أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانًا، لفتت من خلاله إلى أنه بينما تتجه أنظار العالم إلى الكارثة التي تتوالى فصولها في غزة، تعمل المنظمة أيضًا على الاستجابة لكارثة إنسانية أخرى في السودان، حيث تركت 7 أشهر من العنف الواسع النطاق، آثارًا مدمرة على حياة الناس وسبل عيشهم وصحتهم. وأضافت أن السودان، الذي يشهد أحد أكثر الأزمات المنسية في العالم، يواجه الآن أكبر أزمة نزوح داخلي على مستوى العالم، حيث نزح في الآونة الأخيرة 6.3 ملايين شخص؛ أيْ أكثر من 12% من إجمالي السكان، منذ 15 أبريل الماضي، وقد نزح ما يقرب من 1.4 مليون من هؤلاء إلى بلدان مجاورة بوصفهم لاجئين. كما أن النزاع المسلح وانعدام الأمن، والهجمات على مرافق الرعاية الصحية، ونقص العاملين الصحيين والإمدادات الصحية أجبر 80% من المرافق الصحية في المناطق المتضررة من النزاع على التوقف التام، مما أرهق النظام الصحي بها إلى أقصى الحدود وحرم الشعب السوداني من حقه في الحصول على الرعاية الصحية، وحتى المرافق التي لا تزال تعمل مُثقَلة بسيل من المرضى الملتمسين للرعاية، وأكثرهم من النازحين داخليًّا. وقد تحققت منظمة الصحة العالمية من وقوع 60 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية منذ بداية الحرب، وهو ما أسفر عن 34 حالة وفاة و45 إصابة. إلى جانب تعرَّض أكثر من 42% من جميع سكان البلد إلى مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويعاني 3.4 ملايين طفل؛ أيْ طفل من كل 7 أطفال، دون سن الخامسة، من سوء التغذية الحاد، ويعاني أكثر من 690 ألف طفل من سوء التغذية الوخيم. ويتمثل أحد أكبر شواغل المنظمة في سرعة انتشار فاشية الكوليرا، فمنذ الإعلان عن فاشية كوليرا في القضارف في 26 سبتمبر، أبلغت 7 ولايات عن حالات مشتبه في إصابتها بالكوليرا، كما يجري الإبلاغ عن حالات حمى الضنك، والحصبة، والملاريا في جميع أنحاء البلد. ويثير الوضع في دارفور قلق عميق، فقد أدى تصاعد وتيرة العنف، والنزوح القسري، وانتشار العنف القائم على نوع الجنس على نطاق واسع، وقلة فرص توصيل المساعدات إلى بلوغ الاحتياجات الإنسانية حدًّا لا يمكن تصوره. إذ تفيد التقارير بأنه يتعذر الوصول إلى العديد من المستشفيات، وبأن انعدام الأمن يحول دون إيصال المساعدات الإنسانية بأمان، لذلك، أكدت المنظمة على توسيع نطاق المساعدات عبر الحدود من تشاد إلى دارفور، حيث خصصت هذا الأسبوع 2.5 مليون دولار من الموارد المالية للمنظمة لدعم هذه الأنشطة، وتابعت: «لكننا نحتاج إلى دعم جهاتنا المانحة لضمان استجابة إنسانية مستدامة وموثوقة». كما أكدت منظمة الصحة العالمية على أنها تقف إلى جانب شعب السودان، وستواصل أداء دورها على الرغم من التحديات الهائلة، لافتة إلى العمل بنشاط على التنسيق مع الشركاء، وإنشاء عيادات متنقلة، وتعزيز الترصُّد، وتوزيع الأدوية الأساسية. وحاليًّا يتم التركيز على دعم حملة للتطعيم بلقاح الكوليرا الفموي في ولايتي القضارف والجزيرة، تستهدف تلقيح أكثر من 2.2 مليون شخص ممن تبلغ سنهم عامًا واحدًا أو أكثر.