عقار مكون من طابق واحد فوق الأرضى، يطل على النيل بمنطقة الكيت كات في الجيزة، يُعرف ب34، يضم شقة واحدة، وصدر له قرار بالإزالة قبل 20 عامًا، إلا أن ورثته قرروا «تنكيسه» لتعيش به مُسِنّة، بدلًا من السكن بإيجار 5 آلاف جنيه في الشهر، لكن انقلبت الأمور رأسًا على عقب، وانهار المنزل على 3 عمال، إذ عثرت قوات الحماية المدنية على جثمان أحدهم، والثانى انتشله الأهالى، وجرى إنقاذه بنقله إلى المستشفى لتلقى العلاج، فيما لا تزال أعمال البحث عن جثة الثالث جارية لنحو 48 ساعة. «خايفيين من العيشة هنا» «أخويا صنايعى، عامل محارة، بيطلع على رزقه ورزق عياله، وراح في غمضة عين».. يقول محمد فتحى عبدالله، الذي ينتظر تصريحًا بدفن جثمان أخيه «رمضان»، إن الضحية لديه 6 أولاد، (3 بنات و3 صبيان)، بينهم فتاة «عروسة على وش جواز»، وهو العائل الوحيد لهم، «بيخرج يشتغل في أي حاجة تطلب منه، وجيراننا أصحاب العقار المنهار عم (عصام) و(شعبان)، وابن أختهم (عماد) استعانوا به مع العاملين (سعيد) و(بندق) لإعادة ترميم المنزل، واستمرت تلك الأعمال مدة 5 أيام (كانوا بيكسروا فيها الحيطان لتركيب سيراميك في المدخل والأرضيات)، لكن فجأة دون سابق إنذار، الجمعة الماضى، (لسة أخويا والعاملين اللى معاه بيبدأوا شغل، البيت وقع عليهم». هرول «فتحى» إلى «عقار الكيت كات» حين سمع صراخ الأهالى: «إلحقوا بيت عصام وقع»، حيث طالع العامل «بندق»، وقد نجا من موت محقق، «الناس طلعته من تحت الأنقاض»، ويصف حالته: «جسمه كله كان متكسر، والإسعاف شالته، وودته المستشفى لما حضرت لمكان الحادث»، وتدمع عيناه: «الحماية المدنية لما حضروا هُمَّه اللى عرفوا يطلّعوا أخويا (رمضان) من أسفل الحطام المنهار، منظره لحد دلوقتى مش قادر أنساه أبدًا، قدام عينيا ذكريات كتيرة، تعبه وشقاه وعياله ال6، والصغيرين فيهم (ياسين) و(يوسف)، (5- 7 سنوات)، وعياطهم عليه يقطع القلب». شقيق الضحية لم يكف عن البكاء، ولطم خديه، ولم تفلح محاولات تهدئته، فمن وسط الصراخ يقول: «بيوت كتيرة هنا، جاى لها قرارات إزالة، ولم تنفذ، خايفين من العيشة هنا، النهارده أخويا مات وبكرة ممكن غيره». «جايين يركبوا سيراميك» التوجيهات الصادرة من اللواء سامح الحميلى، مدير أمن الجيزة، الذي حضر بموكبه إلى مكان الحادث 3 مرات أمس، آخرها قبل أذان الفجر، كانت «تنكيس» المنزل بمعرفة قوات الحماية المدنية حرصًا على سلامة العقارات الملاصقة وخشية انهيارها، وضرورة فحصها لبيان مدى تضررها، وعدم مغادرة موقع الحادث إلا بعد استخراج جثمان الضحية المفقود «سعيد»، إذ استمرت أعمال البحث عنه مدة 48 ساعة. المقدم محمد سعودى، رئيس مباحث قسم شرطة إمبابة، أجرى التحريات اللازمة بشأن الواقعة، بإشراف اللواء علاء الجاحد، رئيس قطاع غرب الجيزة، وعمل على تفريغ كاميرات المراقبة بمحيط سقوط العقار، وضبط مالك المنزل. في ال8 صباحًا، حضر عادل عرابى، مالك ورشة تصليح إطارات سيارات بالعقار المنهار، وتقابل مع العمال ال3، ودار بينهم حديث حول أعمال الترميم: «بعدما خرجت من البيت، على حوالى الساعة 10، لقيت البيت وقع ومفيش حد من اللى كانوا جوة ظاهر، وعلى طول الناس عرفت تطلع (بندق) بس»، حسب شاهد العيان الذي استعانت به جهات التحقيق، فإن «العقار مبنى من غير عمدان، ومهجور منذ 20 عامًا، وورثته قرروا أن تسكن به أختهم (أم عادل) لأن الإيجار بتاع شقتها غلى وبقى ب5 آلاف جنيه، فجابوا العمال يوضبوه، والمصيبة إنهم أزالوا طبقات الأسمنت من الحوائط، ومحدش عمل لها محارة عشان تمسكها، وتانى يوم جايين يركبوا سيراميك، البيت وقع عليهم». يؤيد رواية «عرابى» العديد من الجيران وأصحاب المحال الملاصقة، ومن بينهم حسن سيد، مالك ورشة، الذي أبدى حزنه جراء الحادث، خصوصًا أن جثمان «سعيد» لا يزال مفقودًا، وقال عنه: «ده على باب الله، ملهوش أهل هنا خالص، وأى شغلانة بيعملها، وكل الناس هنا تعرفه». النيابة العامة أمرت باستدعاء أشرف بكر، رئيس حى إمبابة، لسماع إفادته حول الواقعة، إلى جانب تشكيل لجنة هندسية للوقوف على سلامة العقارات المجاورة للمنزل المنهار من عدمه.