على بعد أمتار من مؤسسات الرعاية ودور الأيتام، يبدأ ضحايا اليتم فى البحث عن معجزة تبقيهم أحياء وتحافظ على ما تبقى لهم من كرامة. خريجو دور الرعاية، وإن اختلفت قصصهم فهى لا تختلف كثيراً عن باقى تفاصيل معاناتهم، لم يكملوا تعليمهم وبالتالى يعيشون تحت رحمة صاحب العمل. خبراء فى العمل الاجتماعى والتأهيل والقانون يحاولون إيجاد حلول لشريحة من الشباب وجدت نفسها فجأة فى الشارع. مسؤولة بإحدى دور الرعاية – طلبت عدم نشر اسمها- أكدت أن غالبية الأيتام ينامون حول المؤسسة التى ربتهم بعد خروجهم منها، فهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع «العالم الغريب» الذى وجدوا أنفسهم فيه فجأة بسبب تجاوزهم السن القانونية، فهم يعتبرون الدار أو المؤسسة «بيتاً دائماً»، وينظرون لزملائهم الأيتام الذين شاركوهم الرحلة فى الدار باعتبارهم «إخوة» يحتمون بهم فى كل وقت. وعن الظروف السيئة التى يعيشها خريجو دور الرعاية ومؤسسات الأيتام يقول حمدى خليفة، نقيب المحامين وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: «لابد أن يكون للحكومة دور إيجابى وفعال فى التعامل مع تلك الظاهرة، وأن تكفل لهم دوراً للرعاية والتأهيل، وأن توفر لهؤلاء الشباب الضحايا احتياجهم حفظاً على أمن المجتمع وسلامته، وحمايته من انتشار الجريمة، فليس معقولاً أن نترك شبابنا هكذا فريسة للفقر والجهل والجريمة ثم نلومهم بعد ذلك، المطلوب دور حكومى فى المقام الأول وهو أمر لابد أن يكون موضع اعتبار، وأن توضع له خطة واضحة». وأضاف نقيب المحامين: «يجب أيضاً على جميع المؤسسات الحقوقية ومؤسسات العمل الأهلى وأولها نقابة المحامين أن تتخذ موقفاً واضحاً وتطالب الدولة برعاية هؤلاء الشباب بشكل لائق لا يخدش كرامتهم ويعوضهم عما تعرضوا له من انتهاكات ويحمى حقوقهم الضائعة، وأنا كنقيب للمحامين سوف أعمل على هذا دون تردد، فهو واجب وطنى ومجتمعى لا يمكن التهاون بشأنه». كما أكد خليفة أنه من جانبه، وبصفته نقيباً للمحامين وعضواً بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، سيقوم بتصعيد الموقف للجهتين لتتدخل كل من نقابة المحامين والمجلس القومى لحقوق الإنسان لحل مشكلة الشباب ودعم مطالبهم وحقهم فى الحياة الكريمة. وتابع خليفة: «على المجتمع أن يخاف على أمنه إذا لم يواجه هذا الموقف بإيجابية». ومن الجدير بالذكر أن المادة رقم (49) من قانون الأطفال نصت على الآتى: «للأطفال الأيتام أو مجهولى الأب وأطفال الأم المعيلة وأطفال الأم المطلقة إذا تزوجت أو توفيت وأطفال المسجون أو المسجونة المعيلة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات الحق فى الحصول على معاش من وزارة الشؤون الاجتماعية بشرط ألا يقل عن 40 جنيهاً لكل طفل، وبغض النظر عن قيمة المعاش فإن هؤلاء الشباب بحاجة أكبر إلى التأهيل النفسى والمجتمعى، كما أن على المجتمع دوراً فى احتضان شباب فقدوا كل شىء تقريباً، ويجربون الحياة خارج أسوار مؤسسات الرعاية للمرة الأولى».