صفارات الإنذار تدوي في نحو 20 مستوطنة وبلدة شمال إسرائيل والجولان    الونش يرافق بعثة الزمالك في السوبر الأفريقي قبل السفر إلى ألمانيا    دون إصابات.. السيطرة على حريق بجوار إدارة تعليمية في قنا    الأرصاد الجوية تحذر من نشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة على المحافظات    وفاة مدير التصوير والإضاءة فاروق عبد الباقي.. موعد تشييع الجنازة    وزير المالية: نستعرض أولويات السياسة المالية لمصر فى لندن    تأملات في التسهيلات الضريبية قبل الحوار المجتمعي    تصل للحبس، محامٍ يكشف العقوبة المتوقع تطبيقها على الشيخ التيجاني    وزير التربية والتعليم يصل أسيوط لتفقد عدد من المدارس (صور)    موعد مباراة إشبيلية وألافيس في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    وزير التعليم العالي يهنئ العلماء المدرجين بقائمة ستانفورد لأعلى 2% الأكثر استشهادا    محافظ الجيزة يتفقد الوحدة الصحية بقرية الحيز بالواحات البحرية (صور)    التموين تنتهي من صرف مقررات سبتمبر بنسبة 85% والمنافذ تعمل اليوم حتى ال9    مفتي الجمهورية يتجه إلى موسكو للمشاركة في المنتدى الإسلامي العالمي ال20    خطبة الجمعة بمسجد السيدة حورية فى مدينة بنى سويف.. فيديو    سعر الدرهم الإماراتى اليوم الجمعة 20-9-2024 فى البنوك المصرية    "واشنطن بوست": اشتعال الموقف بين حزب الله وإسرائيل يعرقل جهود واشنطن لمنع نشوب حرب شاملة    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    تشغيل تجريبى لمبنى الرعايات الجديد بحميات بنها بعد تطويره ب20 مليون جنيه    ليكيب: أرنولد قدم عرضًا لشراء نادي نانت (مصطفى محمد)    انقطاع المياه غدا عن 11 منطقة بمحافظة القاهرة.. تعرف عليها    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    انطلاق قافلة دعوية إلي مساجد الشيخ زويد ورفح    ضبط 4 متهمين بالاعتداء على شخص وسرقة شقته بالجيزة.. وإعادة المسروقات    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    أول بيان من «الداخلية» بشأن اتهام شيخ صوفي شهير بالتحرش    وزير الإسكان يتابع استعدادات أجهزة مدن السويس وأسيوط وبني سويف الجديدة والشيخ زايد لاستقبال الشتاء    الخارجية الباكستانية: رئيس الوزراء سيشارك في الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    الأعلى للثقافة يحتفل بيوم الصداقة العالمى    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    «الإفتاء» تحذر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم بالموسيقى: حرام شرعًا    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024 في المنيا    محافظ أسيوط يدعو المواطنين لاستكمال إجراءات التصالح في مخالفات البناء    الهيئة العامة للرعاية الصحية: إطلاق ندوات توعوية في 6 محافظات ضمن مبادرة «بداية»    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    خبيرة تغذية: الضغط العصبي والقلق من الأسباب الرئيسية لظهور الدهون بالبطن    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    وزير الإسكان: طرح 1645 وحدة متنوعة للحجز الفوري في 8 مدن جديدة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    طريقة عمل البرجر فى المنزل بمكونات آمنة    «الخارجية الروسية»: الغرب تحول بشكل علني لدعم هجمات كييف ضد المدنيين    المتحدثة باسم حكومة جزر القمر: مهاجم الرئيس لم يكن فى حالة طبيعية    دعاء يوم الجمعة للرزق وتيسير الأمور.. اغتنم ساعة الاستجابة    «ناس قليلة الذوق».. حلمي طولان يفتح النار على مجلس الإسماعيلي    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    شهداء ومصابون إثر استهداف سيارة بشارع البنات في بيت حانون شمال قطاع غزة    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    جرس الحصة ضرب.. استعدادات أمنية لتأمين المدارس    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم مخيم شعفاط شمال القدس    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    «البحر الأحمر السينمائي» يعلن عن الفائزين في النسخة الرابعة من تحدّي صناعة الأفلام    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغيير من فوق السرير
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 03 - 2010

منذ أن بادر الرئيس السادات إلى إنشاء الأحزاب السياسية عام 1977 وحتى الآن ونحن نعيش نوعاً من الديمقراطية «المغشوشة»، تشبه إلى حد كبير الشاى المخلوط ب«النشارة». ليس له من هذا المشروب إلا المظهر (اللون الداكن)، لكنه بلا طعم ولا نكهة. وتعاطيه يفسد الذوق ولا يعدل «المزاج».
وهكذا الديمقراطية التى تدعى السلطة السياسية أنها منحتها لنا. فهى تجتهد فى إفساد الذوق وإضفاء حالة من التوتر على المزاج العام، ولا تؤدى إلى توظيف مفهوم حرية التعبير من أجل خلق رأى عام ناضج، بل تجعل الناس يرفعون شعار «نيام.. نيام»!، لأنها ببساطة ديمقراطية مخلوطة ب«نشارة الإعلام».
داعبت هذه الفكرة خيالى وأنا أقرأ الكتاب الأخير الذى أصدره الدكتور فاورق أبوزيد، العميد الأسبق لكلية الإعلام، جامعة القاهرة، العميد الحالى لكلية الإعلام بإحدى الجامعات الخاصة. فمن مقعد المراقب الذى يرتدى عباءة الحياد العلمى يرصد الدكتور فاروق تلك الحالة الديمقراطية الخاصة جداً التى نعيشها حالياً فى مصر والتى تتلون بالإعلام أكثر مما تتلون بلون العمل الحزبى الحقيقى أو الممارسة السياسية الفعلية المرتكزة على مبدأ تداول السلطة، وكفالة حق المشاركة الحقيقية فى الحكم لجميع المواطنين.
فالديمقراطية فى مصر محلها الإعلام، يشهد على ذلك - على سبيل المثال - أن البرامج الحوارية «التوك شو» استطاعت أن ترث الأحزاب السياسية « معدومة العافية» فى اللعب فى أدمغة أفراد الجمهور. وأصبح لدينا عدد من الأحزاب الإعلامية التى تستقطب آلافاً من الأشخاص الذين يتحلقون حول «منى أو معتز أو عمرو أو محمود سعد»، لتلتهم آذانهم الانتقادات اليومية اللاذعة التى توجه إلى هذا المسؤول أو ذاك، ولتستريح ضمائرهم بالمشاركة فى الاستماع إلى عواء المصريين الذين يئنون تحت وطأة أزماتهم المعيشية ويشتكون من ظلم السلطة لهم.
والحكومة مبسوطة بهذا الوضع أشد الانبساط، فهى تقبل أن تسب وتلعن ليل نهار من ملايين البشر عبر وسائل الإعلام، لكنها ترفض بمنتهى العنف تجمع عشرة أفراد فى الشارع من أجل المناداة بحقوقهم.
 فللمواطن أن ينفس عن نفسه عبر الحديث أو الاستماع إلى الكلام الذى يروى غليله من الحكومة الظالمة، لكن الويل ثم الويل له إذا تحرك بشكل إيجابى لكى يرفع الظلم عن نفسه. فالحكومة تؤمن بديمقراطية «الكلام والحديت» و«اللت والعجن»، أما ديمقراطية التغيير «فبعيدة عن شنب الشعب». لذلك نجد أن هناك هامش حرية تتحرك فيه الأحزاب الإعلامية، أما الأحزاب والقوى السياسية فممسوكة من رقابها بطوق الطوارئ.
وليس معنى ذلك أن حكومتنا الراشدة الرشيدة تحقق مفهوم ديمقراطية الإعلام. فهذا المفهوم يشتمل على ثلاثة شروط أساسية حددها الدكتور فاروق أبوزيد فى: أن يصبح المواطن شريكاً نشطاً وليس مجرد هدف للإعلام، وأن تتنوع الرسائل الإعلامية المتبادلة، وأن تزداد مساهمة المواطنين فى وسائل الإعلام. والواضح أن المواطنين الإعلاميين الذين ربّتهم الدولة على عينها منذ ميلاد أحزاب السادات ثم مبارك هم مواطنون شديدو السلبية يستمتعون ب«الفرجة» والمشاهدة - من فوق السرير - أكثر مما يستمتعون بالمشاركة.
فملايين المصريين يحلمون بالتغيير، ولكن لأن حلمهم «مغشوش» فإنهم يأملون فى يوم يستيقظون فيه على بيان تبثه أجهزة الإعلام يعلن عن القضاء على الظلم والفساد الذى تعيشه البلاد. وسوف تجدهم - ساعتها - يهرولون إلى شاشات التليفزيون لمتابعة ما يحدث فى الشارع. فالكثيرون يريدون التغيير ولكن بشرط ألا يكونوا هناك (فى الشارع أو فى مواجهة المدافعين عن السلطة القائمة والمؤدبين لمن يتمرد عليها).
 تلك هى فلسفة التغيير فى ظل ديمقراطية الإعلام «المغشوشة»، إنها تعنى مواجهة الأوضاع بنظام «خليك بالبيت»، لذلك لم يكن مستغرباً أن ترفع حركة شباب 6 أبريل هذا الشعار وهى تدعو المصريين إلى التمرد على النظام. «فالأنتخة» فى البيوت هى الشعار المنطقى الذى يمكن أن يطرحه الإعلام القديم والجديد الهادف إلى التغيير!
ربما تكون السلطة قد أفلحت- عبر توظيف أجهزة الإعلام - فى تحويل المواطن إلى مجرد «مواطن سريرى» يحلم بالتغيير من منازلهم، أو فى أقصى تقدير يفضل المشاركة بالفرجة والمشاهدة، لكنها تنسى- فى المقابل - أن المصريين لون خاص من البشر، وأنهم لا يتأثرون كثيراً بما يرون بأم أعينهم، حتى ولو كان ما يبصرونه هو المعجزات بعينها.
فالقرآن الكريم يذكر أن جدودنا التفوا فى حلقة كبيرة كى يشاهدوا الصراع بين نبى الله موسى وسحرة فرعون، وشاهدوا المعجزة التى أتى بها موسى حين ألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين يلتقم حبال وعصى السحرة، وآمن السحرة أمام الجميع، لكن أحداً من الجمع لم يؤمن !.
إن سطور كتاب «الإعلام والديمقراطية» تكشف عن حالة الزيف الديمقراطى التى نعيشها عندما ارتدت السياسة « قميص نوم» الإعلام لتدفع شعباً بأكمله إلى استرخاء المشاهدة بعيداً عن عنت المشاركة فى تغيير الأوضاع. وهى تشهد على أن أفكار «فاروق أبوزيد» مازالت تمتلك القدرة على التحريض (على التفكير طبعاً)، وأن إعلام غرف النوم - مهما كانت جرأته - لن يفلح فى تغيير الواقع.. فلا أمل فى التغيير إلا بالقفز من فوق السرير!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.