أهم القرارات الحكومية اليوم في العدد 214 بجريدة الوقائع المصرية    الحوار الوطني يطالب المواطنين بتقديم مقترحاتهم حول قضية الدعم قبل هذا الموعد    وزير العمل يلتقي رئيس اتحاد الصناعات للتنسيق في الملفات المُشتركة    محافظ المنيا يتفقد أعمال رفع كفاءة البنية التحتية لفندق الجامعة    الكهرباء تزف بشرى للمواطنين بخصوص فواتير الاستهلاك لشهر سبتمبر    المالية تسمح بتقديم وتعديل الإقرارات الضريبية عن الفترة 2020 حتى 2023 بلا غرامات    محافظ الدقهلية يتفقد المدارس والمستشفيات والمخابز بطلخا والمنصورة    إعلام عبري: إجماع داخل إسرائيل على تحرك بري محدود في لبنان    أول صورة لموقع وفاة حسن نصر الله    4 شهداء و15 مصابًا في قصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين ببيت لاهيا    الدوري الإنجليزي، أستون فيلا يتقدم على إيبسويتش 1/2 في الشوط الأول    موعد انضمام صلاح لمعسكر منتخب مصر القادم    «كوت أوفسايد»: الموسم الحالي قد يكون الأخير ل محمد صلاح في ليفربول    العثور على جثة غريق طافية بنهر النيل في الوراق    حبس 9 عناصر متهمين في جرائم سرقات متنوعة بالخليفة والمرج ومدينة نصر    يسرا: الفن اللغة الوحيدة التي تعبر عن أوجاع الشعوب | بالفيديو    لمسات فنية.. معرض تشكيلي في ختام النشاط الصيفي بالإسماعيلية    تعرف على الأفلام الوثائقية الطويلة التي تتسابق على جوائز "الجونة السينمائي"    زيلينسكي: روسيا أسقطت 900 قنبلة على أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي وحده    3 أندية عربية ونجم عالمي هنأوا الزمالك بالتتويج بالسوبر الأفريقي على حساب الأهلي    سداسي محترف في معسكر منتخب مصر القادم.. موقف النني وحجازي    نقيب الأشراف ينعي شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم    المفتي يستقبل وفدًا رفيع المستوى من علماء الجمعية المحمدية بإندونيسيا لتعزيز التعاون    الأزهر يناقش مفهوم التربية الجمالية: كيف يكون جمال المظهر والمخبر    ضبط مواد غذائية مجهولة المصدر بحملة تموينية فى العاشر من رمضان    مصرع شاب في تصادم دراجة بخارية وتريلا بقنا    مصرع صياد غرقًا أثناء عمله في بحيرة المنزلة    ضبط 150 طن مخلفات بلاستيكية ومخصبات زراعية مجهولة المصدر بالقليوبية.. صور    رئيس حزب الاتحاد: الشرق الأوسط ينزلق إلى حرب شاملة    وزير المالية يفتتح مؤتمر «بورتفوليو إيجيبت» بحضور كبار الاقتصاديين غدا    مدير إدارة حدائق أكتوبر التعليمية تتفقد انتظام سير الدراسة بعدد من المدارس    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير فندق الجامعة ويؤكد: يسهم في تنشيط السياحة    بندارى: جماليات اللغة الساخرة والتفاصيل الصغيرة    بيان مهم بشأن حالة الطقس في الليلة الأخيرة من سبتمبر: «مفاجآت غير متوقعة غدًا»    الصحة تخصص خطا ساخنا للاستفسار عن أماكن توفر تطعيم السعار    ماء الليمون الأبرز.. 6 مشروبات صباحية لتقليل الإمساك وتحسين الهضم    نجاح الفريق الطبي بمعهد القلب في إجراء تدخل جراحي دقيق لإنقاذ حياة مريض    إعادة تشغيل الصيدلية التجارية بعيادة السلام للتأمين الصحي ببني سويف    سيارات تويوتا وجيب وبيجو للبيع في مزاد علني.. الشراء بالرقم القومي    عادل السنهوري ل شريف مدكور: عبقرية سيد درويش أن ألحانه تعيش منذ 100 عام    ميقاتي: يجب وقف إطلاق النار على جميع الجبهات ومن ضمنها غزة حتى نتمكن من تطبيق القرار 1701    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    احذر.. حبس وغرامة مليون جنيه عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص    بعد واقعة اكتشاف سحر مؤمن زكريا داخل المقابر.. ما رأي الدين في السحر والسحرة؟    هل اقترب موعد العمل العسكري؟.. تصريح قوي من وزير الخارجية بشأن سد النهضة    الرئيس السيسي: ندير أمورنا بشكل يحفظ أمن واستقرار بلادنا والمنطقة    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    نشرة الأخبار، الكشف عن جنسية جاسوس أبلغ تل أبيب بمعلومات موقع حسن نصر الله، وإسرائيل اغتالته ب 85 قنبلة وطائرة F16    توزيع 1000 شنطة سلع غذائية على الأسر الأولى بالرعاية في كفر الشيخ    رئيس أكاديمية الشرطة: الرئيس السيسي يقود مسيرة البلاد نحو التنمية والتقدم    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله    أول تعليق من هانز فليك بعد رباعية اوساسونا    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلى حسن حمود شهيد رصاص المظاهرات
