شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، جدلا قانونيا موسعا، حول حق النيابة العامة في الطعن على الأحكام الغيابية في تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، بعد تقدم النائب أيمن أبوالعلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان، بتعديل على المادة (419) مكررًا /2) المتعلقة بحق النيابة العامة في التقدم باستئناف الأحكام الغيابية في مواد الجنايات والتي تنص على أنه «يجوز للنيابة العامة أن تستأنف الأحكام، الغيابية الصادرة في مواد الجنايات». وطالب «أبوالعلا» بإضافة كلمة «بالبراءة» إلى نص المادة عقب عبارة «الأحكام الغيابية الصادرة»، موضحا أن الأحكام الصادرة غيابيا إما أن تصدر بالبراءة أو بالإدانة، وفى حالة صدورها بالإدانة يستطيع المتهم طلب إعادة الإجراءات في الحكم الغيابى، وبالتالى يسقط ذلك الحكم. وأضاف «أبوالعلا»: «فإن قامت النيابة العامة باستئناف تلك الأحكام الصادرة بالإدانة، فبالتالى ستكون هناك دعوتين منظورتين بذات الموضوع وذات الخصوم أمام محكمة أول درجة ومحكمة الجنايات المستأنفة، الأمر الذي يترتب عليه تقطيع أوصال القضية الواحدة». وتابع: «لو افترضنا أن محكمة الاستئناف نظرت وقضت في طعن النيابة العامة ثم جاء المتهم وعمل إعادة اجراءات وسقط الحكم الغيابى، فما مصير حكم محكمة الاستئناف، الأمر الذي يترتب عليه إعادة نظر القضية من جديد، وتعطيل وقت القضاء والمتقاضين؟»، مطالبا بأن يكون من حق النيابة العامة الاستئناف في الأحكام الغيابية الصادرة بالبراءة فقط وليست الإدانة. ووافق المستشار عمر مروان وزير العدل، على التعديل المقترح من النائب أيمن أبوالعلا، قائلا إن «التعديل جاء في محله، فمن الأدق أن يقتصر استئناف النيابة على الأحكام الصادرة بالبراءة فقط، وذلك يأتى استنادا لحكم محكمة النقض الذي يقضى بقصر طعن النيابة في هذه الحالات على البراءة فقط». فيما رفض النائب إيهاب الطماوى، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب التعديل، قائلا إن اللجنة ناقشت تلك المادة وانتهت إلى أحقية النيابة العامة في الطعن والاستئناف في جميع الأحكام وليس البراءة فقط، نظرا لأن هناك بعض الأحكام الصادرة بالإدانة ولكن ليست بالعقوبة المناسبة للجرم أو كان الحكم بعدم الاختصاص وغيرها من الحالات القانونية، متسائلا: «لماذا أمنع النيابة من حقها وحق المجتمع بالتقدم بطعن في أحكام ليست بالبراءة؟». وعقب المستشار عمر مروان وزير العدل، متمسكا بالموافقة على التعديل، قائلا: «الحكومة تحرص على مطالعة نصوص القوانين الأخرى عند دراستها لأى تعديلات، فهل يعقل أن يكون للنيابة حق الطعن في أحكام الإدانة، وفى نفس الوقت يكون ذلك الحق للمتهم، مستعرضا حكمين لمحكمة النقض في هذا الأمر؟.» وأعلن «مروان»، أن حكم محكمة النقض رقم 17861 لسنة 88 ق جلسة 2020 وحكم آخر عام 2014، يؤكدان أهمية قصر حق النيابة في الطعن على أحكام البراءة، خاصة أن الحديث جاء، عن أحكام غيابية وليست حضوريا. وأعلن النائب إيهاب رمزى، عضو اللجنة التشريعية، تأييده للنائب إيهاب الطماوى في رفض التعديل، معلنا اتفاقهم في اللجنة على ذلك النص. وحذر «الطماوي» مرة أخرى من تعديل النص ومنع النيابة من الطعن على الأحكام الصادرة بالإدانة، مؤكدا أن ذلك سيتسب في إهدار مال عام على الدولة بسبب بعض الدعاوى، قائلا: «لو النيابة مخدتش حق الطعن هتهدر أموال كانت تدخل الخزانة العامة». وتابع: «النيابة كمان باعتبارها الأمين على الدعوى الجنائية من حقها تطعن، ماذا يضير المشرع أن تمنح النيابة سلطة الطعن لمصلحة القانون». وطالب رئيس مجلس النواب، النائب عبدالهادي القصبي، ممثل الأغلبية البرلمانية بحسم ذلك الجدل، وأعلن «القصبي» تأييد الأغلبية لموقف النائب إيهاب الطماوى، ورفض التعديل المقترح.
