اتفق خبراء ومحللون سياسيون رفضهم لتصريحات وزير الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، حول مطالبتها للمجلس العسكري، بتسليم السلطة إلى الفائز فى الانتخابات الرئاسية، وقولها بضرورة تبنى الجيش دورًا آخر «غير الهيمنة أو إفساد السلطة الدستورية», معتبرة في تصريحات نقتلها ال«BBC»، الأربعاء, أن جنرالات العسكري الذين يحكمون مصر، لم يكفوا عن «قول شيء في العلن، ثم يتراجعون عنه فى الخفاء بطريقة ما». واختلف الخبراء في تصريحاتهم ل«المصري اليوم»، حول أثر تلك التصريحات، وإمكانية تفويت الصدام المتوقع بين المجلس العسكري من جهة، وجماعة الإخوان من جهة أخرى. الدكتور عبد المنعم سعيد، الرئيس الأسبق لمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، قال: «أرفض شكلًا وموضوعًا تلك التصريحات، لأن الولاياتالمتحدة ليس من دورها إقرار كيفية التحول السياسي في الدول، فهي ليست منظمة دولية كالأمم المتحدة مثلاً، ولا تمتلك تفويضًا للتدخل في سياسات الدول». وأضاف: «لا ينبغي أن تتدخل الإدارة الأمريكية في أعمال القضاء، سواء اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، أو المحكمة الدستورية، فالولاياتالمتحدة لا تعرف المكانة الخاصة بالمحكمة الدستورية في مصر، باعتبارها أساس البناء القانوني والديمقراطي، حتي قبل الثورة، وأنها ألغت من قبل لمبارك قرارات دون أن تخشى». وقال «سعيد»، «أري أن آراء الولاياتالمتحدة مضللة من جانب باحثين قريبين من اليسار الليبرالي، ولديهم مواقف مسبقة فيما هو متعلق بالمؤسسات العسكرية، وتلك الآراء تتناقض مع مدارس بحثية أخرى في الولاياتالمتحدة»، وفي الوقت نفسه قلل من أهمية التدخل الأمريكي لمنع صدام وشيك بين المجلس العسكري من جهة، وجماعة الإخوان من جهة أخري. واستكمل بقوله: «أمريكا تتدخل طول الوقت أثناء الثورة، في البداية كان تدخلها لصالح مبارك، وفي النهاية تدخلت وتضامنت مع الثوار، وكل ذلك فقط بالتصريحات، فهي ليست لها أرضية، والذي يقرر علي الأرض القوى الفاعلة، من خلال المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وجماعة الإخوان المسلمين، والقوى المدنية وقوى الثورة». واختلف الدكتور جمال سلامة، رئيس قسم العلوم السياسية، بجامعه قناة السويس، مع رأي الدكتور عبد المنعم سعيد، قائلا: «أكاد أجزم أنه خلال الساعات المقبلة، سيكون هناك تدخل أمريكي ما بين طرفي الأزمة، العسكري والإخوان، وذلك للحصول علي تطمينات من الطرفين، ولن تترك الأمر للصدفة». وأضاف «سلامة»، «أتصور أن يكون التدخل إما بشكل مباشر أو غير مباشر، وستحاول أن تبدو الولاياتالمتحدة علي الحياد، ولكنني أعتقد أنها أقرب للإخوان، فحزبهم سيأتي علي رأس الدولة، وأمريكا لا تريد خسارة مصر كحليف لها، ودائما ما عقدت أمريكا في كل العالم، تفاهمات مع حركات وجماعات أو أحزاب قريبة من السلطة، أو تستطيع من خلالها إفساد السلطة». واستطرد قائلا: «بالرغم من القرب الأمريكي الإخواني، إلا أن واشنطن لا تسعي لمعارضة شرسة للمجلس العسكري، ولكن يبدو أنه يصلها أن العسكري غير راغب في تسليم السلطة، خاصة بعد الإعلان الدستوري المكمل، وفي نفس الوقت المجلس