أستاذ هندسة بجامعة مصر للمعلوماتية ضمن أفضل 2% من علماء العالم    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع المجلس القومي لذوي الإعاقة    الطريقة التيجانية في مصر تتبرأ من صلاح الدين التيجاني    رابط الاستعلام عن نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية 2024-2025    مدارس شبرا الخيمة تضع اللمسات النهائية لاستقبال العام الدراسي الجديد    التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من القمح يكفي 6 أشهر و الزيوت 7 شهور    اليوم.. رئيس الوزراء يفتتح مصنع «بيكو» للأجهزة المنزلية    جهاز مدينة المنيا الجديدة يحصل على شهادة المواصفات القياسية الدولية «الأيزو»    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة العمل على تعظيم القدرات الملاحية بقناة السويس    «القاهرة الإخبارية»: لم تصدر تصريحات رسمية من إسرائيل حول حادث لبنان    ماسك يتوقع مستقبلا قاتما للولايات المتحدة إن خسر ترامب الانتخابات    العاهل الأردني يوافق على تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة جعفر حسان    إبراهيما نداي ينضم لنادي الحزم السعودي    طبيب الأهلي يحسم موقف يحيى عطية الله من المشاركة أمام جورماهيا    عاجل.. أول تعليق من أحمد فتوح على واقعة «الدهس».. وطلب من عائلة المتوفي    معادلة رقم رونالدو.. هالاند على أعتاب تحقيق إنجاز جديد في دوري الأبطال    تين هاج يشرح سر سباعية بارنسلي    ب12 مليون جنيه.. ضبط تاجر مخدرات بشحنة حشيش    «اللافتة نادي صحي والنشاط كارثي».. ماذا حدث في المنتزه؟    المشدد 6 سنوات لكهربائي لاتجاره في الهيروين بطوخ    اندلاع حريق فى مطعم بالدقى.. ورجال الحماية المدنية يحاولون السيطرة (صور)    من أمام أبو الهول.. زاهي حواس يقدم كتابًا لمصمم الأزياء الشهير «ستيفانو ريتشي»    الجدي حكيم بطبعه والدلو عبقري.. تعرف على الأبراج الأكثر ذكاءً    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يكرم هشام عبد الخالق    افتتاح أسبوع أفلام جوته القاهرة 2024.. بالصور    ما حكم بيع المشغولات الذهبية والفضية بالتقسيط بزيادة على السعر الأصلى؟    وزير الصحة: مصر أكبر منتج للأدوية في أفريقيا والشرق الأوسط    قوافل طبية وبيطرية لجامعة الوادي الجديد ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    ينتشر بسرعة.. هل تتشابه أعراض متحور كورونا XEC مع السلالات القديمة؟    العمل: تسوية ودية لاسترداد حقوق عمال في عدد من شركات القطاع الخاص بالإسكندرية    إطلاق مبادرة لتخفيض أسعار البيض وطرحه ب150 جنيهًا في منافذ التموين والزراعة    عرض لفرقة أسوان للفنون الشعبية ضمن فعاليات مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في هذا الموعد    سول: سنردع استفزازات كوريا الشمالية بناء على قدراتنا والتحالف مع الولايات المتحدة    بلاغ للنائب العام ضد التيجاني لتأسيسه جماعة دينية تنشر المذهب الشيعي    هل يجوز إخراج زكاة المال للأهل؟.. أيمن الفتوى يجيب    أول مشكلة تواجه مستخدمي آيفون بعد تحديث نظام التشغيل إلى iOS 18    ارتفاع حصيلة ضحايا انفجارات أجهزة «بيجر» في لبنان إلى 12 قتيلا    لمواكبة متطلبات سوق العمل.. 