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 04 - 2010

عزيزى وصديقى الصغير الشهيد حسن سليمان حمود، زميلى فى السنة الرابعة بمدرسة القناة الإعدادية ببورسعيد عام 1956. أكتب إليك هذه الرسالة بعد مرور أربعة وخمسين عاماً على المظاهرة التى تقابلنا فيها لآخر مرة على تقاطع شارعى محمد على والتلاتينى وبالتحديد على رصيف مقهى فريال ذى الأعمدة المستديرة، كنا فى شهر نوفمبر وسط آلاف التلاميذ الذين تجمهروا للتظاهر ضد قوات الاحتلال البريطانية بمناسبة وصول طلائع قوات الأمم المتحدة إلى مدينتنا تمهيداً لانسحاب قوات العدوان،
لا شك أنك تذكر أنه مع اقتراب الساعة من الخامسة مساء بدأت نداءات الميكروفونات البريطانية علينا بإخلاء الشارع وإلا اعتبرونا خارجين على القانون نستحق القتل بالرصاص تماماً مثلما قال نائب البرلمان نشأت القصاص عن مظاهرات الشباب بالقاهرة يوم السادس من أبريل 2010، سأنقل لك ما قاله من صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 21/4. قال النائب تحت قبة البرلمان «لو كان الأمر بيدى لاستجوبت وزير الداخلية بسبب لينه الشديد فى التعامل مع هؤلاء الخارجين عن القانون، اضربوهم بالنار واستعملوا الرصاص مع المتظاهرين الخارجين عن القانون».
لاحظ صديقى حسن أن سياق العبارة يعتبر التظاهر فى حد ذاته خروجاً على القانون رغم أن الدستور يكفله للمصريين، هل تذكرك هذه العبارة بعبارة الميكروفونات البريطانية بعربية ركيكة تقول «يا أهالى بورسعيد ممنوع حد يمشى بعد الساعة خمسة مساء، اللى يمشى بعد الساعة خمسة مساء قوات إنجليزية فرنسية مسلحة راح يطلق النار عليه»، أريد أن أقول لك إننى قد أصبت بحالة دوار فور سماعى لعبارة النائب فلقد قدرت أنه يعبر عن تيار رسمى داخل الحزب الحاكم وهيئته البرلمانية ولكن تتالى الاحتجاجات الشعبية توج أخيراً باحتجاج من أمين الحزب ورفض للعبارة، المهم أن حالة الدوار جعلتنى لا أدرى هل أنا فى القاهرة الحرة المحكومة بالمصريين عام 2010 أم أننى قد عدت إلى بورسعيد عام 1956 المحكومة بالغزاة المحتلين.
لقد استمرت الحالة عدة أيام اضطررت معها إلى زيارة عيادة الدكتور مجد فؤاد زكريا، أستاذ أمراض المخ والأعصاب بجامعة عين شمس وهو نجل أستاذى وصديقى الفيلسوف المصرى الكبير د. فؤاد زكريا، لقد فحصنى الطبيب فى اهتمام وأثناء الفحص أطفأ الأنوار وركز فى عينى ضوءاً دقيقاً وطالبنى بأن أنظر إلى الأمام، كانت لمعة الضوء النافذ إلى عينى فى ظلام الحجرة مثل لمعة الرصاصة التى انطلقت من فوهة مسدس الضابط البريطانى المصوبة إليك ونحن نقف على تقاطع شارعى التلاتينى ومحمد على،
رأيتها تطير فى المسافة الفاصلة بيننا وبين اللورى البريطانى الضخم الذى زمجرت فرامله بعد أن استفزتك محاولة دهس الأولاد تحت عجلاته فالتقطت حجراً وصوبته إلى الزجاج الأمامى، أضاء الدكتور مجد نور غرفة الكشف قائلاً: لا أريد منك أى تحليلات أو فحوصات فليس بك شىء عضوى ثم نظر إلى عينى قائلاً: «متهيأ لى إنك عاوز تعيط.. دموعك ظاهرة وقريبة»، لم أشأ أن أضيع وقت الطبيب الصديق وأن أفسر له وجود دموع متحجرة فى عينى وأعتقد أنه سيعرف الآن فهو من قرائى الأعزاء،
أعتقد عزيزى الصغير حسن أن كلمات عضو مجلس الشعب «القصاص» كانت القشة الأخيرة التى دخلت عينى لكن قبلها قشات كثيرة أرهقتنى أنا وأبناء جيلنا الذين أكملوا مسيرة الحياة بعد رحيلك إلى السماء برصاصة هذا الضابط البريطانى المجنون بالسادية ومشاعر البلادة والقسوة، مازال أمام عينى مشهدك وأنت راقد على ظهرك وعيناك ترمشان بسرعة ونقطة حمراء على يسار قميصك الأبيض فى موقع القلب تتسع رقعتها ودوى الرشاشات البريطانية يملأ أسماعى بعد أن أعطت الطلقة النافذة إلى قلبك إشارة فتح النيران الكثيفة على التلاميذ المتظاهرين تماماً.. تماماً يا عزيزى حسن كما توحى عبارة نائبنا البرلمانى، لا شك أن قوات الاحتلال البريطانى قد اعتبرتنا فى ذلك اليوم متظاهرين خارجين على القانون.
