في خطوة غير مسبوقة، أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس الأربعاء، عن تصنيف مرض جدري القرود كحالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا. جاء هذا الإعلان في أعقاب تفشي المرض بشكل متسارع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث ظهرت سلالة جديدة من الفيروس تثير المخاوف من انتشار واسع وأشد فتكًا. وقد وصلت هذه السلالة الجديدة إلى دول مجاورة مثل بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا. يُعد هذا الإعلان الثاني من نوعه خلال عامين. ففي يوليو 2022، تم إعلان حالة طوارئ دولية بسبب تفشي المرض، ولكن هذا الإعلان رفع في مايو 2023 بعد تراجع الحالات عالميًا. مركز مكافحة الأمراض بأفريقيا: مرض جدري القرود يهدد الأمن القاري وفقًا لتقرير «The Conversation»، دفع انتشار المرض مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا إلى إعلان مرض الجدري في وقت سابق من هذا الأسبوع حالة طوارئ صحية عامة تهدد الأمن القاري، وهي المرة الأولى التي تصدر فيها المنظمة مثل هذا التنبيه منذ إنشائها في عام 2017. وبحسب «The Conversation»، تبدأ أعراض جدري القرود بالحمى والصداع وتورم الغدد الليمفاوية وآلام العضلات، تليها ظهور طفح جلدي على الوجه واليدين والقدمين. وقد سجلت جمهورية الكونغو الديمقراطية وضعًا مقلقًا في الآونة الأخيرة، حيث تزايدت الإصابات بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، مع ظهور سلالة جديدة من الفيروس أكثر فتكًا. أوضح التقرير أن السلالة الأولى من الفيروس تُظهر معدل وفيات مرتفع يصل إلى 10%، مقارنة ب 1% للسلالة الثانية الأقل حدة، كما أضافت «The Conversation» أن الفيروس انتشر بين البشر بشكل أوسع منذ عام 2017، وذلك جزئيًا بسبب انخفاض مستويات المناعة العالمية نتيجة لتوقف التطعيم الجماعي منذ أكثر من 40 عامًا، موضحة أن الفيروس متوطن في بعض أجزاء وسط وغرب أفريقيا، حيث ينتقل من الحيوانات إلى البشر، وقد تزايدت حالات تفشي المرض وانتشاره بين البشر منذ عام 2017. وذكرت «The Conversation» أن الفصيلة الأولى من الفيروس، التي نشأت في وسط أفريقيا، تصل معدلات الوفيات فيها إلى 10٪، وهو ما يقارن بمعدل وفيات 0.7٪ لمتغير أوميكرون من فيروس سارس-كوف-2، الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19. أما الفصيلة الثانية، التي نشأت في غرب أفريقيا، فهي أقل حدة بمعدل وفيات يصل إلى 1٪. أكد التقرير أنه حتى عام 2023، لم تكن اللقاحات متاحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث سجلت البلاد 14،626 حالة و654 حالة وفاة، وكان معدل الوفيات 4.5٪، مع ارتفاع بين الأطفال. وكانت معظم الحالات والوفيات في جمهورية الكونغو الديمقراطية من الأطفال. ومع ذلك، بدأ في عام 2023 تفشي المرض في جزء غير مستوطن من البلاد، جنوب كيفو في الشرق، والذي كان عن طريق الانتقال الجنسي، ما يشير إلى أكثر من وباء واحد وأنماط انتقال مختلفة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفقًا ل «The Conversation». بحلول منتصف عام 2024، كان عدد الحالات في جمهورية الكونغو الديمقراطية قد تجاوز إجمالي الحالات المسجلة في عام 2023، حيث بلغ أكثر من 15،600 حالة و537 حالة وفاة، حسب التقرير. الصحة العالمية: ضرورة الاستجابة الدولية لوقف هذه الأوبئة وإنقاذ الأرواح في إطار هذه الأزمة، جاء قرار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، بإعلان حالة الطوارئ بناءً على توصيات لجنة الطوارئ التابعة للوائح الصحية الدولية والتي اجتمعت لمراجعة البيانات المقدمة من خبراء منظمة الصحة العالمية والدول المتضررة قائلًا «ضرورة الاستجابة الدولية لوقف هذه الأوبئة وإنقاذ الأرواح». والذي شدد على أهمية الاستجابة الدولية لمواجهة هذا التهديد الصحي الخطير، داعيًا إلى تضافر الجهود العالمية لتوفير اللقاحات والتمويل الضروري لمكافحة تفشي المرض. وأكدت اللجنة أن تفشي فيروس جدري القرود يشكل تهديدًا صحيًا عامًا، مع احتمالية انتشاره عبر بلدان أفريقية أخرى وربما خارج القارة. وبناءً على توصيات اللجنة، أعلن الدكتور تيدروس حالة الطوارئ الصحية، محذرًا من خطورة ظهور سلالة جديدة من الفيروس في شرق الكونغو الديمقراطية، وانتشاره السريع في الدول المجاورة. المفوضية الأوروبية ترسل 175،420 جرعة من اللقاحات لمكافحة الأمراض الدكتور ماتشيديسو مويتي، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أفريقيا، أشار إلى الجهود المبذولة بالتعاون مع المجتمعات والحكومات لاحتواء انتشار الفيروس، وفي سياق متصل، شدد رئيس لجنة الطوارئ، البروفيسور ديمي أوجوينا، على أن الزيادة الحالية في حالات الإصابة بجدري القرود تشكل تهديدًا عالميًا، مشيرًا إلى ضرورة التحرك الفوري لمنع تكرار تفشي الفيروس على نطاق أوسع. وفي سياق الاستجابة العالمية، أعلنت المفوضية الأوروبية عن إرسال 175،420 جرعة من اللقاحات إلى المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض. ومع ذلك، فإن اللقاحات المتاحة محدودة وتحتاج إلى توزيع فعال في المناطق المتضررة.