المتابع لصحيفة «الأهرام» يستطيع أن يلمس كم التغييرات التى طرأت عليها منذ تولى الدكتور عبدالمنعم سعيد رئاسة مجلس إدارتها. آخر قرارات د. عبدالمنعم فى «الأهرام» هو إضافة يوم السبت إلى الجمعة ليحصل العاملون فى المؤسسة على يومين إجازة. فبعد مرور أكثر من أسبوعين على القرار لم يحدث أى تأثير سلبى على المؤسسة التى تضم أكثر من 12 ألف موظف، بل أعتقد أن الإجازة انعكست بالإيجاب على الأداء. فما حدث فى «الأهرام» من تكدس وظيفى، هو نفسه ما حدث فى كل مؤسسات ووزارات الدولة، وكانت النتيجة بطالة مقنعة، فالذى لا يعمل ولا يجد لنفسه دوراً ليس أمامه إلا الوقوف فى طريق من يعمل، فأصبح الصراع هو سمة أى عمل، وتاهت الكفاءات وهى تدافع عن نفسها، أو لكى تشق طريقها. لذا لا أستبعد صدور قرار آخر يسمح لرؤساء أقسام الصحيفة بتوزيع العاملين على أيام الأسبوع حتى يحضر من يعمل فقط، فالإنتاج الصحفى ليس بالحضور والغياب، وصفحات الجريدة خير كاشف لمن يعطى ويحرص على النجاح. لا يمكن اختصار نجاح د. عبدالمنعم سعيد كرئيس مجلس إدارة فى هذا القرار فقط، فهناك قرارات بسيطة يراها الأهراميون ويلمسونها، مثل إعادة هيبة المبنى من خلال مظهر السعاة والعاملين، أما الأهم فهو تلك القرارات الخاصة بإدارة التحرير، التى لم تعن فى أى لحظة تدخله فى صلاحيات رئيس تحرير الأهرام وإصداراته المختلفة. الأستاذ أسامة سرايا، رئيس تحرير «الأهرام»، بدأ يعمل فى جو آمن، فأطلق المواهب الصحفية فى المؤسسة العامرة بالمواهب - فظهر التطور فى تقارير الصفحة الأولى، والصفحات المتخصصة إضافة للملاحق الأسبوعية التى بدأت تظهر تباعاً. موقع «الأهرام» الإلكترونى أصبح واجهة مشرفة لا تضيق بتفاعل القراء وانتقاداتهم، فهذه هى لغة العصر التى لا يستطيع أحد تجاهلها. عبدالمنعم سعيد اختيار تأخر كثيراً، وكأنه من المفروض أن تتعرض «الأهرام» لهزات ومؤامرات وصراعات قبل أن تستقر. الحديث عن «الأهرام» ليس انتماء لمؤسسة، وإنما انتماء لتاريخ مهنة وتاريخ وطن، ومن يعتقد أن وجوده مرتبط بزوال التاريخ فهو واهم، وساذج، فالأهرام الوطن والتاريخ هى السند الحقيقى لكل مشروع صحفى فى مصر. تحية للدكتور المثقف عبدالمنعم سعيد، وننتظر منه المزيد، ليس من أجل «الأهرام» و«الأهراميين» فقط، ولكن من أجل مهنة محترمة تراعى القواعد المهنية وتواكب الإعلام العالمى، ولا تضع كل رهاناتها على السلطة، فأى سلطة إلى زوال. [email protected]