مع ارتفاع عدد المتهمين باغتياله إلى 26، حاملين جوازات سفر إسرائيلية وأوروبية لتتسع دائرة التحقيقات، وهروب بعض العناصر المشتبه فى تورطها بالعملية عبر إيران وصولا إلى توجيه شرطة دبى أصابع الاتهام مجددا إلى الموساد.. تتجه قضية اغتيال القيادى بحركة حماس الفلسطينية محمود المبحوح نحو مزيد من التعقيد فى ظل الغموض الذى يكتنف المشهد برمته.. وبينما تركز جهات التحقيق فى دبى على معرفة الجناة، تتردد أحاديث جانبية عن طبيعة نشاط المبحوح السياسى لخدمة «حماس» والقضية الفلسطينية.. وهو إما أن يكون بغرض صرف الانتباه عن تطورات التحقيقات رغبة فى تجميدها، أو بهدف تبرير اغتياله باعتباره «معاديا لإسرائيل وأحد الإرهابيين التابعين للمقاومة»، ولذا وجب تصفيته والتخلص من نشاطه. وقد تدخل القضية فى مرحلة حرجة لا يعلم أحد مداها مع ورود معلومات عن الجريمة «مثيرة لأقصى درجات الدهشة»، والتعبير الأخير كان هو وصف صحيفة «نيويورك تايمز» فى تقريرها مساء أمس الأول على موقعها الإلكترونى، تعليقاً على ما كشفته شرطة دبى بشأن هروب أشخاص مشتبه فى تورطهم عبر إيران بعد ارتكاب الجريمة.. ولم تجد الصحيفة الأمريكية بعد الإجابة عن السؤال المثير للفضول عن سبب الهروب من بوابة إيران، ولاحظت أن إسرائيل شأنها شأن إيران أحجمت عن التعليق رسميا على هذه المعلومات، الأمر الذى يثير مزيدا من الشكوك حول هذا الموضوع بالغ الحساسية، وظهور إيران فى الكادر بصورة قد تحمل فى الأيام المقبلة مفاجآت أخرى ليست فى الحسبان. وفى الوقت الذى شهدت فيه القضية هذا التطور النوعى، حاولت وسائل إعلام إسرائيلية التغطية على العملية بالحديث عن المبحوح الذى كان يقيم فى سوريا، والإشارة إلى أنه من أهم مزودى حماس بالسلاح، بينما اكتفت الحركة الفلسطينية بالحديث عن ماضى الرجل لا سيما دوره فى اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين عام 1989 وتوعدت بالرد على اغتياله. ولدى الإعلان عن وفاة المبحوح فى ظروف مشبوهة قبل أن تتضح ملابسات الاغتيال، أكد أحد أشقائه فى قطاع غزة ويدعى «فائق» أن أخاه كان فى دبى «فى مهمة مكلف بها من الحركة».. بينما اكتفى أقارب المبحوح بالحديث عن حياة الأخير قبل مغادرته غزة فى 1991 وعن أنشطة تجارية كان يقوم بها فى الأعوام الأخيرة فى سوريا. وقال حسين - وهو شقيق آخر للمبحوح ومن سكان مخيم جباليا - إن الأخير كان يعمل «ميكانيكياً فى ورشة لتصليح السيارات» قبل خروجه من القطاع، وأنشأ مصنعا للخياطة بعد استقراره فى سورياً ثم أصبح وكيلا لشركة فلة (لألعاب الأطفال) وسبيس تون فى دمشق، وبات يتنقل إلى الدول العربية للتجارة ولأغراض أخرى لا يعرف أحد من أسرته عنها شيئا. ودافع حسين عن أخيه معتبرا أن ما قام به «أمر شرعى وهو قتل جنود لمبادلة جثثهم بالأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال». وفى ظل الحديث عن المبحوح ودوره فى حماس، تعود بنا الذاكرة إلى الشريط المصور الذى بثته قناة الجزيرة بعد اغتياله مباشرة، وكان يروى فيه دوره فى خطف وتصفية الجنديين الإسرائيليين خلال الانتفاضة الأولى، وأكد المبحوح الذى ظهر ملثما فى الشريط أنه يلقب ب«الثعلب» لأنه يتمتع ب«حس أمنى» وأضاف: «لا أغفل عن حركتى وأمنى الشخصيين، ولكن الأعمار بيد الله، وهذا الطريق نعرف ثمنه وإن شاء الله ننال الشهادة».