مالت عليه، تسند رأسه بيديها، سمعته يلتقط أنفاسه بصعوبة، وهو يردد: «هموت.. أنا عايز حقى هموت دلوقتى»، لتهمس بصوت مكتوم بالدموع: «مش هتموت متخافش.. بعد الشر، واستغاثت بمن حولها: «الحقوا ابنى بسرعة دمه هيتصفى». جريمة العمرانية.. قتل شاب بسبب خبطة «توك توك» بضعة ثوانِ سجلتها كاميرات المراقبة، لمشهد درامى دارت أحداثه بمنطقة العمرانية في الجيزة، كان حسام محمد، 27 عامًا، عامل، عائدًا من عيادة طبيب الأسنان، وبينما يتحدث إلى والدته بالتليفون مر سائق «توك توك» يُدعى «أدهم»، على قدميه، وحين عاتبه، وقعت مشاجرة بينهما، انتهت بقتله ب3 طعنات بالظهر والصدر، لتهرول أمه إلى الشارع، «لقيت ابنى سايح في دمه، والناس خايفة تشيله توديه المستشفى لحد ما مات»، تقول في حزن شديد وهى تنتظر استلام جثمان ابنها من مشرحة زينهم، لدفنه بمثواه الأخير «هوديك يا ضنايا قبرك، بدل ما تروح بيتك عريس». الأم وابنها حديثهما انقطع على كارثة، بينما يتكلمان عن المستقبل وأمنياته في الارتباط ب«ببنت الحلال»، ودعواتها التي تلاحقه «ربنا يحبب فيك خلقه ويوسع رزقك»، وثنائها على بره بوالديه «جوزى عنده مرض مزمن، وهو كان بيتشغل وبيساعدنا بمصاريف البيت». تحكى وهى تتذكر المكالمة الأخيرة «لقيت ابنى بيصرخ: (آى يا رجلى)، وبعدين سألته مالك: قاللى سواق (توك توك) داس عليا وهو ماشى، وفجأة سمعت مشادة بينهما لم تستمر غير 3 دقائق تقريبًا، وقعدت أزعق: يا حسام رد عليا.. خلاص سيب السواق ربنا يسهل له، وهو لا يجيب عليّا، وسمعته بيصرخ مرة ثانية: آى.. آى». على إثر صراخات «حسام»، هرولت الأم إلى الشارع، ولسانها لا يردد سوى «يا ابنى.. مالك.. فينك». وخلفها جيرانها يقفون في دهشة من السيدة وفعلتها التي استدعت «لمة كل المنطقة»، وكأن حدسها وحده من يدلها على مكان الابن وموقع رقوده مضرجًا في دمائه بشارع مقابل لمسكنه «روحت له، عينيه جت في عينيه، الأمل كان داخلى إنه هيعيش، ولازم يعيش ابن ال27 ربيعًا، فرحة عمرى، بص لىّ وقاللى: (هموت يا ماما)، وصعدت روحه إلى بارئها». والد ضحية جريمة العمرانية: «حقك يا ابني هيرجع بالقانون.. بس إنت مش هترجع» جُثمان «حسام» حُمل إلى مستشفى أم المصريين ومنه إلى مشرحة زينهم، وأمه لا تكف عن سؤالها «معقولة علشان واحد داس على رجل ابنى، يقتله علشان كلمتين؟!»، ثم تلطم خديها وترثى حالها «راح منى ضنايا»، تطلب من أحد الأطباء السماح لها بأن تلقى نظرة الوداع على الابن قبل الغُسل «لقيته قمر بدر منور، وعلى وشه ابتسامة راحة وكأن هموم الدنيا وقد انزاحت عنه». بالطرف الآخر من سرير كان مسجى عليه الابن وقف والده يجهش بالبكاء: «يا حبيبى، مش هشوفك تانى»، بينما يقول «حقك يا ابنى هيرجع بالقانون، بس إنت مش هترجع». جنازة الشاب العشرينى، كانت بحضور المئات، ووالد المجنى عليه يمسك بالنعش في مشهد أبكى الجميع: «ابنى راح غدر، اتضرب 3 طعنات، الجانى أخرج مطواة من بين طيات ملابسه، طعناته كانت قاسيات قتلته توًا». وأمام مقبرته وقفت الأم تولول: «وحشنى حضنك يا ابنى، المتهم داس عليك وقتلك، دا داس علينا إحنا وحرق قلوبنا». مشاعر الغضب كانت ملتهبة لدى أصدقاء «حسام»: «مش هناخد عزاء إلا بعد القصاص، عايزين حقه بالقانون»، ثم يعددون محاسنه «دائمًا كان بيضحك، حرام يموت كده»، يبكونه «من فرط طيبته باس على دماغ المتهم وبرضه لم يعجبه فقتله». أجهزة الأمن ضبطت المتهم، 18 عامًا، بحوزته أداة الجريمة، واعترف بأنه اختلف مع المجنى عليه على أولوية المرور بالشارع، ونال منه بالسبّ والقذف، فانتقم منه بتسديد عدة طعنات له، وأمرت النيابة العامة بحبسه احتياطيًا.
