بمشاركة الأهلي والزمالك.. تعرف على قرعة بطولة إفريقيا لكرة اليد    فانتازي يلا كورة.. صلاح وهالاند على رأس 5 قادة للجولة الرابعة    جامعة أسيوط تشهد فعاليات المائدة المستديرة الثالثة للمركز الجامعي للتدريب المهني حول تكنولوجيا المعلومات    الرئيس الألمانى يزور سوق السمك الحضارى بجنوب الجيزة.. صور    كيف تستفيد مصر من توجه شركات الاتصالات نحو تصنيع الراوتر؟    تداعيات المناظرة الأمريكية مع هاريس.. هل خسر ترامب ما جناه بتعثر بايدن؟    مفاوضات غزة مستمرة.. حماس تؤكد مرونتها لوقف إطلاق النار وجرائم الاحتلال عرض مستمر    مراسل «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الروسي على سومي وخاركيف ودونيتسك    تركيا تعلن فتح تحقيق بمقتل الناشطة عائشة نور برصاص إسرائيلي في الضفة    سوبر الأهلى والزمالك كامل العدد.. وبث تلفزيونى مباشر فى كل قارات العالم    إعلام عبرى: حكومة نتنياهو تعتزم غلق 5 وزارات لتوفير الأموال للحرب    جدل قانون الإجراءات الجنائية.. مساحة للحرية وفرصة للجميع    2.1 مليون قنطار قطن متري إجمالي إنتاج مصر عام 2023.. وزير الزراعة يبحث مع الجانب الإيطالي التعاون في صناعة الغزل والنسيج والملابس    أرسنال يعلن تمديد تعاقده مع ميكيل أرتيتا    مصرع عنصر إجرامى شديد الخطورة بقنا وإصابة ضابط شرطة عقب تبادل إطلاق النيران    إصابة شخص ومصرع نجله في حادث تصادم بطنطا    عقب 10 وقائع.. حبس عصابة سرقة السيارات في أكتوبر    محافظ الإسماعيلية: تخفيض تنسيق الالتحاق بمدارس الثانوى العام ل235 درجة    بسمة داود تروج لشخصيتها فى تيتا زوزو قبل عرضه 21 سبتمبر.. صور    انطلاق أسبوع «المرأة بين الثقافة والفنون» بسوهاج السبت    قالوا وقلنا.. الإفتاء تواصل حملتها الإلكترونية لتفنيد أحكام الاحتفال بالمولد النبوي    علاج 192 حالة بقافلة "جفجافة سيناء" الطبية المجانية    وزير التعليم العالي: الشهادات الجامعية ليست كافية.. والتطوير المستمر هو مفتاح النجاح    كوكا يكشف لحظة لا تنسى في كأس العالم للأندية    فيلم x مراتي يتنازل عن صدارة شباك تذاكر السينما للمرة الأولى.. تعرف على السبب    بالفيديو.. نجوى كرم تطرح أغنية يلعن البعد بتوزيع جديد    المجرى الملاحي تمر به 10% من التجارة البحرية و12% من الدولية.. «التموين» و«اقتصادية قناة السويس» تناقشان الفرص الاستثمارية المرتبطة    مباحث الغربية تضبط قاتل مسنة لسرقة هاتفها المحمول ببسيون    حملات تفتيشية مفاجئة.. ضبط 120 مخالفة تموينية في المنيا    سقط من أعلى عقار.. تحقيقات موسعة في مصرع طفل بمدينة نصر    كاظم الساهر.. ناظر مدرسة الغناء بالفصحى ورائد الرومانسية    الجيش الإسرائيلي: إطلاق نحو 15 صاروخا باتجاه الجليل    برواتب مجزية.. «العمل» تعلن وظائف جديدة للشباب بالإسماعيلية    جامعة سوهاج: قبول دفعة جديدة ببرنامج «هندسة الحاسبات والذكاء الاصطناعي» بكلية الهندسة    هل يحتاج الطفل إلى تطعيم الإنفلونزا مع دخول المدارس؟    