تباينت ردود فعل عدد من قيادات الأحزاب، وأعضاء البرلمان، ونشطاء المجتمع المدنى، والخبراء السياسيين، حول ما جاء فى الخطاب الذى ألقاء الرئيس مبارك أمس الأول، بمناسبة عيد تحرير سيناء، خاصة فيما يتعلق بانتقاده الحراك السياسى، وتحذيره مما يمكن أن يؤدى إليه من نتائج تكون فى غير صالح الوطن، وكذلك تأكيده ضمان نزاهة الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، فبينما اعتبر البعض ما جاء فى الخطاب رسالة موجهة إلى المعارضة تحمل العديد من النقاط الإيجابية، وتؤكد أن الرئيس يتابع ما يحدث من حراك سياسى ويعترف به، وصفها البعض الآخر بأنها تحمل تحذيرات ورسائل حادة للمعارضة، خاصة عند الحديث عن نزاهة الانتخابات دون التطرق إلى آليات تضمن ذلك. أثنى المستشار مصطفى الطويل، الرئيس الشرفى لحزب الوفد، على ترحيب الرئيس مبارك بالاحتجاجات المدنية، وأيد تحذيراته وتخوفه من أن يندس بين هذه الجماعات أشخاص مغرضون لديهم أهداف سياسية لا تحمد عقباها. وقال الطويل: «نذكر الرئيس مبارك بوعده بإجراء الانتخابات المقبلة بنظام القوائم النسبية، لأنها تعطى الأحزاب فرصة أكبر للمنافسة». ورفض الدكتور محمد أبوالعلا، نائب رئيس الحزب الناصرى، تصريحات الرئيس حول الحراك المجتمعى والسياسى، وقال إن بعض رجال السلطة هم الذين أعطوا الرئيس مبارك انطباعا بأن هذا الحراك خطر على الدولة. وطالب أبوالعلا بإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام القائمة النسبية حتى يتم التخلص من البلطجة، وسطوة رأس المال على الانتخابات، كما طالب بتشكيل هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات تضم ممثلين من قوى المعارضة بأطيافها المختلفة، معتبراً أنه دون هذه الضمانات لا مجال للحديث عن نزاهة الانتخابات. وأرجع نبيل زكى، المتحدث الإعلامى باسم حزب التجمع، الحراك المجتمعى إلى أن المجتمع فى حاجة إلى تعديلات دستورية وتشريعية لكى ينمو ويتقدم، وفى حاجة إلى قانون لمباشرة الحقوق السياسية يكفل نزاهة الانتخابات، معتبراً أن الرئيس مبارك يعلم جيداً أن الانتخابات غير النزيهة هى التى أفرزت نواب الأراضى، والقمار، والقروض، والمخدرات، والرصاص. وأوضح «زكى» أنه لا ضمان لنزاهة الانتخابات دون كشوف ناخبين سليمة، وإشراف قضائى، ولجنة عليا محايدة للانتخابات، والفصل بين الحزب الحاكم، وأجهزة الدولة، ووضع سقف للنفقات فى الانتخابات. ورحب ممدوح قناوى، رئيس الحزب الدستورى، بتصريحات مبارك حول نزاهة الانتخابات وقال: «أتمنى أن تتحول إلى حقيقة يلتزم بها الحزب الحاكم، وأجهزة الأمن، لأن نزاهة الانتخابات الآن غير مضمونة بسبب إلغاء الإشراف القضائى، وعدم تنقية كشوف الناخبين، وبقاء قانون الطوارئ»، معتبراً أن أى حراك سياسى من خلال الأحزاب لا يمكن أن تنطبق عليه تحذيرات الرئيس. وقال الدكتور جمال زهران، عضو مجلس الشعب «مستقل»، إن الرئيس مبارك أراد توجيه رسالة للمجتمع كله تقول إنه ليس بعيداً عن كل ما يحدث، وأنه متعايش معه رغم مرضه، كما أراد الاعتراف بوجود ضغط على النظام والحكومة بسبب ما يجرى من أحداث، وأضاف أنه أمر جيد أن يشعرنا الرئيس بأنه يهتم بهذا الحراك. واعتبر زهران حديث الرئيس عن نزاهة الانتخابات دون إجراءات على أرض الواقع، بمثابة رسالة سياسية غير واضحة أو «طمأنة منقوصة» للشعب، بحسب تعبيره، وقال: «لا ينبغى أن