئاسة، وهو محاولة جديدة لتكريس هذه الثقافة، فليس كل رئيس حزب يصلح مرشحاً للرئاسة.. نموذج كهذا الذى يبشر به البدوى، إلى جانب أنه سيكون درساً وفدياً جديداً، سيسهم فى كسر احتكار الحياة السياسية، وسيقضى على التنظيمات العائلية فى الأحزاب السياسية، إلى جانب أنه سيمنح التجربة الحزبية نموذجاً للاحتراف السياسى والتنظيمى. فمتى يكون لكل حزب «رئيس إدارى» واحد ومحايد ومتفرغ للنهوض بحزبه، ومئات المرشحين السياسيين على المواقع المختلفة من الرئاسة إلى البرلمان وحتى المحليات؟! [email protected]