9 نوفمبر المقبل.. انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الأول لكلية طب الأسنان بجامعة أسيوط    "الفنان أناني".. بعد اتهامهم بالسرقة علي الطيب يعتذر لصناع مسلسل "عمر أفندي"    الرقابة المالية: مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية ترتفع إلى 16 مشروعا حتى الآن    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف    نقيب الأشراف: القراءة العصرية لسيرة النبي وتطبيقها أصبحت ضرورة ملحة    «محافظ الغربية»: الاختيار بين أفضل 16 مشروعًا بيئيا للمنافسة على مستوى الجمهورية    المشاط: بحث استعدادات إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل أهداف التنمية المستدامة في مصر    كرة يد - الكشف عن قرعة دوري أبطال إفريقيا بمشاركة الأهلي والزمالك    رئيس جامعة بنها يتفقد أعمال الصيانة والكشف الطبي على الطلاب الجدد بكلية العلوم    هل هي بدعة؟.. الأزهر للفتوى يوضح حكم شراء حلوى المولد النبوي    حدث في مثل هذا اليوم.. رحيل ملك الموسيقى بليغ حمدي    "دماء في المصحة".. الداخلية تكشف كواليس مقتل طالب خلال محاولة علاجه من الإدمان    مزارع يطلق الرصاص على شقيقه لخلافات على «الميراث» بسوهاج    القاهرة الإخبارية: العملية العسكرية في مخيم طوباس مستمرة    شركة طيران أمريكية تحذف كلمة الجولان المحتلة وتستبدلها بفلسطين التاريخية    محافظ أسيوط يطالب بالانتهاء من الإجراءات والاستعداد للعام الدراسي الجديد    فريق طبى من حميات بنى سويف يجرى الكشف على طفل مصاب باشتباه متلازمة ستيفنز جونسون    حسن مصطفى: الأهلي يحتاج لمهاجم وجناح قوي    صحة المنيا: تقديم الخدمات الطبية ل 1415 مواطنا خلال قافلة مجانية بالسرارية    تشييع جثمان إيهاب جلال من مسجد حسن الشربتلى بالتجمع الخامس    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع مراكز القيادة الإستراتيجي للهيئة الهندسية    7 أدعية نبوية لتبديل الحال للأفضل    القنوات الناقلة لمباراة الزمالك والشرطة الكيني في ذهاب دور 32 من كأس الكونفدرالية الإفريقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد العربى يكتب: درس 1914.. السير نومًا نحو حرب شاملة فى الشرق الأوسط
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 08 - 2024

خلال أزمة الصواريخ الكوبية التى كان فيها العالم على شفير حرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى فى 1962، قيل إن الرئيس الأمريكى جون كينيدى كان دائمًا ما يستحضر كتاب باربرا توكمان «مدافع أغسطس» خلال اجتماعات إدارة الأزمة. كان الكتاب صادرًا لتوه وذا صدى كبير. تناول الكتاب مقدمات الحرب العالمية الأولى، والشهر الأول فيها تحديدًا؛ إذ بدا أن العالم أبعد ما يكون عن مذبحة مروعة استمرت لأربع سنوات، وغيرت العالم معها. تقول توكمان: «فى تلك الفترة لم يكن أحد يريد الحرب، على الرغم من أن الكل كان يسن أسنانه ويشحذ سيوفه استعدادًا لها. كان الأمر ينتظر فقط سوء تقدير من أحد الأطراف حتى يتحول التصعيد المكتوم المستمر لسنوات إلى حرب شاملة. كان الوضع أقرب إلى السير نومًا إلى الحرب».