يتحدث الرئيس عن الحراك الاجتماعى دون التطرق إلى تنفيذ الحكم القضائى الخاص بوضع حد أدنى للأجور»، معتبراً أن تحذير الرئيس من تحول الحراك إلى مواجهة أو صراع، لفت نظر من الرئيس إلى ضرورة عدم إساءة استخدام مساحة الحرية المتاحة. وقال الدكتور حمدى حسن، المتحدث الرسمى باسم الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين فى مجلس الشعب، إن حديث الرئيس مكرر، معتبراً أن الرئيس اضطر إلى الترحيب بحالة الحراك الاجتماعى والسياسى بسبب سوء حالته الصحية، وأضاف: «كنت أتمنى أن يعلق الرئيس على دعوة أحد أعضاء الحزب الوطنى، وزارة الداخلية لإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وإعلان احترام حق المواطنين الدستورى للتظاهر. وتوقع النائب المستقل كمال أحمد أن يكون الخطاب تلميحاً إلى قدوم مرحلة تغيرات واسعة فى النظام ككل، وقال: «من الحكمة والوجاهة أن يبدأ النظام التغيير بيده بدلاً من فرضه عليه مما يفتح الباب للفوضى، وقد أراد مبارك من خلال خطابه بصفته أعلى سلطة فى الدولة، أن يرد على ما يحدث من حراك فى المجتمع، وموافقته عليه دون صدام. ووصف الدكتور حسن نافعة، منسق الجمعية الوطنية للتغيير، ترحيب الرئيس بالحراك الاجتماعى والسياسى بشرط الالتزام بالدستور، بأنه يتناقض مع أول مطالب هذا الحراك هو تغيير الدستور للبدء فى عملية إصلاح سياسى متكاملة، وأضاف أن حديث الرئيس عن نزاهة الانتخابات يجب أن يكون مصحوبا بترحيب بالرقابة الدولية والإشراف القضائى عليها. وقال جورج اسحاق، المنسق العام الأسبق للحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية»، إن نزاهة الانتخابات لها آليات يجب تحقيقها قبل الحديث عنها، ومنها تعديل المواد 76 و77 و88 من الدستور، وإلغاء قانون الطوارئ، وإقرار التوقيع الالكترونى للناخبين. وأضاف اسحاق: «اذ لم تتحقق هذه الضمانات فسوف نطالب من خلال الجمعية المصرية للتغيير التى يرأسها الدكتور محمد البرادعى، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن خلال الحركة الشعب المصرى لمقاطعة الانتخابات المقبلة. وتوقع الدكتور نبيل عبدالفتاح، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن تشهد المرحلة المقبلة حرب تصريحات بين النخبة السياسية الحاكمة وعلى رأسها الرئيس مبارك، والمعارضة بأحزابها وجماعاتها خارج الإطار الحزبى بما فيها الإخوان المسلمين، إذ سيحاول كل طرف أن يضغط على الآخر للحصول على مجموعة من المكاسب، لافتاً إلى أن الرسالة التى حملها خطاب الرئيس توضح أن التغيير ليس بالبساطة التى يتوقعها نشطاء المجتمع، كما تضمنت التأكيد على أن السلطة لا تزال تمسك بزمام الأمور ومعها أجهزة الدولة القادرة على السيطرة على نواحى السلطة المختلفة. وقال ضياء رشوان، الباحث فى المركز، إن رسالة الرئيس مبارك واضحة وهى رفضه للمعارضة والحراك السياسى رغم ترحيبه العلنى به، فهو يحذر المعارضة من أنه لن يسكت على تحركاتها، ولن يقبل تواجدها المستمر على الساحة. وقالت الدكتورة منار الشوربجى، أستاذ العلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية، إن مصر فى مرحلة سياسية مهمة فى تاريخها تحتاج إلى انفتاح سياسى حقيقى تجنبا للفوضى التى تحدث عنها الرئيس مبارك، معتبرة أن مصر فى حاجة ماسة إلى إجراءات حاسمة تساعدها على دخول مرحلة الانفتاح المقبلة عليها.