على الرغم من فوز قائمة «العراقية»، بزعامة رئيس الوزراء العراقى السابق إياد علاوى، بأكبر عدد من المقاعد فى الانتخابات العراقية التى أعلنت نتائجها أمس الأول، إلا أن النتائج جاءت غير حاسمة. إذ عجزت أى من الأحزاب المتنافسة عن إحراز أغلبية برلمانية تتيح لها تشكيل الحكومة المقبلة، وهو ما كان متوقعا قبل إجراء الانتخابات. ويرجع تفوق علاوى إلى حصوله على الغالبية الكاسحة من أصوات العرب السنة، وصلت إلى 80% فى بعض المناطق، وذلك على الرغم من اتهامات سابقة له بأنه «عميل ودمية» للأمريكيين، غير أن منطقه العلمانى وابتعاده الواضح عن الكتل الشيعية الدينية أكسبه دعماً غير محدود من السنة العرب فى مواجهة ائتلاف المالكى المقرب من الشيعة المتدينين، فضلا عن الائتلافات الشيعية الخالصة. ويبدو قيام علاوى بتشكيل الحكومة العراقية على الرغم من أن الرئيس جلال طالبانى سيكلفه بذلك غير مؤكد، وهو ما تبرزه مجلة «التايم» الأمريكية، خاصة أن ائتلاف دولة القانون بزعامة نورى المالكى والذى حصل على أقل من قائمة علاوى بمقعدين فقط قد يكون أقدر على تشكيل ائتلاف يحكم العراق، بحكم علاقته الوثيقة بغالبية القوى السياسية العراقية. غير أن عودة علاوى للحكم، والذى كان أول رئيس وزراء للعراق بعد الاحتلال، لا تبدو مستبعدة، خاصة بعد أن أعلن أنه ليس لديه خطوط حمراء فى إبرام التحالفات، غير أن هذا قد يدفعه لتقديم العديد من التنازلات فيما يتعلق باتجاهات الحزب السياسية، خاصة فيما يتعلق بالتحالفات الخارجية وخيارات التنمية الداخلية وتوزيع عوائد النفط وتقسيم الأقاليم العراقية. وعلى الرغم مما تحمله عودة علاوى للحكم من أهمية للعراق من أجل إبعاده عن شبح مواجهات طائفية بين السنة والشيعة، وهو ما تضمنته طبيعة علاوى العلمانية، فإن صرامة علاوى الشديدة – التى تدعو البعض لوصفه ب«صدام الصغير» تدفع كثيرون للتخوف من أنه قد يحكم القبضة الأمنية على البلاد على حساب التوافق الطائفى والسياسى. ويعد الطرف الفائز من التفتت فى الأصوات فى نتائج الانتخابات الأخيرة التحالف الكردى، إذ سيكون بوسع هذا التحالف أن يفرض العديد من الشروط التى تتعلق بحدود إقليم كردستان وبمصير مدينة كركوك، كما ستسعى الكتل الشيعية إلى فرض شروط متعلقة بشكل الدولة والفيدرالية المقترحة وطبيعة العلاقات مع إيران. وبغض النظر عن الحكومة التى سيتم تشكيلها، والتى غالبا ما ستستغرق وقتا طويلا حتى تظهر للعلن، فإن المؤكد أن الانقسام الطائفى فى العراق مازال قائما وأصبح يتخذ بعدا طائفيا، إذ بدا الانقسام واضحا فى التصويت بين السنة الذين أعطوا بغالبيتهم أصواتهم لعلاوى، والشيعة الذين أعطوا بغالبيتهم أصواتهم للمالكى والمتحالفين معه، بينما منح الأكراد أصواتهم للتحالف الكردى. ويعكس هذا أن تركيبة العراق الطائفية التى ظهرت فى أعقاب الغزو عام 2003 لم تنته بل ترسخت، وأنه مع اقتراب الذكرى السابعة لسقوط بغداد، فإن العراق – وإن هدأ أمنيا - إلا أنه مازال مهددا بتقسيم «هادئ» ينذر به تصويت «طائفى» فى الانتخابات.