(واقفاً على قارعة الطريق، عند حافة الشارع يشكو ويئن ويتملل) حرام والله حرام اللى بيحصلى ده. أنا تعبان زهقان غلبان. أعمل إيه؟ أسوى إيه؟ مظلوم. طول عمرى مظلوم. كل الناس ظالمانى وواخدين حقى. حرام والله حرام. يقترب منه رجل طويل القامة، مصرى الملامح قمحى اللون له عينان متعبتان وصلعة أبوية، ويبدو عليه الوقار ويسأله: خير يا بنى مالك؟ (متشبثاً بالفرصة) تعبان. تعبان أوى أوى. يرضيك كده بالذمة؟. أقف على ناصية الشارع الوسخ ده، وقدامى شارع حلو نضيف جميل كله خضرة ومحال أكل وناس مبسوطة بتتفسح. طول عمرى مظلوم. كل الناس ظالمانى وواخدين حقى. حرام والله حرام. (فى دهشة) طيب ما تعدى للناحية التانية؟ مينفعش. قالوا لى أفضل هنا وهددونى لو عبرت الشارع ورحت الناحية التانية. مع إنهم ساكنين هناك ومستمتعين بالحياة. طول عمرى مظلوم. كل الناس ظالمانى وواخدين حقى. حرام والله حرام. (تتزايد دهشته) وبتسمع كلامهم ليه؟ عشان غلبان. مكسور الخاطر. والسكة خطرة والعربيات كتيرة. واللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش. عارف أنا واقف هنا من كام سنة؟ خمسين سنة ويمكن أكتر، مش بأقولك إنى طول عمرى مظلوم. كل الناس ظالمانى وواخدين حقى. حرام والله حرام. (فى تأثر شديد) خمسين سنة!، وساكت على الغلب ده خمسين سنة. (فى تصميم)اسمع يا بنى. أنا صحيح ما كنتش رايح الناحية دى. وكنت راجع بيتى استريح لكن أنا هاساعدك. وهاعبر معاك الشارع للناحية التانية. صعبة أوى. مش حينفع. ولاد الحرام كتير والعربيات بتعدى بسرعة والسكة خطرة. يا سيدى أنا معاك. واللى هيحصلك هيحصلى. (فى تذاكى) طب اسمع. ما تعدى الشارع لوحدك وتوقف العربيات، ولما السكة تفضى خالص ابقى أنا أعدى. (فى دهشة) يا سلام! (يشكو ويئن ويتملل) مش راضى. أهه مش راضى. طول عمرى مظلوم. كل الناس ظالمانى وواخدين حقى. حرام والله حرام. (مغتاظاً) فى إيه يا جدع، مالك؟ (مستنصحاً) أصل بصراحة شاكك أن لك غرض خبيث (مصدوماً) أنا؟ غرض خبيث؟ (وهو يضيق عينيه فى دهاء) أنت بتصلى؟ (فى غضب) شىء عجيب. إيه العلاقة بين إنى أعدى الشارع بيك وبين علاقتى بربنا، ده سؤال أصلاً مش من حقك تسأله. (وهو يزر عينيه) يبقى ما بتصليش. وأنا مستحيل أعدى الطريق مع علمانى (يشكو ويئن ويتملل) طول عمرى مظلوم. كل الناس ظالمانى وواخدين حقى. حرام والله حرام (وهكذا إلى الأبد).