بفرمان عثمانى من السلطان سليمان القانونى، عاشر سلاطين الدولة العثمانية، خرج منصب «شيخ الأزهر» للنور، وقبل صك مصطلحات عملاقة عن الديمقراطية فى الشرق الأوسط، قرر فرمان «القانونى» حفيد «محمد الفاتح» أن يختار علماء الأزهر شيخهم. وقتها وقع اختيار الشيوخ على الشيخ محمد بن عبدالله الخراشى فنال اللقب، وبدأ رحلة طويلة لمنصب «شيخ الأزهر»، شهدت العديد من الشيوخ والأحداث، لم يخل فيها المنصب إلا مرات معدودة مثلما حدث طوال عامين فى سبعينيات القرن ال17، بسبب أعمال الشغب بين الحنفية والشافعية، و4 أعوام فى ستينيات القرن ال18 بسبب اضطرابات داخلية مع شيخ الأزهر وقتها الشيخ الباجورى. رحلة طويلة استمرت ما يزيد على 300 سنة، ظل فيها «الإمام الأكبر» اختيارا حرا لشيوخ الأزهر، وتحول عام 1911 مع زيادة عدد الشيوخ إلى قاعدة ديمقراطية تنص على اختياره من «هيئة كبار العلماء»، قبل أن يكسر الملك فاروق القاعدة باستثناء أول عام 1945، عندما عين فى المنصب الشيخ مصطفى عبدالرازق من خارج الهيئة، وهو استثناء تحول فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر إلى قانون لعام 1961، يبدأ بمقدمة إنشائية تتحدث عن مهمة الأزهر ودوره فى «بعث الحضارة العربية والتراث العلمى والفكرى للأمة العربية» و«إظهار أثر العرب فى تطور الإنسانية وتقدمها»، ثم ينتقل إلى المادة الثالثة المكونة من «8 كلمات»، هى «يعين بقرار من رئيس الجمهورية وزير لشؤون الأزهر». «8 كلمات» يعزو إليها البعض «انحسار دور الأزهر، بعد أن أصبح اختيار شيخه بالتعيين وليس بالانتخاب»، ويراها البعض الآخر «تحافظ على وقار المشيخة ومكانتها». قبل نهاية الدورة البرلمانية الماضية بشهور، تقدم النائب على لبن بمشروع قانون يجعل منصب شيخ الأزهر بالانتخاب وليس بالتعيين «لتوفير استقلالية أكبر للمنصب ذى الحساسية الخاصة وإعمال المبدأ الإسلامى فى توفير الفرص لأكثر من عالم متميز». بإحباط واضح، يتذكر «لبن» ما حدث: «وقتها جاء مندوب من شيخ الأزهر وكانت المفاجأة عندما أخبر لجنة الاقتراحات والشكاوى بموافقة شيخ الأزهر على مشروع القانون، ولكن ما حدث بعد ذلك أن رفض أعضاء المجلس المشروع بناء على رفض مجمع البحوث الإسلامية».. موافقة من شيخ الأزهر ورفض من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، برره وقتها الدكتور عبدالمعطى بيومى بأن انتخاب شيخ الأزهر «ينتقص من وقار المشيخة ومكانتها، فكلنا نعرف ما تشهده الانتخابات»، وهو الرأى الذى يرفضه المستشار طارق البشرى ويقول: هذه الأسباب غير كافية لتفضيل التعيين على الانتخاب، وإذا تصور البعض أن مكانة العالم تتعارض مع ترشيحه لنفسه، فيمكن أن يكون الترشيح من خلال أفراد للعلماء الذين يثقون فى قدرتهم على قيادة المشيخة.