6 برامج دراسية جديدة باللغة الإنجليزية في "زراعة بنها"    فتح باب التقدم للالتحاق بالمدارس الرياضية لطلاب الأول والثاني الإعدادي بالوادي الجديد    جهز حاسبك.. أنت مدعو إلى جولة افتراضية في متاحف مكتبة الإسكندرية    محافظ أسيوط يؤكد الاستعداد التام لتنفيذ المبادرة الرئاسية بداية جديدة    الصحة الفلسطينية: 20 شهيدا و54 مصابا خلال 24 ساعة في غزة    حلاوة زمان .. عروسة وحصان    كرة نسائية - سالي منصور تكشف أسباب رحيلها عن الأهلي بعد إعلان التعاقد معها    روما يعلن إقالة مدربه دي روسي لسوء النتائج فى الدوري الإيطالي    ختام فعاليات التدريب البحري «النسر المدافع» بين القوات المصرية والأمريكية بنطاق البحر الأحمر    تداول 9 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «الصخب يودي في داهية».. تعليق مثير من أحمد شوبير على أزمة رمضان صبحي مع المنشطات    تفاصيل مقتل وإصابة 9 جنود إسرائيليين فى انفجار ضخم جنوبى قطاع غزة    العظمى 35 درجة.. أجواء معتدلة ونشاط للرياح فى بنى سويف    محافظ أسيوط يغلق دار مسنين لتردى الأوضاع الصحية والنفسية للنزلاء    وزيرة البيئة تلتقى السفير الياباني بالقاهرة لبحث سبل تعزيز التعاون    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ولايبزيج في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    وزير الصحة والسكان يتابع الخطوات التنفيذية لتفعيل الهيكل المؤسسى للوزارة    تطعيمات شاملة وإجراءات وقائية.. خطة وزارة الصحة لمواجهة الأمراض المعدية في المدارس    دعاء خسوف القمر اليوم.. أدعية مستحبة رددها كثيرًا    هل يدخل تارك الصلاة الجنة؟ داعية تجيب: «هذا ما نعتقده ونؤمن به» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقراءات الخاطئة.. إعادة تقييم اتجاهات 2023
نشر في المصري اليوم يوم 21 - 12 - 2023

قبل عام واحد تقريبًا، كان المحللون والمؤسسات البحثية يصدرون استقراءاتهم بثقة بشأن القضايا الدولية لعام 2023. وفى حين أنه من المهم تقييم ما إذا كانت هذه الاستقراءات دقيقة أم لا، فمن الأهم تقييم موقفنا الحالى وتحديد الخطوات القادمة، خاصةً ونحن نقترب من العام الجديد.
توقعات لم تتحقق:
تركز الاهتمام فى شمال العالم حول خمسة أحداث رئيسية، كان من المتوقع حدوثها فى عام 2023، ففى البداية كان هناك احتمال قيام الحرب فى أوكرانيا، وهو الاحتمال الذى رفضه الخبراء الغربيون بشكل قاطع فى عام 2021، واعتبروه حدثًا مستبعدًا. وبعد قيام الحرب بالفعل فى أوكرانيا، افترض الكثيرون أنها ستكون مجرد نزهة سهلة للجانب الروسى، مع انتصار سريع، ولكن الواقع أثبت خطأ كلا التنبؤين، فمع اقتراب نهاية عام 2023 لا يزال الجمود العسكرى فى أوكرانيا مستمرًّا.
ثانيًا: كانت هناك توقعات بشأن انهيار التضامن الغربى حول أوكرانيا، وهو ما ثبت خطؤه أيضًا، على الرغم من صعود سياسة «أمريكا أولًا» الاقتصادية، التى ينتهجها جو بايدن، والتى ظهرت كنقطة انقسام جديدة مع أوروبا. وقد أعرب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن قلقه بشأن القانونين، اللذين يدعمان الصناعة الأمريكية، ويميزان فى المعاملة بين المنتجين خارج الولايات المتحدة وداخلها، واللذين من المحتمل أن يؤديا إلى تفتيت وحدة الغرب.
ثالثًا: يعتقد الرئيس بايدن، والعديد من القادة الغربيين أن العالم منقسم بالأساس بين الأنظمة الديمقراطية والأنظمة الاستبدادية. وقد أثار هذا المنظور مخاوف استقطابية بشأن الطموحات الغربية للهيمنة على النظام العالمى. أضف إلى ذلك أن الأزمة الأوكرانية قد أدت إلى التقريب بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، على الرغم من اختلاف مستويات التقارب فى كل دولة.
