رئيس جامعة عين شمس يشهد رفع وتحية العلم خلال استقبال العام الجامعي 2024-2025    بدء تسكين طلاب جامعة القاهرة بالمدن الجامعية وفق الجداول الزمنية    اعتماد "تربية كفر الشيخ" من هيئة ضمان جودة التعليم    سعر اليورو اليوم السبت 28-9-2024 في البنوك    رئيس الوزراء يتفقد مشروع الفندق الجبلي المطل على دير سانت كاترين    مجلس الشباب المصري يختتم فعاليات برنامج «تعزيز القدرات الاقتصادية لصناع القرار»    محافظ الفيوم يتابع أعمال تنفيذ برنامج توسعات الصرف الصحي بعدد من القرى ضمن مشروع القرض الأوروبي    رئيس الوزراء الفرنسي: الوضع في لبنان خطير للغاية    «خامنئي»: لبنان سيجعل إسرائيل تندم على أفعالها    تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    تشكيل مانشستر سيتي ضد نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي.. هالاند يقود الهجوم    بعد التتويج بالسوبر الإفريقي.. الزمالك راحة من التدريبات 7 أيام    وزير الشباب والرياضة يفتتح أعمال تطوير الملعب الخماسي بمركز شباب «أحمد عرابى» في الزقازيق    الأمير أباظة يكشف عن أعضاء لجان تحكيم مسابقات الدورة 40 من مهرجان الإسكندرية    سفير الصومال: إرسال مصر قافلة طبية إلى بلادنا يعكس موقفها الثابت بدعمنا في شتى المجالات    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    الضرائب: إتاحة 62 إتفاقية تجنب إزدواج ضريبى على الموقع الإلكتروني    رئيس الوزراء يتفقد أعمال تطوير مطار سانت كاترين الدولي    لإحياء ذكرى وفاته ال54.. توافد العشرات على ضريح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 18 مليون جنيه خلال 24 ساعة    بقيم درجات حرارة أعلى.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    وزير الإسكان يتابع استعدادات فصل الشتاء ب5 مدن جديدة    «أمن المنافذ»: ضبط 289 مخالفة مرورية وتنفذ 301 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    برلماني: التحول إلى الدعم النقدي يعزز الحماية الاجتماعية ويقلل منافذ الفساد    كانت دائما بتراضيني.. آخر ما قاله إسماعيل فرغلي عن زوجته قبل وفاتها    حكيم يشعل المنيا الجديدة باحتفالية ضخمة بمشاركة فريق مسار اجباري (التفاصيل والصور الكاملة)    الثقافة تحتفل باليوم العالمي للسلام مع أطفال الأسمرات بمركز الحضارة والإبداع    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    رئيس جهاز السويس الجديدة تبحث مع مستثمري منطقة عتاقة تنفيذ السياج الشجري بطول 7 كيلو    شهداء وجرحى بقصف إسرائيلي على النصيرات والمغازي    وكيل صحة البحيرة يزور مركز طب الأسرة بالنجاح| صور    وزير التعليم العالي يتفقد جامعة حلوان ويطمئن على انتظام الدراسة    ضبط 4 متهمين بالحفر والتنقيب عن الآثار في القاهرة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا جديدا أُطلق من لبنان    الاثنين.. القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر في نقابة الصحفيين    رانيا فريد شوقي وحورية فرغلي تهنئان الزمالك بحصد السوبر الإفريقي    "عمر كمال ورامي ربيعة الأعلى".. تقييمات لاعبي الأهلي بالأرقام خلال مباراة الزمالك في السوبر الأفريق    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    رئيس هيئة الدواء: أزمة النقص الدوائي تنتهي خلال أسابيع ونتبنى استراتيجية للتسعيرة العادلة    «الداخلية» تحرر 508 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وتسحب 1341 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    تشكيل أرسنال المتوقع أمام ليستر سيتي.. تروسارد يقود الهجوم    الرئيس الإيراني يدين الهجمات الإسرائيلية على بيروت ويعتبرها "جريمة حرب" آثمة    أوستن: لا علم للولايات المتحدة بيما يجري بالضاحية الجنوبية لبيروت    مقتل شخص في مشاجرة بسبب خلافات سابقة بالغربية    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    اليوم.. محاكمة سعد الصغير بتهمة سب وقذف طليقته    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    كولر: لم نستغل الفرص أمام الزمالك.. والخسارة واردة في كرة القدم    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فارس من فرسان الزمن الجميل
نشر في المصري اليوم يوم 24 - 07 - 2010

ما أحوج الأمم العظيمة- عندما تتكاثف عليها الظلمات وتنهشها الأزمات والمشكلات- لأن تستعين بماضيها المشرف على حاضرها البائس المأزوم، وتستلهم أهم شخصيات هذا الماضى ورموزه كى تنعش ذاكرة أبنائها شيوخاً ورجالاً وشباباً.
