قال عدد من الخبراء والمحللين السياسيين إن الضربة الاستباقية التى شنتها إسرائيل ضد حزب الله ترمى إلى تحقيق هدفين، يتمثلان فى استعادة قوة الردع، وتخويف المنطقة، فى حين كان رد فعل الله أضعف من المتوقع. وأضاف الخبراء، ل«المصرى اليوم»، أن كلًّا من حزب الله وإسرائيل لا يستطيعان الدخول فى حرب طويلة منفردة، لكن ميزان القوة يميل نحو إسرائيل كجيش نظامى مدعوم بشكل ثابت وغير محدود من الغرب. ولفتوا إلى أن نتنياهو تمرد على الإدارة الأمريكية والرئيس بايدن، ولكن الرد جاء من حزب الله. وأوضحوا أن حزب الله يبعث برسالة قوية إلى نتنياهو، منبهين إلى أن لبنان سيكون الخاسر الأكبر فى هذا الصراع، حيث لا يهم حزب الله أو إيران أو إسرائيل تدمير بلد عربى. وأوضحوا أن إعلان حزب الله انتهاء المرحلة الأولى من الانتقام لمقتل فؤاد شكر هو إشارة إلى أن الضربة الإسرائيلية لم تؤثر على خطط الحزب. وقال الدكتور عبدالعليم محمد، مستشار مركز الأهرام الاستراتيجى، إن الضربة الاستباقية التى شنتها إسرائيل ضد حزب الله تهدف إلى تحقيق هدفين رئيسيين، الأول هو استعادة قوة الردع التى اهتزت بعد السابع من أكتوبر 2023 والحرب الإجرامية ضد الشعب الفلسطينى والمقاومة فى غزة، والثانى هو تخويف المنطقة، حيث يبدو أن إسرائيل كانت تمتلك معلومات استخباراتية عن استعداد حزب الله لتوجيه ضربة. وأشار «عبدالعليم» إلى أن رد حزب الله كان أضعف من المتوقع، حيث كانت النية تتجه إلى إطلاق عدد أكبر من الصواريخ ضد إسرائيل، ولكن الهجوم الاستباقى الإسرائيلى، الذى شمل حوالى مائة طائرة لتدمير البنى التحتية ومنصات إطلاق الصواريخ، حال دون ذلك، ما أدى إلى إطلاق حزب الله 320 صاروخًا فقط. وأوضح أن هذا الرد كان دون المستوى المتوقع من حزب الله أو مؤيديه، من حيث تأثير الضربة على تمديد رقعة الصراع. وأعلن الحزب أن الرد الانتقامى انتهى، مشيرًا إلى أن الأمر قد يقف عند هذه الحدود، خاصة بعد تهديد إسرائيل بضرب لبنان بالكامل. وأضاف أن الضربة الاستباقية الإسرائيلية والرد من حزب الله قد لا يسهمان فى تمديد رقعة الصراع لأن المنطقة برمتها لا ترغب فى حرب شاملة أو إقليمية. وأكد أن الولاياتالمتحدة تقف بالمرصاد لأى تصعيد من خلال تواجدها العسكرى الكثيف فى البحر المتوسط والقواعد العسكرية المختلفة، بهدف ردع أى طرف يهدد إسرائيل. وتوقع أن يستمر الصراع على ما هو عليه حاليًا. وأكد أن هناك مبالغة مقصودة فى تقدير قوة حزب الله من قِبَل الولاياتالمتحدة وإسرائيل بهدف تبرير الموقف والعدوانية الإسرائيلية. وأوضح أن قدرات حزب الله، رغم دعمه من إيران، تظل قدرات ميليشيا ومنظمة عسكرية صغيرة، وليست قدرات دولة تمتلك قرارها. وأشار إلى أن حزب الله لا يمتلك سلاح طيران أو دبابات، فى حين تتمتع إسرائيل بتفوق كبير فى الاستخبارات والمعلومات والتجسس ورصد الأهداف، وهذا يخلق نوعًا من فقدان التوازن بين الطرفين. فى حين قال الدكتور علاء السعيد، الباحث المتخصص فى الشأن الإيرانى، إن كلًّا من حزب الله وإسرائيل لا يستطيعان الدخول فى حرب طويلة منفردة، لكن ميزان القوة يميل نحو إسرائيل كجيش نظامى مدعوم بشكل ثابت وغير محدود من الغرب، موضحًا أن الهجوم الاستباقى الإسرائيلى يشير إلى وجود معلومات عن هجوم محتمل من حزب الله. وأضاف «السعيد» أن أى هجوم من حزب الله سيكون صاروخيًّا، باستخدام الكاتيوشا أو المسيرات، وكلاهما يمكن اعتراضه بواسطة القبة الحديدية والدفاعات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن إسرائيل قد تكون سمحت لبعض الصواريخ أو المسيرات باختراق دفاعاتها لتبرير هجومها الاستباقى، مدعية أن الهجوم كان لإحباط