رابعًا: كانت التوترات بشأن تايوان مصدرًا كبيرًا للقلق بسبب التزام الرئيس الصينى شى جين بينغ بإعادة توحيد الصين. وما زاد من حدة هذا القلق زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة، نانسى بيلوسى، وإعلان الرئيس بايدن الدفاع عن تايوان فى حالة وقوع أى عدوان ضدها، وتحذير رئيس العمليات البحرية الأمريكية من غزو صينى محتمل على تايوان قبل عام 2024. ومع ذلك، فقد ثبت عدم دقة هذه التوقعات، وانتهى العام بمحاولة إعادة تنسيق للقمة الأمريكية الصينية فى سان فرانسيسكو.
خامسًا: كانت الاضطرابات فى إيران، والتى تتضمن تحديات مختلفة، بمثابة قضية رئيسية أخرى تركز الاهتمام حولها فى عام 2023. وتضمنت التحديات التى كانت تواجهها إيران فى خلال العام: اندلاع الاحتجاجات، بعد وفاة مهسا أمينى، أثناء احتجازها لدى الشرطة، وعموم الركود الاقتصادى، وارتفاع مستوى صرامة العقوبات المفروضة على الدولة. وهكذا فقد كان أحد الأسئلة المهمة هو: هل سيكون باستطاعة الجمهورية الإسلامية أن تصمد حتى نهاية العام، وسط التحديات الداخلية التى كانت تواجهها الدولة؟، بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مخاوف بشأن البرنامج النووى الإيرانى، واحتمالية زيادة العدوانية الإقليمية، وربما تكون هذه النقطة برمتها بمثابة تكتيك لتحويل الانتباه عن القضايا الداخلية. ولكن مرة أخرى، لم تتحقق أى من هذه التوقعات.
زيادة عدم اليقين:
فى الواقع لقد تساءل المحللون فى البداية عما إذا كان عام 2023 سيكون عامًا للتصعيد أم عامًا للتهدئة، التى من شأنها تقليل التوترات الجيوسياسية وتأثيراتها الاقتصادية. وقد نشأت هذه التساؤلات بسبب عدة عوامل، هى:
1. أطر الأمن العالمى غير الفعالة: فشلت مفاهيم ما بعد الحرب العالمية الثانية فى منع الصراعات، مثل الحرب فى أوكرانيا أو فى أى مكان آخر من العالم.
2. تصادم التحولات الخضراء مع التحولات الرقمية: فقد أدت العقوبات إلى تعطيل الأسواق، وأثرت فى أنماط الطاقة العالمية على حساب تغير المناخ.
3. الركود الاقتصادى العالمى المتوقع: على الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى، فإن الاقتصادات العالمية والصناعية لم تصل بعد إلى مرحلة الركود.
4. أزمة توفر السلع الأساسية: لا يزال العالم يصارع تداعيات ما بعد وباء «كوفيد- 19»، مما يثير المخاوف بشأن توفر السلع الأساسية.
5. انتشار عدم الاستقرار والسخط الاجتماعى على نطاق واسع: لقد أدت «الأزمة الدائمة» إلى انتشار عدم الاستقرار والسخط الاجتماعى، مما سلط الضوء على المخاوف بشأن النظام العالمى المحروم.
6. نهاية عصر وفرة الموارد: يقترب عصر المنتجات الرخيصة والوفيرة من نهايته، مما يثير المخاوف بشأن اقتصادات السوق والتدفق الحر للسلع والخدمات.
7. التفتت التنظيمى والعولمة القطاعية: أدى تصاعد الاستقطاب والأزمات إلى جعل التفتت التنظيمى والعولمة القطاعية مشكلة متزايدة، مما يقوض القواعد والأنظمة العالمية التوافقية.
8. اختبار الحدود الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية: من المتوقع أن تؤدى النماذج الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية المتوترة، إلى جانب الأسواق غير الفعالة المتأثرة بالعقوبات، إلى زيادة المخاطر.
إعادة تقييم الأمور:
أثبتت العديد من استقراءات عام 2023 عدم دقتها، إذ كانت بعض الأحداث أقل دراماتيكية من المتوقع أو على العكس كان بعضها أعلى من المتوقع له بكثير. ولقد نتج عن ذلك ظهور العديد من الادعاءات الكاذبة والسياسات العدوانية، التى أثبتت عدم فعاليتها، وأدت إلى المزيد من استخدام القوة. ولذلك نرى أنه قد حان الوقت الآن للتفكير والتأمل من أجل إعادة ضبط المسار.
