من أسوأ ما ترزأ به المؤسسات والمصالح فى بلادنا رجل يحمل مسؤولية دونها طاقته، وأسوأ منه آخر يمشى فى مرؤوسيه بالوقيعة وإثارة الفتن بغية إحكام السيطرة عليهم، ضارباً بذلك مثل السوء فى فعاله. ومن أمارات السفه وغرائب الخصال أن يقوم الرجل بإثابة المخطئ وعقاب المصيب! ومنها أن يضل فى شؤونه فيرفع هذا ويخفض ذاك، لا لشىء إلا لهوى فى نفسه، أو أمر لا شأن للمصلحة العامة فيه، ولا عزاء للنفع العام ومصالح الناس!! وقد عرفت مصر حديثاً صنوفاً من الفساد والفاسدين تغص بهم دواوينها، فصدقت علينا تهمة المتنبى ولعنته فى الأزل حين قال: «نامت نواطير مصر عن ثعالبها.. فقد بشمن وما تفنى العناقيد»، وقد يحسب المهتمون بالشأن العام -وقليل ما هم- أن الفساد مرادف للسرقة والاختلاس وغيرهما من جرائم ظاهرة الفحش، على أن للفساد جذوراً تضرب فى أرض الإهمال.. وأخرى تضرب فى أرض السفه.. وثالثة تضرب فى أرض الغباء.. فكان نصيبنا من الأخيرة نصيب الأسد!! وعرفت مصر من الأغبياء من أتت تصاريفهم على الأخضر واليابس.. وعرفت من السفهاء من تقلدوا زمام الأمور، وساقوا الشعب نحو هلاكه وفقره!! د. مدحت أنور نافع- خبير اقتصادى [email protected]