تهديد وشيك، وبذلك تلقى الكرة فى ملعب حزب الله. وأوضح «السعيد» أن إسرائيل استخدمت أكثر من 100 طائرة فى الهجوم الاستباقى، ما أدى إلى تدمير أغلب قواعد إطلاق الصواريخ، التى قد يدعى حزب الله أنها قواعد وهمية. وأشار إلى أن الطرفين سيعلنان انتصارهما وتنفيذ ما تم التخطيط له، ما يعنى أن نطاق الحرب لن يتوسع. وأكد «السعيد» أن لبنان سيكون الخاسر الأكبر فى هذا الصراع، حيث لا يهم حزب الله أو إيران أو إسرائيل تدمير بلد عربى. وأوضح أن إعلان حزب الله انتهاء المرحلة الأولى من الانتقام لمقتل فؤاد شكر هو إشارة إلى أن الضربة الإسرائيلية لم تؤثر على خطط الحزب. وأضاف أن إيران لن تتدخل بشكل مباشر، بل ستستغل ما حدث كأحد أوجه الرد على مقتل «هنية»، وينتهى الأمر عند هذا الحد. وقال الدكتور على الأعور، الخبير فى الشؤون الإسرائيلية، إن المرحلة الحالية التى اختارها نتنياهو تحمل عنوان «الدم والحرب». وأوضح أن نتنياهو يفتعل الأزمات يوميًّا، بدءًا من افتعال أزمة مع مصر بشأن محور صلاح الدين «فيلادلفيا»، وصولًا إلى استهداف الضاحية الجنوبية فى بيروت واغتيال فؤاد شكر الشهر الماضى، ثم اغتيال الشهيد إسماعيل هنية فى طهران. وأشار «الأعور» إلى أن نتنياهو يسعى للهروب إلى الخارج لتجنب شبح الحرب الأهلية داخل إسرائيل، مضيفًا أن ما حدث اليوم يمثل تطورًا نوعيًّا مهمًّا سواء فى الرد الإيرانى أو فى الضربة الاستباقية التى تحدثت عنها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والناطق الرسمى باسم الجيش الإسرائيلى، دانيال حجارى. وأكد «الأعور» أن المحللين السياسيين ووسائل الإعلام الإسرائيلية بدأوا يقللون من أهمية الضربة الاستباقية الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن صواريخ حزب الله التى أُطلقت على شمال إسرائيل كانت ناجحة جدًّا. وأوضح أن الإعلام الإسرائيلى اعترف بأن حزب الله تمكن من توجيه ضربة قوية إلى إسرائيل فى الشمال، فى الجولان والجليل والجليل الغربى. وأضاف أن حزب الله يتحدث عن هدف نوعى تمكن من إصابته، وربما يتم الإعلان عنه فى خطاب السيد حسن نصرالله. وأكد «الأعور» أن الضربة التى نفذها حزب الله تحمل رسالتين رئيسيتين: أمنية وسياسية. وأوضح «الأعور» أن الرسالة الأمنية تؤكد أن حزب الله لا يزال يمتلك القدرة على ضرب إسرائيل واتخاذ القرارات الأمنية، كما أن الحزب يمتلك سلاح الردع الذى يمكنه من وقف الهجمات الإسرائيلية، ما يعنى أن الضربة الاستباقية الإسرائيلية لم تنجح فى منع حزب الله من الرد. وأشار إلى أن الإعلام العبرى تحدث عن تضخيم ومبالغة فى بيان الجيش الإسرائيلى، حيث أُطلق 320 صاروخًا، ما يدل على أن حزب الله لم يتلقَّ ضربة استباقية قوية أو مؤثرة. ولفت إلى أن حزب الله ما زال يملك سلاح الردع، الذى من خلاله يمكن أن يكون لاعبًا رئيسيًّا فى الشرق الأوسط ولاعبًا رئيسيًّا فى رسم خارطة الشرق الأوسط فى المستقبل. وأضاف «الأعور» أن الرسالة السياسية موجهة إلى نتنياهو شخصيًّا لتؤكد الغطرسة التى مارسها خلال مفاوضات القاهرة مع الوفدين القطرى والمصرى وتعنته بالانسحاب عشرة أمتار و100 متر من محور صلاح الدين «فيلادلفيا»؛ وأوضح أن الرد من حزب الله جاء ليؤكد أن نتنياهو ليس الوحيد الذى يمكنه التأثير فى الشرق الأوسط. وتابع «الأعور» أن نتنياهو تمرد على الإدارة الأمريكية والرئيس بايدن، ولكن الرد جاء من حزب الله. وأوضح أن حزب الله يبعث برسالة قوية إلى نتنياهو، ربما تعزز الموقف القطرى والمصرى فى مفاوضات القاهرة. وأشار إلى أن السؤال الأهم الآن هو: كيف سيتعامل نتنياهو مع هذا الحدث الكبير الذى يعتبره الإسرائيليون تطورًا خطيرًا؟!.