وفى حياة كل أمة شخصيات عظيمة تستحق الاستلهام وإعادة البعث من وقت لآخر، لأنها تؤمن بقيمة الزمان والمكان والإنسان والتاريخ وتعرف جيداً ما فى الحياة من معان وأهداف، وتعى قيمة الحلم والطموح والمثابرة، فى حياة كل أمة شخصيات همها وشغلها الشاغل مواجهة التخلف والرجعية والدفاع عن الحريات ونشر الديمقراطية والأخذ بيد الناس من ظلمة الجهل والتخلف إلى نور المعرفة، من متاهة الفوضى والعشوائية لطريق النظام والنهضة والتطور، من مرارة اليأس إلى منتهى الأمل، ومصر النيل والأهرامات والمساجد والكنائس والمعابد والطبيعة الخلابة الساحرة أنجبت لنا الكثير من هذه الشخصيات العظيمة، وما أحوجنا نحن المصريين فى هذه الأيام الصعبة المرة لاستعادة الثقة فى أنفسنا والاقتداء بشخصيات ربما رحلت عن عالمنا بجسدها، ومع ذلك لاتزال بيننا بآرائها وأفكارها وإنجازاتها الجديرة بكل احترام، وفى يقينى أن نصف الكوب الملآن الذى يمكننا أن ننظر إليه سنجده فى تلك الحقبة الممتدة من بداية مصر «محمد على» حتى قيام ثورة يوليو.
وقد عرفت هذه الفترة المضيئة أقطاباً فى شتى علوم الحياة منهم: رفاعة رافع الطهطاوى وعلى مبارك وعبدالله النديم وجمال الدين الأفغانى ومحمد عبده وسعد زغلول ومكرم عبيد، وأحمد لطفى السيد والذى يجب أن أتوقف عنده كثيراً بوصفه أهم رواد التنوير وأئمة الليبرالية وفيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة وأول من سمع الناس منه عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وتداول السلطة وأحد أهم عناوين النهضة المصرية الحديثة. والحقيقة أن الرجل تجاوز عصره، وما سبق أن نادى به بالأمس هو نفسه ما بٌحت من أجله أصواتنا اليوم، والظلم والقهر والاستعمار التى رفضها لطفى السيد هى نفسها الظلم والقهر والاستعمار التى نعيشها اليوم، وإن اختلف الزمن واختلف المستعمرون والمستعبدون.
منذ أن دخل أحمد لطفى السيد مدرسة الحقوق عام 1889، سعى لأن يكون له دور فى ذلك المجتمع الجديد، فاختار لنفسه من يخالل، كى يضمن نجاحه فى استكمال المشوار، ونجح بمعاونة صديقه عبدالعزيز فهمى فى إصدار مجلة بعنوان «مجلة التشريع»، ومع صديقه عبدالعزيز فهمى أيضاً، يؤسسان أول جمعية سرية أطلقا عليها اسم جمعية تحرير مصر، وكان هدفها إيقاظ الوعى فى الناس لتخليص البلاد من الاحتلال البريطانى وتصحيح مسار الحكم والدعوة لتأسيس نظامين دستورى وبرلمانى ووضع حد للامتيازات الأجنبية، وقد علم الخديو عباس حلمى بأمر هذه الجمعية، ولرغبته فى تقليص نفوذ المعتمد البريطانى «كرومر» على سلطانه، رأى من مصلحته دعم هذه الجمعية وأوعز للزعيم مصطفى كامل بأن يتصل بلطفى ويخبره برغبته فى الاجتماع معه والانضمام إليه، وعقد الاجتماع فى منزل محمد فريد وفيه أعلن عن ميلاد الحزب الوطنى السرى برئاسة الخديو.