لا يختلف الأمر كثيرًا فى الشرق الأوسط عما وصفته توكمان عن صراع القوى الأوروبية قبل الحرب العظمى. فيما تعلن جميع الأطراف المنخرطة فى التصعيد الإقليمى عن عدم رغبتها فى الانخراط فى حرب شاملة، إلا أنه لا تخفى رغبتها فى الانتقام أو الرد على خصومها لاستعادة الهيبة أو إعادة بناء الردع؛ يعنى هذا أن المنطقة فى انتظار الخطوة التصعيدية غير المحسوبة التى قد تودى بها إلى الحرب الشاملة المعلنة. بيد أن الأوضاع فى المنطقة قد تجاوزت كل هذه الخطوات، مع اندلاع حرب غزة فى السابع من أكتوبر وكل ما تلاها من اتساع لنطاق المواجهة بين إسرائيل، ومن ورائها الدعم الغربى، وحركة حماس فى ساحة غزة، وحزب الله على جانبى الحدود الشمالية، والحوثيين عبر البحر الأحمر، وأخيرًا التراشق بالمسيرات والصواريخ بين إيران وإسرائيل للمرة الأولى مند عقود.
وقت كتابة هذه السطور وإعداد هذا الإصدار، ما زالت المنطقة تحبس أنفاسها جراء سلسلة الحوادث التى جرت رحاها بين مجدل شمس فى الجولان السورى المحتل، ثم اغتيال قادة سياسيين وعسكريين لحركة حماس وحزب الله فى بيروت وطهران، ضربت هذه الأحداث فرص خفض التصعيد، أو مفاوضات وقف إطلاق النار المتعثرة أصلًا بين حماس وإسرائيل؛ بسبب تعنت الأخيرة ومماطلة حكومة نتنياهو التى تنتظر معرفة هوية ساكن البيت الأبيض الجديد، سواء السيدة هاريس أم السيد ترامب. هنا، تبرز معضلة أخرى من معضلات المنطقة، هى أن مصيرها كثيرًا ما تحدد من خارج حدودها. وغالبًا ما كان يتقرر فى حرب وعدوان.
ربما ينتظر الجميع شرارة لإطلاق الحرب الشاملة، إلا أن الواقع يشير إلى أن المنطقة دخلت فعلًا فى حالة حرب غير معلنة، على الأقل إذا عرفنا أن حالة الحرب تعنى انعدام فرص الاستقرار والسلم. مثل السير نومًا إلى الحرب العالمية الأولى، ستجد جميع الأطراف المعنية بالصراع متعدد الجبهات أنها مضطرة للتصعيد، وهو ما قد يستدعى فتح جبهات أخرى مكتومة أو أخرى خامدة، وما أكثرها على امتداد المنطقة بين دولها وداخلها. إلا أنها ستكون حربًا بلا معارك كبرى، وبلا استراتيجيات سياسية؛ إذا كان الانتقام وحده ما يحرك دائرة العنف. وإذا كان هناك درس واحد تُعلمنا إياه الحرب الدائرة فى قطاع غزة، فهو أن الانتقام لا يمكن أن يشكل استراتيجية ناجعة لخوض الحرب؛ فضلًا عن الانتصار فيها؛ وغالبًا ما يؤدى إلى الإخفاق. فحتى لو نجحت إسرائيل فى انتقامها من قادة حماس، بالاغتيال، وسكان قطاع غزة المدنيين بالقتل والتشريد والتهجير، فقد أخفقت نهائيًا فى تحقيق هدفها بالاندماج فى المنطقة للأبد. لا انتصار حاسم أو نهائى لأحد فى حالة حرب الجميع ضد الجميع. يذكر الاستراتيجى الأمريكى إدوارد لوتواك، أن أى استراتيجية ينبغى أن تبدأ بفهم العدو، والإحاطة بدوافعه، وتنتهى بإدراك أن القوة العسكرية مهما عظمت، فهى قاصرة عن ضمان «الانتصار النهائى» أو «الحل النهائى» أو «الحسم التاريخى».
