دماء 6 عمال سعوا إلى «لقمة العيش»، اختلطت بكتلة خرسانية كتبت نهاية أحدهم أول أيام السنة الجديدة، إثر انزلاقها من «ونش» أثناء تركيبها أعلى الوصلة الرابطة بين محورى صفط اللبن وكمال عامر بمنطقة بولاق الدكرور في الجيزة. محمود عبدالنبى، من منطقة طوخ بالقليوبية، شاب ثلاثينى، يعمل جرار تركيبات، يحضر إلى بولاق الدكرور ليباشر عمله مع زملائه بشركة المقالاوت لإنهاء تنفيذ الشريان الجديد. في تمام الواحدة ظهرًا، وقف «عبدالنبى» خلف «محمد.س»، سائق «الونش»، الذي كان يرفع ب«الشوكة» كتلة خرسانية طولها نحو 20 مترًا، وإذ بها تنزلق وتنزل على رأس صاحب ال30 عامًا ليلقى مصرعه على الفور، فيما كان 5 من زملائه على مقربة منه أصيبوا بكدمات وجروح سطحية بسبب انشطار الخرسانة إلى نصفين وتناثر أجزاء منها على أجسادهم. أسرة «عبدالنبى» تلقت خبر وفاته على نحو مأساوى، والدته انهارت أمام ثلاجة حفظ الموتى في مستشفى «أم المصريين»، وكيل النائب العام صرح بدفن الجثمان وكتب برقية عزاء: «يُصرح بالدفن.. خالص العزاء لأسرة المتوفى»، ودَوّنَ في أوراق التحقيقات أنه من خلال مناظرة الجثة تبين وجود كسور في قاع الجمجمة. تحقيقات النيابة حول حادث كمال عامر وسأل وكيل النيابة الأم عن وجود خلافات بين المتهم وابنها، فقالت: «ابنى معندوش مشاكل مع حد»، واختتمت كلامها باتهامها لسائق الونش بالتسبب في وفاة ابنها. في الوقت ذاته، سألت النيابة المصابين ال5 عن ملابسات الحادث وجاءت أقوالهم: «اللى حاصل إننا كنا واقفين في مكانا بنشوف شغلنا، وفجأة سواق الونش كان بيتحرك يمينًا ويسارًا وسقطت كتلة الخرسانة علينا». لم يتهم المصابون، أمام النيابة، سائق «الونش» بالتسبب في الحادث عمدًا، وقالوا: «ده قضاء وقدر». بالعودة إلى سراى النيابة، خضع السائق للتحقيق، وقال: «مكانش قصدى أوقع الخرسانة، وهى اللى وقعت غصب عنى وأنا بنزلها على الأرض لتركيبها». شهود عيان على حادث محور كمال عامر وطلبت النيابة أخذ عينة من دماء السائق بمعرفة الطب الشرعى، للتأكد من تعاطيه مواد مخدرة من عدمه، كما قررت حبسه 4 أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات، وأسندت له ارتكاب جرائم: «القتل الخطأ، والإصابة الخطأ، والإهمال في أداء مهام عمله». وأمرت النيابة باستدعاء مدير شركة المقالاوت المنفذة للمشروع والعاملين به، لسماع إفادتهم فضلًا عن تشكيل لجنة هندسية لمعاينة موقع الحادث. واستمعت النيابة إلى شاهد عيان على الواقعة يدعى «عاطف.م»، أحد القاطنين بجوار الكوبرى، والذى أكد أنه شعر بهزة تشبه الزلزال، مشيرًا إلى أن الكمرة الخرسانية سقطت قبل الواقعة فحاول العامل المتوفى لحمها إلا أنها انهارت عليه. وأردف الشاهد أن الكمرة الخرسانية سقطت على العامل فتسببت في وفاته في الحال وإصابة زملائه جراء محاولتهم إنقاذه، مشيرًا إلى أن أحد المصابين عندما شاهد المشهد العنيف فقد الوعى وسقط من أعلى الكوبرى. كما قال «محمد.ع»، صاحب محل عصائر أمام الكوبرى المنهار، إن يوم الواقعة سمع أصوات عمال يصرخون بعد مشاهدة صديقهم وهو أسفل الكمرة الخرسانية غارقًا في دمائه، موضحًا أن الواقعة بأكملها حدثت في 5 دقائق ما بين سقوط الكمرة في البداية ومحاولة لحمها وانهيارها على العامل. وأكد أن الكمرة الخرسانية الموازية لمحور كمال عامر طولها يبلغ 25 مترًا تقريبا، موضحًا أن العامل خلال عملية لحم الكمرة سمع صوت تصدع ثم انهار عليه، مما أسفر عن مصرعه وإصابة آخرين.
