استقبلت الحياة فاروق جعفر مع غروب رهبة مصطلح «الملك» وبالتحديد في أكتوبر 1952 وكأنها تحمله كمكأفاة متأخرة للجد النزاح من قرية توماس بحثًا عن غرفة صغيرة ولقمة عيش في حي المنيرة. رحلة مليئة بالمتاعب والتحديات خاضها الطفل النوبي بداية من عداء الأم مع الكرة والفقر مرورًا بالتنمر وضعف الجسد ونهاية بوصف «أوناسيس». لم يكن غريبًا على صاحب السيرة أن يستقبل عامه ال 71 بمغامره جديدة «كرسي رئاسة الزمالك» يشبه طريقها أدغال القارة السمراء، هرب منها سابقًا بتفضيله العمل التدريبي ووصف زميله محمود الخطيب بالمخطئ لذهابه إليها. ضيق السكن وسعة الحلم نشأ فاروق جعفر رفقة 10 أشقاء في منزل صغير لا يسع حركة الأطفال ولا خصوصية الحزن والوحدة، بحث عن ساحرة تمنحه حياة أخرى بفضاء واسع وقصة متعددة الفصول فدلته قدميه على المستديرة. الخطوة الأولى للطفل الموهوب كانت بتكوين فريق «النجوم الأربعة» رفقة شقيقه سيد واثنين من أبناء خالته، أصبح الفريق الأبرز في منطقة السيدة زينب والورقة الرابحة في تحديات الأحياء المجاورة. واجهت والدة فاروق جولاته بالحزم والمنع والضرب في كثير من الأحيان، فالبيت يحتاج إلى عمل يعين على صعوبة العيش والظروف القاسية لا تتحمل رفاهية إهدار الوقت بحثًا عن «الشراب» في الشوارع الضيقة. صيف 64.. معرفش مكان الزمالك؟ كان انتظار صيف 1964 مختلفًا نظرًا لاقتارنه بشهر رمضان المبارك، وهو ما يعني إغلاق الشوارع المميزة في الأحياء الشعبية لمنافسات الدورات الرمضانية. «حي المنيرة» تحديدًا دائما ما ينذر بأساطير ومن دوراته البسيطة خرج حمادة إمام وأحمد ماهر وعبدالعزيز هنداوي وعبدالعزيز حسن، وهو ما دفع حمادة الشرقاوي مدرب الزمالك لمتابعتها. وقعت أعين حمادة على قصير يجيد المرواغة ويمتلك قدرة رهيبة في تحويل الهجمات الواعدة إلى أهداف مسجلًا رباعية في مباراة واحدة رغم اهتمام الفريق الخصم بإيقافه. قال حمادة لفاروق: «تعالى بكرا نادي الزمالك» ليرد «أنا معرفش مكانه فين» قبل أن يتدخل إبراهيم عبدالرحمن «عليا أنا المهمة دي يا كابتن». المدرسة الرياضية.. مجاورة الكبار دخل فاروق جعفر في المدرسة الثانوية الرياضية وكانت ىسببًا في إنهاء مبكر لمسيرته، سعادته في تطوير تكوينه الجسدي بعد سلسلة من التنمر والانتقاد لحالته الصحية وقصر قامته. «بقى ده ممكن يكون لاعب» يقول فاروق جعفر أنه ضمن العبارات المحزنة التي لا ينساها في حياته ولكنه كانت دافع لمواصلة السير نحو المجد الكروي. تعرف فاروق في المدرسة على محمود الخطيب وغانم سلطان وعبدالعزيز عبدالشافي وإكرامي ومصطفى يونس وأسامة خليل والخواجة وغيرهم. ويقول فاروق جعفر أن أبرز ما تميز به هذه الجيل هو الأحلام المتشابهة والظروف الصعبة دون نغمة أهلي أو زمالك. الخوجة تحديدًا هو زميل عمر فاروق جعفر وياه شريك نجاح في تجربه بفصليها الأبيض والأسود وأيضًا لا ينسى صداقة عبدالعزيز عبدالشافي والذي كان يستقبله في منزله بشكل شبه دائم. نصيحة رأفت ومواقف حلمي يرى فاروق جعفر أنه كان من الصعب مواصلة مشواره لولا دعم محمد حسن حلمي الذي يعتبره «أب روحي» كما يتذكر مواقف لا تحصى ل رأفت عطية بداية من مقولته «يا فاروق لو سمعت كلامي يبقى مصر لا جابت ولا هتجيب زيك». ويدين فاروق بالفضل إلى رفعت الفناجيلي ويراه سببًا في زيادة عشق كرة القدم واكتساب الرؤية الفنية والقيمة داخل أرض الملعب وكذلك سمير قطب. صيف 1970.. قميص المنتخب استيقظ فاروق جعفر ذات يوم منتشيًا بليلة تاريخية جعلته الصدفة تاريخها الأول حينما منح الزمالك الفوز على الترسانة بعد غياب الثنائي حسن شحاتة وطه بصري، لتحمله الجماهير على الأعناق وتكتب انطلاقة نجوميته، يمسك جريدته المفضلة كالعادة ويفاجئ باسمه ضمن قائمة المنتخب الوطني. امتدت مسيرة جعفر مع الفراعنة لمدة 12 عاما ظل خلالهم ضن القائمة القصيرة لنجومه الأبرز ولم يغب سوا لأسباب قهرية مثل الإصابات. بين الشرطة والكرة كانت رغبة الأم هي رؤية فاروق جعفر «بالبدلة الميرى» فيما رى النجم أنها قد تحد من نجوميته واستمرار تواجده في صفوف القلعة البيضاء. واجه فاروق رغبة والدته مجددًا ة واستجاب لنصيحة أمير الرفاعي عضو مجلس إدارة نادي الزمالك بدخول كلية التربية الرياضية. عقود مغرية ولكنها مرفوضة تلقى فاروق جعفر خلال مسيرته عدد من العروض الاحترافية المغرية كان أبرزها من النصر السعودي مقابل 250 ألف جنيه في عام 1975، وفي عام 1979 تلقى رسالة ثانية من الدوري الإماراتي مقابل مليون درهم للنادي و75 ألف دولار للاعب. خاض فاروق جعفر تجربة احترافية قصيرة في صفوف نادي كوزموس الأمريكي عدم موافقة إدارة النادي الأبيض على رحيله وعدم منحه الاستغناء الخاص به. الاتجاه إلى التدريب فضل فاروق جعفر الاتجاه إلى المجال التدريبي بعد اعتزاله مباشرة وأكد خلال نفس الفترة أن الكرة كانت ستكتسب مدربًا كبيرًا لو اتخذ محمود الخطيب نفس قراره. تولى فاروق جعفر تدريب أندية الزملك وغزل المحلة وبلدية المحلة ومنتخب مصر وجمهورية شبين ومنتخب السويس والإسماعيلي والترسانة والمصري البورسعيدي وطلائع الجيش والداخلية والأنصار والرياض. ويعد فارق جعفر أبرز نجوم كرة القدم اللذين اتجهوا إلى التحليل الفني عبر الشاشات الفضائية من خلال التلفزيون المصري وقناة مودرن سبورت.