فى الوقت الذى يتواصل فيه فرز الأصوات لإعلان نتائج أول انتخابات تعددية منذ 24 عاماً بالسودان نهاية الأسبوع الجارى، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الانتخابات «لم تكن حرة أو نزيهة، ولم ترق إلى المعايير الدولية»، إلا أنها اعتبرتها «خطوة مهمة» من حيث تنفيذ اتفاق نيفاشا للسلام الشامل لعام 2005، وأكدت أنها ستتعامل مع حكومتى الشمال والجنوب فى سياق التحرك لدفع التطبيق الكامل للاتفاقية. وكانت الولاياتالمتحدة قد أعربت عن قلقها إزاء شرعية الانتخابات قبيل انطلاقها، بيد أن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولى قال إنه على الرغم من العيوب التى شابت الانتخابات، فسيلعب المنتخبون أدوارا مهمة لتحديد «هل سيكون هناك استفتاء نعتقد صراحة أنه قد يقود إلى ظهور دولة جديدة»، فى إشارة إلى اقتراع على انفصال الجنوب ينظم فى يناير 2011، وأضاف: «الولاياتالمتحدة ستواصل العمل مع الحكومتين فى الشمال والجنوب». وفى بيان منفصل، قالت الولاياتالمتحدة وبريطانيا والنرويج، أمس الأول، إن الانتخابات شابها سوء التحضير ومخالفات، لكنها أبدت ارتياحها لأجوائها السلمية ولنسبة المشاركة. واختلف المحللون فى تفسيرهم للموقف الأمريكى من الانتخابات السودانية، حيث أرجع عدد من المحللين تأييد الولاياتالمتحدة إجراء الانتخابات فى مواعيدها، إلى أن استفتاء الجنوب مرتبط بهذه الانتخابات، فهى تريد - بحسب المحللين - للاستفتاء أن يتم فى موعده حتى يتم فصل الجنوب على أسس دستورية وعلى أساس اتفاقية نيفاشا - التى كانت الولاياتالمتحدة راعية له - لتجنب الفوضى. لكن كان للولايات المتحدة - بحسب موقع السودان الإسلامى - رأى ثابت كررته تصريحات عدد من المسؤولين الأمريكيين هو أنها لا تحبذ فصل الجنوب، لكن إذا انفصل الجنوب فستعترف بالانفصال. ويرى محللون أن الولاياتالمتحدة تخلت عن تحفظاتها تجاه فصل الجنوب، حيث إنها لم تعد تتحدث عن تلك التحفظات، بل إن كراولى أعرب عن اعتقاد بلاده بأن استفتاء يناير «قد يقود إلى ظهور دولة جديدة»، مؤكداً أن بلاده ستتعامل مع حكومتى الشمال والجنوب، وأن الانتخابات هى «خطوة مهمة» رغم ما شابها من مخالفات، ولذلك لم يجد كثير من المحللين سبباً ل«حماس» الولاياتالمتحدة لإجراء الانتخابات فى مواعيدها - وعدم تأجيلها استجابة لمطالب المعارضة - إلا أنه تعزيز لفكرة فصل الجنوب بطريقة مرتبة وبواسطة صناديق الاستفتاء. لكن مراقبين آخرين يرون أن الباحث فى الغالب لن يجد نصاً أمريكياً يدعم فكرة انفصال الجنوب، وفى المقابل سيجد كثيراً من الشواهد التى تدعم فكرة استمرار الوحدة، منها التصريحات الأمريكية السابقة الداعمة للوحدة، ومنها أن الحكم فى الجنوب يعانى من هشاشة مفرطة يخشى أن تستفحل إذا لم تجد دعماً مناسباً من الشمال، ومنها أن واشنطن تريد وحدة تضمن مصالحها واستقرار المنطقة، كما أن وجود الجنوبيين فى حكومة الوحدة «سيخفف من نفوذ الإسلاميين»، فضلا عن أن اتفاقية نيفاشا عدلت العلاقات الجنوبية الشمالية بشكل ربما يغنى عن الانفصال. فيديو مستقبل السودان بعد الانتخابات على الرابط التالى: