على الرغم من عدم اعتماد الشارع العربى بشكل كبير على اجتماعات القمم العربية وقدرتها على إحداث التغيير المطلوب فى الأمة العربية وحل قضاياها، فإن غياب الرئيس مبارك عن حضور القمة العربية المنعقدة فى سرت يومى 27 و28 مارس، يعد المرة الثالثة على التوالى التى يتغيب فيها الرئيس المصرى عن تلك الاجتماعات بعد قمتى دمشق 2008 والدوحة 2009، وهو ما يعده البعض ليس غياباً للرئيس وحسب، ولكن غياباً لتواجد مصرى قادر على قيادة الأمور فى المنطقة العربية. «لا نريد السعى للإملاء على المشاركين طريقةَ تصرُّفهم، إلا أنهم عندما يفكِّرون بالمشاركة فى اجتماع سوريا من الواضح أنه سيكون من مصلحتهم أن يبقَى فى ذهنِهم الدورُ الذى قامت به سوريا حتى الآن لمنع العملية الانتخابية فى لبنان من المضىِّ قدمًا» تلك كانت كلمات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فى عام 2008 «شون ماكورماك»، التى اعتمد عليها البعض فى تفسير غياب نحو 9 من الزعماء العرب عن قمة دمشق فى عام 2008 فى مقدمتهم مصر، التى اتخذت من خلافاتها مع سوريا سبباً لتغيب زعيمها عن القمة. ثم تكرر الغياب فى قمة عام 2009 التى انعقدت فى الدوحة العام الماضى، وعلى الرغم من سخونة الملفات التى تضمنتها أجندة تلك القمة، وكان على رأسها الحرب الإسرائيلية على غزة، وما نتج عنها فى نهاية عام 2008، فإن الرئيس مبارك تغيب عن تلك القمة، نتيجة الخلافات بين وجهتى النظر المصرية والقطرية فى العديد من القضايا إلى الحد الذى دفع بالبعض إلى القول إن مصر تغيبت لتؤكد زعامتها للمنطقة وعدم رغبتها فى إتمام المصالحة الفلسطينية، التى كانت قد قطعت شوطاً كبيرا فيها فى قمة الدوحة التى كانت تضع الحوار والمصالحة الفلسطينية- الفلسطينية على جدول أعمالها. ومما دعم هذه الفرضية هو الاجتماع الذى استضافته القاهرة فى اليوم التالى للقمة، ووافق الأول من أبريل لاستكمال الحوار الفلسطينى – الفلسطينى. وعلى الرغم مما سبق إعلانه عن إجراء الرئيس مبارك لجراحة عاجلة لاستئصال المرارة فى مستشفى هايدلبرج بألمانيا، وقضائه حتى اليوم فترة النقاهة داخل المستشفى، وإنابته لرئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف لحضور قمة سرت فى ليبيا، فإن بعض الآراء كانت قد توقعت تغيب الرئيس المصرى عن قمة سرت قبل إجرائه للجراحة بعدة أيام، وبررت ذلك بعدم رغبة الرئيس فى مناقشة الطرح الجزائرى لفكرة تدوير منصب الأمين العام الذى تحتكره مصر. إلا أن احداً من المسئولين المصريين لم ينف أو يؤكد تلك الظنون إلا أن الحقيقة التى باتت مؤكدة هى غياب الرئيس مبارك عن حضور اجتماع القمة العربية للمرة الثالثة، وهو غياب يُحسب قيمته فى بلد يدير فيه الرئيس كل شىء.