انتهى لطفى من دراسته فى كلية الحقوق، ولم ينته من معاركه الحياتية لثقته بأن الوطن السليم فى الشباب السليم، وأن رجلاً بلا موقف، هو مجرد مشروع كيان بشرى بلا قيمة، لذلك بعد تعيينه فى النيابة بعدة سنوات، وقع فى خلافات مع النائب العمومى «كربت بك» بسبب تكييفاته القانونية الخاطئة. لم يطأطئ لطفى رأسه كى تمر العاصفة، ولم يؤثر الصمت طلباً للسلامة، وأصر على أن يقدم استقالته من النيابة فراراً بنفسه من قيود وظيفة رآها عكس ما يؤمن به،
وبعد أن زاد الإنجليز من مظالمهم للمصريين ونهبهم المتعمد لثرواتهم وسعيهم للاستئثار بالسودان وارتكابهم الفظائع فى دنشواى، قرر لطفى السيد مع مجموعة من أصدقائه إنشاء جريدة «الجريدة» فى عام 1907، كى تكون أداة لمكافحة الاستعمار ونافذة يطل منها الناس على واقعهم، ولتكون لسان حال حزب الأمة الجديد الذى تم إنشاؤه بعد صدور الجريدة ستة أشهر، وقد عين لطفى السيد مديراً لتحريرها، واستمرت سبع سنوات تقريباً، نجح خلالها لطفى فى أن يفجر قضايا مهمة ويسقط كثيراً من المؤامرات التى كانت ربما ستؤثر تأثيراً مباشراً على مسار الكفاح الوطنى فيما بعد، ومن هذه المؤامرات:
أولاً: طالب الإنجليز بطرس باشا غالى رئيس الوزراء- من عام 1908- 1910- بضرورة إعادة العمل بقانون المطبوعات الذى سبق أن صدر فى عهد الخديو توفيق عام 1881، ولأن بطرس كان أهم حلفاء الإنجليز وافق على إعادة بعث القانون الظالم من جديد فى 25 مارس عام 1909، فى خطوة كان أهم أهدافها تكميم الأفواه وتقييد الحريات ومصادرة الصحف وإغلاقها، مما أغضب الوطنيين، منهم أحمد لطفى السيد، الذى أطلق نيران مقالاته من منصة جريدته، حنقاً على إعادة القانون ومن أصدر القانون، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سافر إلى إنجلترا لمقابلة وزير الخارجية الإنجليزى للاعتراض عنده على هذا الموقف، لكن الوزير لم يقابله لانشغاله، وأحال الأمر إلى وكيله الذى وعد لطفى خيراً، لكن الخير لم يأت، مما اضطر لطفى للدعوة إلى عمل نقابة للصحفيين يتحركون تحت مظلتها، لحماية أنفسهم من كل ما يهدد استقلاليتهم وحريتهم فى التعبير وبالفعل أعلن عن ميلاد نقابة للصحفيين عام 1912.
ثانياً: كانت بريطانيا تريد زيادة انتفاعها بقناة السويس، مدة 40 سنة جديدة، من سنة 1968 إلى سنة 2008، وجهزت مشروعاً بهذا الخصوص، وكان بطرس باشا يجتهد فى إخفائه عن الصحافة والحركة الوطنية، حتى يمكن تمريره دون ضجة، ونجح فى عملية الإخفاء هذه لمدة عام، لكن الصحافة التى لا تخفى عليها خافية، فضحت الأمر، من خلال الزعيم الوطنى محمد فريد، الذى استطاع الحصول على نسخة من مشروع القانون، ونشره فى جريدة اللواء،
ولذا قامت الدنيا ولم تقعد، وهاج الرأى العام وذهب لطفى دون تردد إلى بطرس غالى ليعبر عن احتجاجه وحزب الأمة على هذه الخطوة، ووقتها كان جواب بطرس للرجل عجيباً حيث قال: «يا لطفى انزل من السحاب، وخليك معانا على الأرض، الإنجليز مش هايتنازلوا أبداً»، لكن لطفى لم ينزل عن سماء عزته ولم يتنازل عن كرامة الوطن أو حقوقه، وطالب بعرض الأمر على الجمعية العمومية التى رفضته جملة وتفصيلاً، وكان للطفى ما تمنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.