لقد تأثرت التناقضات الكبيرة الخاصة باستقراءات عام 2023 بعدة عوامل. وأول هذه العوامل هو أن تلك الاستقراءات ركزت فى المقام الأول، وبشكل غير متكافئ، على القوى الكبرى والنصف الشمالى من العالم، فى حين تجاهلت النصف الآخر. بالإضافة إلى ذلك، فقد استندت هذه الاستقراءات إلى مفاهيم وافتراضات لنظام عالمى قد عفا عليه الزمن، ولم يعد يعكس النموذج العالمى السائد على أرض الواقع.
ومن الأمثلة التى تدل على خطأ هذه الافتراضات أنه منذ بضعة أشهر فقط كان الافتراض السائد هو أن فلسطين لم تعد قضية على الأجندة العالمية، حتى إنه منذ شهر واحد فقط نشر مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، مقالًا يؤكد فيه أن الشرق الأوسط قد أصبح أكثر أمانًا من أى وقت مضى. كانت هذه هى الاستقراءات السائدة، بينما ها هو عام 2023 يشرف على الانتهاء وأنظار العالم أجمع متركزة على الحرب فى غزة، تلك الحرب التى حصدت الآلاف من الأرواح.
ونظرًا لتنوع مصادر التوترات حول العالم، فمن المُلِحّ على المجتمع الدولى أن يعود مرة أخرى إلى الدبلوماسية، باعتبارها الأداة الأساسية لإقامة علاقات دولية وحل النزاعات. ويُعد هذا أمرًا مُلِحًّا، خاصةً مع وجود الصراعات الحالية (أو الوشيكة)، مثل تلك التى تدور فى: أوكرانيا وفلسطين والسودان واليمن... إلخ.
ويُعد إنهاء حالة الاستقطاب الشديد فى النظام العالمى أيضًا قضية مُلِحّة أخرى، فمن الممكن أن يساعد هذا الأمر على وقف الصراعات العسكرية واسعة النطاق، والحروب الاقتصادية والتجارية المدمرة. وفى هذا الصدد بالذات يمكن للدبلوماسية الثنائية ومتعددة الأطراف أن تؤدى دورًا حاسمًا لتحقيق هذا الهدف.
إن تجديد الجهود من أجل نزع السلاح العالمى والإقليمى أصبح أمرًا ضروريًّا. وتُعد هذه النقطة شديدة الأهمية، خاصةً فى ظل ما شهدناه من التخلى عن اتفاقيات دولية طويلة الأمد، كتلك التى كانت بين الولايات المتحدة وروسيا، بالإضافة إلى رفع مستوى القوة العسكرية من قِبَل العديد من الدول، (كالولايات المتحدة وروسيا)، والمواقف المتصاعدة فى الفضاء الخارجى، وتطوير تقنيات جديدة للاستخدام المزدوج.. كل هذا من المحتمل أن يجلب آثارًا مدمرة على الجميع سواءً على الدول الأطراف فى تلك التوترات أم على غيرها من الدول.
إن تشجيع وتبنى التعايش، كمجتمع عالمى واحد، أمر بالغ الأهمية لمواجهة تحديات التهديدات العالمية غير العسكرية مثل: انتشار الأوبئة وتغير المناخ.
فى الختام، من المهم أن نؤكد من جديد أن الدول النامية لديها أسباب مشروعة للطعن والتشكيك فى دقة الاستقراءات السنوية بشأن القضايا الدولية، والتعبير عن عدم الرضا إزاء غياب المعاملة العادلة، فالأدلة على أرض الواقع للأسف تدعم هذه الفكرة. ولذلك فمن الأهمية بمكان أن تعالج الدول النامية هذه القضية من خلال المشاركة النشطة مع المحللين والخبراء داخل بلدانها بهدف تطوير وتقديم السردية، التى تعكس وجهات نظرها واهتماماتها الحقيقية. وينبغى بعد ذلك مشاركة هذه الروايات، وموازنتها مع روايات الآخرين.
* وزير الخارجية السابق
■ يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.