العسكري، أيضا، لا يسعي للصدام مع الإدارة الأمريكية، لإعلان رفضه للتصريحات الأمريكية، فيكفيه التصعيد الداخلي، ولا يريد تصعيدًا خارجيًا أيضًا». من جانبه رفض الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهره، أن تكون تصريحات هيلاري كلينتون، تغيرًا في الموقف الأمريكي من مصر، قائلًا «بالرغم من التصريحات ولهجة التصعيد في تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية، إلا أنني أرى أنه لم يحدث تغير في الموقف الأمريكي، فالمواقف المعلنة والتصريحات شيء، والمواقف الحقيقية شيء آخر». وأضاف «نافعة»: «وجهة نظري أن الإدارة الأمريكية تفضل وجود شخصية عسكرية علي رأس السلطة في مصر، ولكنها تدرك الآن أنه لا يمكن أن يتم بشكل طبيعي وسلس، ولو جاء شفيق بطريقة غير سليمة، سيؤثر ذلك علي المصالح الأمريكية، فلذلك تداعب القوى الديمقراطية». وتابع: «لا أعتقد أن أمريكا يمكنها أن تكون حائط صد، لمنع أي صدام بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان، فهي ليست وسيطًا ولكنها صاحبة موقف مؤثر علي الطرفين، وتحاول أن تغلب مصالحها وتلعب دور المحايد»، مشيرًا إلى أن الولاياتالمتحدة، تعتقد بوجود محاولة للانقلاب العسكري، وبالرغم من ذلك اتخذت موقفًا ذكيًا ودبلوماسيًا، من خلال اللعب علي الطرفيين. وأوضح أن طريقة اللعب الأمريكية، تتمثل في محاولاتها للوصول إلى حلول وسط، وموقف تفاوضي مع المجلس العسكري، وعلي الجانب الآخر تقول للقوى السياسية، إنها ليست ضدهم، وليس لديها مانع من وصول الإخوان للحكم. فيما اعتبر مستشار إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، اللواء عبد المنعم كاطو، تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية، أنها تأكيد علي وجود اتصالات بين الولاياتالمتحدة وقيادات الإخوان المسلمين، قائلا: «لا يمكن أن تخضع مصر لضغوط خارجية لفرض مرسي كرئيس، دون وجه حق». وأضاف «كاطو»، «أعتقد أنها ليست اتصالات فقط، بل وعود مشتركة بين الطرفين، ومن خلال خبرتي أستطيع أن أقول إن هناك أزمات عارضة، تكشف الكثير من القوي السياسية». وتساءل «كاطو»، بقوله: «هل فرض مرسي كرئيس، وبضغوط من أمريكا، له علاقة بالفترة التي قضاها في الولاياتالمتحدة؟، أو بحمل أولاده الجنسية الأمريكية؟، جميعها تساؤلات لا يمكننا معرفه أجوبتها». وقال «كاطو»، كنت أقدر تنظيم الإخوان فيما قبل، ولكنهم خلال الأحداث الجارية كشفوا أنفسهم، فهناك قيادات تسعي للتوافق مع الولاياتالمتحدة، ولكن الأفراد في الجماعة يرفضون ذلك تمامًا»، بحسب قوله. وأبدي «كاطو» تعجبه من موقف الإدارة الأمريكية، وظنهم أن الجيش المصري، لن يسلم السلطة كما وعد من قبل، في 30 يونيو الجاري، رافضًا أن تكون للإدارة الأمريكية دور في منع الصدام بين المجلس والإخوان، قائلًا: «لن يحدث صدام من الأساس لتمنعه أمريكا، فليس المائة ألف في التحرير هم الشعب المصري، ومن يحاول الصدام مع أي جيش سيكون الخاسر الأكبر، لأن الجيوش فلسفتها الحرب، وليس فض التجمهر»، مؤكدًا في الوقت نفسه، أن الجيش المصري اتخذ قرارًا، منذ 26 يناير في العام الماضي، بعدم استعمال السلاح المصري ضد المصريين.