تبدأ اليوم أول انتخابات تعددية منذ ربع قرن فى السودان، ويؤكد المراقبون أن الرئاسة تكاد تكون محسومة لمصلحة الرئيس عمر البشير نظرا لانسحاب جميع المرشحين الرئيسيين من مواجهته ،فضلا عن سيطرته الطويلة على النظام السودانى وعلى إدارة النظام الانتخابى. وسيتوجه إلى صناديق الاقتراع خلال ال3 أيام المقبلة نحو 16 مليون ناخب مسجلين لاختيار الرئيس والبرلمان الوطنى ومجالس الولايات. ومع سحب الحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون سابقون) مرشحها لرئاسة ياسر عرمان، بات مرجحا أن يفوز البشير من الدورة الأولى للانتخابات أمام منافسيه ال7، أبرزهم حاتم السر، مرشح الحزب الاتحادى الديمقراطى، وإن كانت فرصه معدومة عمليا، وإن بقى احتمال حدوث مفاجآت فى الانتخابات البرلمانية ومجالس الولايات قائما. وقال البشير فى آخر خطاب ألقاه بعد حملة ماراثونية جاب خلالها البلاد طولا وعرضا، فى حى أمبدة الشعبى على أطراف الخرطوم :«ما بنخلى خواجه يهين البلد دى بقمح أو تجارة أو محكمة دولية، دى كلها بنخليها تحت ونمشى لقدام»، مضيفا أنه سيخصص جل اهتمامه للحفاظ على وحدة البلاد، مؤكدا أن استطلاعا «سريا» أجرى فى جنوب السودان أظهر أن 30% فقط من الجنوبيين يؤيدون الانفصال. وأبدى البشير استغرابه من انسحاب حزب الأمة التاريخى من الانتخابات بعد أن أكد أنه تمت الاستجابة ل«90% من شروطه». وبعد انسحاب حزب الأمة التاريخى من الانتخابات، فإن الأحزاب الأربعة الرئيسية الباقية فى السباق إضافة إلى المؤتمر الوطنى، هى: حزب المؤتمر الشعبى بزعامة حسن الترابى، وحزب الاتحاد الديمقراطى والحركة الشعبية لتحرير السودان التى يمكنها من خلال المناطق أن تضمن السيطرة على نحو 25% من مقاعد المجلس الوطنى الذى يسيطر المؤتمر الوطنى بزعامة البشير حاليا على 52% من مقاعده. خاض البشير الذى تملأ صوره الشوارع حملة انتخابية كثيفة حملته إلى الجنوب ودارفور فى الغرب وكسلا فى الشرق وبلاد النوبة فى الشمال، وكان يعلن مشاريع جديدة ويحصل على تغطية إعلامية واسعة مثيرا بذلك غضب المعارضة التى تتهمه باحتكار وسائل الإعلام الحكومية. وقبل بدء الانتخابات أعلنت أحزاب الأمة الشيوعى والوطنى الاتحادى عدم اعترافها بنتائج الاقتراع الذى دعت الناخبين إلى مقاطعته. والتبست التصريحات الصادرة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان بشأن المشاركة فى الانتخابات فى شمال البلاد. ففى الوقت الذى قال مرشحها المنسحب ياسر عرمان إن قرار المقاطعة فى ولايات الشمال لايزال قائما، وأن مشاركتها ستقتصر على الولاياتالجنوبية العشر والنيل الأزرق وجنوب كردفان، نسبت وسائل إعلام سودانية إلى قائد الحركة سيلفا كير قوله إن الحركة ستشارك فى جميع أنحاء السودان. وعلى الصعيد الأمنى، عززت قوات الأمن السودانية والقوات الدولية والمنظمات الدولية انتشارها الأمنى، كما تأهبت قوات الأممالمتحدة التى تنشر نحو عشرة آلاف جندى وشرطى فى جنوب السودان والمناطق الحدودية بين الجنوب والشمال.. وبالإضافة إلى الاتحاد الأوروبى الذى ينشر 130 مراقبا للانتخابات فى السودان ومؤسسة كارتر التى تنشر نحو 50 مراقبا، تشارك جهات عدة فى مراقبة الانتخابات منها الجامعة العربية واليابان والصين. من جانبه، قال الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر الذى تشرف مؤسسته على الانتخابات، إنه يتوقع أن تسير الأمور على ما يرام، وقال كارتر: «لا نرى سببا يدعو إلى القلق ما عدا بالنسبة إلى بعض المحطات النائية. المواد الانتخابية قد تصلها متأخرة بعض الشىء، ولكن لديهم ثلاثة أيام على الأقل للإدلاء بأصواتهم». وغذت المخاوف بشأن الاستعدادات اللوجيستية الجدال فى السودان بشأن تأجيل الانتخابات، وانتقدت بعض أحزاب المعارضة خصوصا قيام مفوضية الانتخابات بطبع بطاقات الاقتراع للانتخابات الرئاسية فى مطابع حكومية بدلا من أن يعهد بها لشركة سلوفاكية تم اختيارها فى وقت سابق.