لست أدرى يا حسن ما إذا كنت شعرت بى عندما حملك بعض الشبان الكبار من على الأرض وجروا إلى ناحية كنيسة شارع محمد على الكبرى.. لقد ظللت أجرى خلفهم، فلقد كان مستحيلاً أن أتركك وحيداً، لقد تركتك فقط عندما أمرنى الأب القسيس بطرس بأن أذهب إلى البيت بعد أن عرف أننى ابن صديقه الشيخ عبدالحميد وبعد أن طمأننى بأنه سيضعك موضع العناية وأخذ منى اسمك وعنوانك، لست أدرى اليوم ما إذا كان النائب وأمثاله يتصورون نوع المشاعر المريرة التى تصاحب إطلاق الرصاص على شباب مسالم لمجرد أنه يعبر عن رأيه أو ينادى بحرية الوطن من الاحتلال أو الاستبداد.
لقد ظللت فى تلك الليلة الباردة من ليالى نوفمبر 1956 جالساً بعيون قد تحجر فيها الدمع فى بلكونة بيتنا بشارع التجارى أنظر إلى النجوم وقد اختفى لمعانها خلف غلالات الدمع المتحجر لقد سالت دموعى عليك فقط عندما قطع صمت الليل همس الفدائيين المصريين وهم يتحركون ويتوزعون على النواصى فى انتظار مرور الدوريات البريطانية، شعرت أن طلقات الرشاشات التى تلعلع فى أجسام الجنود البريطانيين هى طلقات عرسك، كانت سيمفونية الرصاص التى يتخللها عزف منفرد لمقذوفات البازوكا المضادة للدروع وإيقاع انفجار القنابل اليدوية فى السيارات البريطانية فرحاً مثيراً وعرساً مبهجاً لشهيد يزف إلى السماء، عندما نظرت إلى النجوم وجدتها قد استردت لمعانها واشتد بريقها وراحت تومض كأنها تغمز لى بعيونها قائلة: لا تحزن إن صاحبك حسن فى أمان الله الآن.
ترى هل قرأ النائب «القصاص» وأمثاله ما يكفى ليحكم على النتائج التى ستسفر عنها الرصاصات التى ستخترق قلوب البعض من الشباب فى نفوس البعض الآخر. إن الرصاصة التى اقتحمت صدر حسن سليمان حمود الفتى البورسعيدى على يد قوات الاحتلال قد أنجبت فينا مقاتلين شرسين ضد كل من يحاول المساس بالمصريين أو أرضهم من الأجانب، لكن دعوة قتل المتظاهرين اليوم ستنجب لمصر إرهابيين جدداً نتيجة الحرمان من الحق فى التعبير الحر والتظاهر السلمى ثم نتيجة مؤكدة لإطلاق الرصاص بالمخالفة للدستور والقانون وحقوق الإنسان.
عزيزى الشهيد الصغير حسن إن أنواعاً عديدة من الرصاص تطلق على أجساد المصريين على سبيل المثال، فقد أيدت محكمة النقض حكم السجن الصادر ضد وكيل أول وزارة الزراعة يوسف عبدالرحمن وزميلته راندا الشامى لاتهامهما بطلب وأخذ رشاوى للإخلال بواجبات وظيفتهما والتربح واستغلال النفوذ واستيراد مبيدات خطرة عالمياً تحتوى على مركبات مسرطنة ومحظور تداولها بالبلاد والإضرار العمدى بالمال العام،
لاحظ عزيزى حسن عدد المخالفات والجنايات الواردة فى الخبر السابق الذى نقلته عن الأهرام فكل منها يمثل طلقة قاتلة فى أجساد الشعب المصرى على اتساعه من المسؤول عن الزراعة المصرية فى حينه، إن هنا دعوات متعددة للتغيير والإصلاح بعضها من داخل النظام الحاكم وبعضها من خارجه لوقف هذا السيل من الطلقات التى تقتحم أجساد وحياة المصريين، ادع لنا بمكانتك عند ربك أن ننجح فى إصلاح أحوال مصر وإشباع حاجات المصريين وحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإننى لا أحسبك ميتاً ولكن حياً ترزق عند ربك فقد قتلت فى سبيل الله، ادع لنا حسن وتقبل محبتى الدائمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.