تبدو المعضلة التى تحكم مستقبل المنطقة هو أنها تاريخها قد تشكل على مدار القرون الخمسة الماضية من خلال حروب إقليمية، بعضها كان امتدادًا لحروب أكبر من خارج حدودها، كتلك التى شكلت المنطقة فى أعقاب انهيار الدولة العثمانية وهزيمتها فى الحرب العالمية الأولى. ولننظر بهذا المنطق إلى إعادة تشكيل المنطقة فى أعقاب حروب 1967، ثم حرب الخليج الثانية فى 1991 وغزو العراق فى 2003. لقد عكست هذه الحروب مزيجًا من سوء تقدير بعض الفاعلين، والتأثير المدمر للتدخل الغربى فى المنطقة. وفى واقع الحال، لا يختلف الشرق الأوسط فى تأثير الحرب فى تكوينه عن أى منطقة أخرى فى العالم. إلا أن الحرب، كقوة طبيعية، قد تكون لها آثار إيجابية فى إرساء التوازن، بقدر ما تولد من آثار تدميرية. ويرتبط تعظيم الآثار البناءة للصراعات فى إدراك القوى المتحاربة بعدم جدوى العنف فى تحقيق الأمن؛ ومن ثم سعيها لإعادة صياغة العلاقات على أساس الأمن المتبادل فى أحسن الأحوال، أو إيجاد قواعد للتنافس فى أسوأها.
لا يعنى هذا أن الحرب فى المنطقة حتمية، إلا أنها أصبحت، كما هى دائمًا، واقعًا مريرًا على الجميع التعامل معه. تقول الحكمة الرومانية: «إذا أردت السلام، فأعد العدة للحرب» ولا يعنى هذا بالضرورة خوض الحرب؛ بل تهيئة المجتمعات الأكثر تأثرًا بالصراعات لأوضاع أصعب، وتقليل المخاطر، وربما السعى لتجنب اتساع دوائر الصراع، أو احتوائه بأقل تكلفة. والأهم اتجاه القوى الإقليمية الراغبة فعلًا فى إقرار السلام فى المنطقة لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار فى المنطقة. سيكون الاعتراف بهذا الواقع أفضل بكثير من التعامل مع الأزمة المزمنة على أنها مجرد «تصعيد»، وأفضل من السير نومًا نحو الهاوية.
لم يعد الحديث عن «اليوم التالى» متعلقًا فقط بشأن قطاع غزة وحده، بل بالمنطقة ككل. وربما لا أحد حاليًا مشغول بهذا التساؤل فى هذه المرحلة الأكثر تدهورًا فى تاريخ النظام الأمنى فى الشرق الأوسط منذ تكوينه؛ لذا، سيكون علينا التفكير فيما ستفضى إليه المواجهات الحالية، وما إذا كانت ستفضى إلى استقرار مهدد؛ على نحو ما أفضت إليه مذابح الحرب العالمية الأولى فى صلح باريس، الذى كان تمهيدًا لحرب عالمية أخرى أكثر ترويعًا، أم أنها ستفضى فعلًا إلى إقرار بنية أمنية جديدة تتوافق عليها جميع الأطراف، وتجعل مصير المنطقة بيد قواها.
من المؤكد أن النظر فى الدروس التاريخية، سواء المستقاة من تاريخ المنطقة أم من خارجها، سيعين كثيرًا على رؤية ما قد تفضى إليه مساراتها المستقبلية. إلا أن التعلم منها أضحى موضع شك، مع تكرار أخطاء الماضى، والتمادى فيها من قبل الجميع. وحتمًا، ستتزايد التكلفة البشرية لهذه الأخطاء، خاصة مع الإفراط فى توظيف ما تجود به التقنيات الرقمية من أدوات للقتل والتدمير. بيد أن التجارب التاريخية بقدر ما تحوى من قواعد حديدية أقرب إلى الحتمية، إلا أنها تطرح مسارات كان من الممكن اتخاذها إذا ما توفرت الرؤى الثاقبة لدى متخذى القرار، أو تجاوزوا عقد الطموح السياسى، والتطرف القومى، وغطرسة القوة، ومجرد الرغبة فى الانتقام. سيكون إدراك هذا مكلفًا، لكنه حتمى لتجنب المنطقة لمستقبل لا يختلف عما يقع حاليًا فى حاضرها.
* رئيس تحرير دورية اتجاهات الأحداث
ينشر بالتعاون مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.