منذ تم تصنيف «القدس» باعتبارها من قضايا الوضع النهائى المؤجلة، شرع المستوطنون الإسرائيليون فى تحركات واسعة لفرض أمر واقع جديد، من خلال ترسيخ تواجدهم فى الضفة الغربية، ومنع أى محاولة من الحكومة لإجلائهم عن تلك المساحة المحتلة عام 1967، والمفترض أنها تمثل حدود الدولة الفلسطينية المنتظرة. من هذه التحركات التوسع على حساب الأرض الفلسطينية، عبر «أفكار توراتية» يتم إسقاطها على الأرض الفلسطينية، ولعل قريتى «عراق بورين» و«النبى صالح» قرب نابلس ورام الله، مثال لهذه التحركات، حيث يسعى المستوطنون للتوسع على حدود القريتين بحجة وجود «آبار مقدسة» مذكورة فى التوراة، على حد زعمهم. يقول عبد الرحيم قادوس، رئيس مجلس قرية بورين، إن المستوطنين توسعوا قبل عامين باتجاه أراضى القرية واستولوا على 60 دونما، وأشار إلى أن سكان القرية رفعوا قضية وتمكنوا من استصدار قرار بتراجعهم، «إلا أنهم عادوا للتوسع من جديد». ويؤكد قادوس أن المستوطنين ينزلون كل سبت إلى أراضى القرية للصلاة والاغتسال من بئر ماء، يقولون إنها «نبع مقدس ذُكر بالتوراة»، الأمر الذى يعنى مصادرة الأرض وبناء تجمع استيطانى عليها، وهو ما يستلزم تحركا ومقاومة شعبية. كانت مستوطنة «براخا» قد أقيمت على أراضٍ مجاورة للقرية عام 1982، وأُعلنت كمنطقة «عسكرية مغلقة» يمنع الدخول أو الخروج منها، إلا أن المستوطنين بدأوا بالتوسع غربا على الأراضى المحاذية لبلدة «عراق بورين». وبالمثل كانت قرية «النبى صالح»، التى فوجئ سكانها بمستوطنى المستعمرة القريبة يقومون بالصلاة والاغتسال فى بئر مياه قريبة من القرية استعدادا لمصادرتها وضمها للمستوطنة. وتعود قصة هذه القرية مع المستوطنين إلى العام 1976 عندما صادرت سلطات الاحتلال 1700 دونم من أراضيها لبناء مستوطنة «حالاميش نيفى تسوف»، ومن ثم بدأ مستوطنوها بالتضييق على حياة الأهالى الفلسطينيين. ولمقاومة ذلك، بدأ السكان بالخروج الأسبوعى للمنطقة المهددة بالمصادرة، كما يقول «عطا التميمى»، عضو المجلس القروى، الذى أكد أن فكرة الاعتصام جاءت بعد اعتداءات المستوطنين والجنود على الأهالى أثناء محاولتهم تشجير أرضهم التى صادرها المستوطنون وقطعوا عنها أشجار الزيتون. ورغم الاعتداءات التى ترافق الخروج الأسبوعى للتظاهرات، يصر الأهالى على مواصلة نضالهم، كونها فرصتهم الأخيرة للحفاظ على ما تبقى من الأرض.