بقدر كبير من التفاؤل على المستوى الاقتصادى، والتحدى على المستوى السياسى، جاء خطاب الرئيس مبارك فى احتفال عيد العمال بقاعة المؤتمرات الكبرى بمدينة نصر، أمس، وجدد فيه الرئيس تعهده بنزاهة الانتخابات، ومواصلة الانحياز للعمال، كما واصل توجيه رسائل حاسمة للمعارضة، مشيراً إلى أن الشعارات لا تكفى لكسب ثقة المصريين، ووصفت وكالة الصحافة الفرنسية الخطاب بأنه «تحد جديد للمعارضة». وقال مبارك إن مصر تشهد «تفاعلاً غير مسبوق فى حركة مجتمعها» مرجعاً ذلك إلى التعديلات الدستورية، وخطوات الإصلاح السياسى التى بدأها منذ توليه السلطة، مؤكداً سعيه لإقامة «دولة مدنية حديثة». وتعهد مبارك باستكمال ما وعد به من إصلاحات سياسية ترسخ دعائم الديمقراطية، وتدعم دور البرلمان والأحزاب، وتعزز استقلال القضاء، وتنأى بالدين عن السياسة، مؤكداً ترحيبه «بما تموج به مصر من تفاعل نشط لقوى المجتمع»، لكنه حذر من انزلاق البعض بهذا التفاعل إلى «انفلات يعرض مصر وأبناءها لمخاطر الانتكاس». وقال الرئيس: «لا مجال فى هذه المرحلة الدقيقة لمن يختلط عليه الفارق الشاسع بين التغيير والفوضى، وبين التحرك المدروس والهرولة غير محسوبة العواقب»، مشيراً إلى أن الشعب هو الحَكَم وستكون كلمته هى الفيصل فى صناديق الاقتراع. وهاجم الرئيس من وصفهم ب«أصحاب الشعارات».. وقال: «عليهم أن يجيبوا عن تساؤلات الناس، ماذا لديهم ليقدموه؟ وما سياساتهم لجذب الاستثمارات وإتاحة فرص العمل؟ ما برامجهم لرفع مستوى معيشة محدودى الدخل؟ ما مواقفهم من قضايا السياسة الخارجية ومخاطر الإرهاب؟». واعتبر الرئيس أن «أى زيادة غير واقعية فى الأجور لا تعكس مستوى الإنتاجية ستؤدى إلى تراجع قدرتنا التنافسية وانحسار فرص العمل وزيادة التضخم». واختتم الرئيس كلمته بالتأكيد على أننا «نقف الآن فى مفترق طرق، وأمامنا خيارات وتحديات صعبة وعلينا أن نختار»، وقال: «إننى كواحد من أبناء مصر أجد نفسى اليوم وأكثر من أى وقت مضى أقوى عزماً وأشد تصميماً على ألا ترتد حركة مجتمعنا للوراء». من جهة أخرى أجمع عدد من ممثلى القوى السياسية والحركات الاحتجاجية، على أن خطاب الرئيس حسنى مبارك، فى الاحتفال بعيد العمال، أمس، بعيد عن الواقع ويحمل إنذارات للمعارضة، وأكدوا أن ما جاء فى الخطاب يعكس فزع النظام من الحراك السياسى والاجتماعى، الذى تشهده مصر بشدة فى الآونة الأخيرة، وطالبوا الرئيس بوضع ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات.