وسط التكهنات التى تلت ما تم توزيعه من ملصقات وما تم تشكيله من ائتلاف لدعم جمال مبارك، خرج علينا جمال مبارك بتصريح يستحق التوقف أمامه لأنه يقول الكثير.. جاء هذا التصريح فى لقاء جمال مبارك، الأمين العام للحزب الوطنى، مع حوالى خمسمائة طالب وطالبة بالجامعات فى معهد إعداد القادة، أمس الأول، وهو اللقاء الذى قال فيه أحد الطلبة لجمال مبارك: «أنا خايف إن الحكم ييجى بالتوريث.. وأنت مسؤول قدام ربنا» فرد جمال مبارك قائلاً: «أنا شغال فى العمل الحزبى بقالى تسع سنين والحمد لله براعى ربنا». المشكلة الحقيقية هنا أن العمل لمدة تسع سنوات فى الحزب ليس مؤشراً على أن طرح جمال مبارك نتيجة لهذا يصبح طبيعياً أو بمعنى آخر شرعياً وليس توريثاً، فكلنا نعلم أن هذا العمل الحزبى لم يقم به جمال مبارك لمدة تسع سنوات من قواعد الحزب، لكنه سقط على الحزب ليتربع على قمته وهو ما لا يمكن أن يحدث لأى شخص مهما كانت إمكانياته وكفاءته إن لم يكن ابن الرئيس.. مَن غير جمال مبارك.. مَن غير ابن الرئيس كان من الممكن أن تنشأ من أجله لجنة خاصة به فى الحزب وأن يصعد لمثل هذا الموقع القيادى فيه.. هل يصلح بعد ذلك أن يقال عن ترشحه إنه جاء بناء على عمله بالحزب؟ هل كان من المتصور أن يتم التوريث مع رفع شعار التوريث، أو تحت لافتة مكتوب عليها التوريث؟! إن مثل هذا السيناريو الذى امتد منذ ظهور جمال مبارك حتى الآن لا يفعل سوى أنه يهين ذكاءنا جميعاً، ويطالبنا بأن نلغى ذاكرتنا وما استقر فيها من تصريحات لجمال مبارك، وللرئيس حسنى مبارك نفسه.. وهى التصريحات التى قال من خلالها الرئيس «إن مصر ليست سوريا» والتى نفى فيها فى أكثر من مناسبة مثل هذا الطرح، وهو ما أصر عليه جمال مبارك أيضاً.. وبعد أن تُرك ليعمل بالعمل الحزبى من منطلق حقه كأى شخص فى ممارسة السياسة، وبعد أن تم تصعيده ووضعه على قمة الحزب والحياة السياسية، وبعد أن تم إجراء التعديلات الدستورية التى لم تجعل هناك أى فرصة إلا له هو بالذات.. تغير الحديث وانقلب إلى المطالبة بحق جمال مبارك فى الترشح للرئاسة، مثله مثل أى شاب فى مصر. إن السؤال الذى طرحه هذا الشاب على جمال مبارك يأتى من منطلق إحساس شاب بأنه لا يستطيع أن يحصل على حقه، ربما فى العمل فى مواجهة آخر يمنح حقاً لكى يحكم بلداً بأسره، لا لشىء إلا لأنه ابن الرئيس.. إذا لم يكن هذا توريثاً فماذا يكون إذن؟ [email protected]
